مرة ثانية… شيطان الإرهاب يلدغ الآمنين علي طريق الدير في المنيا
يوسف سيدهم
السبت ١٠ نوفمبر ٢٠١٨
بقلم يوسف سيدهم
للمرة الثانية تروع مصر علي أثر جريمة إرهابية يشهدها طريق دير الأنبا صموئيل المعترف بالمنيا… بعد جريمة مايو من العام الماضي التي راح ضحيتها من استشهد ومن أصيب, يتكرر السيناريو ذاته الأسبوع الماضي ليستشهد سبعة ويسقط زهاء خمسة عشر مصابا وسط الرعب والهلع والدماء.
قلبي مع الأسر الملتاعة من جراء تلك التجربة الرهيبة ومن فقدت من أحباء ومن تتعلق بأمل تعافيه من المصابين… قلبي مع الكنيسة التي تمتحن مرتين في كل جريمة إرهابية تحيق بها وبشعبها:مرة في إيمانها الراسخ الذي لايتزعزع وتحصينها لشعبها ألا يواجه العنف بالعنف وأن يصلي من أجل جلاديه, ومرة في وطنيتها الأصيلة التي تسبغ عليها الحكمة في إدراك أن مصر التي ابتليت بالإرهاب لا سبيل أمامها لدحره سوي تكاتف شعبها كله بمسلميه ومسيحييه واصطفافه بقوة مع رئاسته وحكومته وأمنه وجيشه… قلبي مع مصر التي تخوض حربا شعواء بلا هوادة ضد شيطان لعين يصر علي تمزيقها ويرقد متربصا بأي فرصة ليضرب الأمناء والأبرياء والعزل,لكن هيهات أن يتمكن من إرباكها أو إسقاطها.
هذه أوقات صعبة نمر بها مع كل جريمة إرهابية تباغتنا وتخلف شهداء أبرارا ومصابين مكلومين وأسرا متألمة, ففي هذه الأوقات يتحدث البعض عن الثغرات الأمنية في مسرح الأحداث وعن التقصير الأمني في حماية الأرواح وعن حتمية مساءلة المسئولين الأمنيين وحسابهم إزاء ما جري… وفي مقابل ذلك يتحدث البعض الآخر عن هول المواجهات التي تخوضها أجهزة الدولة- شرطتها وأمنها وجيشها وقواتها الخاصة- في معركتها الرهيبة الممتدة زمنيا وجغرافيا لتعقب ورصد واجتثاث بؤر الإرهاب وتدمير معاقله ودروبه ومسالكه وأدواته, والحصيلة الهائلة لما حققته تلك المواجهات في تأمين مصر وشعبها وقطع الطريق علي محاولات لا تنتهي للعناصر الإرهابية للإيقاع بهذا البلد… ولا يخفي علينا جميعا أن حربنا ضد الإرهاب لا تخضع لقواعد المواجهات العسكرية بين الجيوش المتحاربة حيث ميادين المعارك واضحة وموازين التسليح معروفة ومهارات الخطط والتكتيك تحدد ملامح من يفوز ومن يخسر في النهاية… للأسف الحرب ضد الإرهاب ليست لها قواعد ولا ميادين ولا حسابات عسكرية, ومهما حققنا من انتصارات تظل هناك احتمالات تربص الإرهاب بالآمنين والعزل وتسلله من خلال طبيعة وعرة ودروب ملتوية ومسالك بعيدة عن المسارات المطروقة لينقض ويعترض طريق ضحاياه ويفتك بهم.
فإذا كان المسكوت عنه قبل الحادث الغادر الذي وقع الأسبوع الماضي والمنطوق به بعد الحادث يدور حول تأخر تعبيد كامل أطوال الطرق المؤدية إلي الدير علاوة علي تأخر ربطها بشبكات الاتصال عن طريق أجهزة المحمول مما يجعلها علي درجة غير قليلة من الخطورة يسيل أمامها لعاب الإرهاب اللعين ليتربص وينقض ويضرب … فإنه في المقابل يستحق الأمر منا أن نطالب بلا هوادة بتدارك ذلك التأخير من جانب أجهزة الدولة, وإلي أن يتم التعبيد والتأمين المأمول نتروي في ترك البسطاء والآمنين والعزل يقطعون -تلك الطرق والدروب- جيئة وذهابا دون الحماية الواجبة… ونحن نعرف تمام المعرفة الفرق بين الحركة الحرة المكفولة للأفراد بلا قيود,وبين الحركة المنظمة للقوافل التي تتحرك في حراسة الأمن وتأمينه… لماذا لا نفعل ذلك؟