الأقباط متحدون - الإبادة الجماعية
  • ١٨:١٠
  • الاربعاء , ١٤ نوفمبر ٢٠١٨
English version

الإبادة الجماعية

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٤٤: ١٠ ص +02:00 EET

الاربعاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٨

تعبيرية
تعبيرية

د. مينا ملاك عازر

مرة أخرى وليست أخيرة -بإذن الله- أجد نفسي مضطراً للعودة للتاريخ والمستقبل المسكوت عنهما، وأقلب في خرائط الجغرافيا ليقف أصبعي عند نقطة محددة في قارة فرقندون حيث دولة إرغندان حيث مجاهل الإنسانية المعذبة بسبب طمع بعض البشر وجشع أشباه بني آدم، وأحكي لكم الآن عما جرى هناك في زمن من الأزمان لا أعرف إن كان أمس أم الغد أم الآن.
 
في لحظة ما شعر شعب إرغندان أنه بيتقلب، وإنه يطالب بما لا أحد من المسؤولين يعمله، ولا حيعمله، مطلوب منه عدم الفساد، وهم يبرمون الصفقات المشبوهة، مطلوب منه حب الوطن والمسؤولين يحبون أنفسهم ويشيدون مدن تشهد لهم وتخلد أسمائهم وغيره وغيره، ولما حاول هذا الشعب المأسوف عليه أن يقول لماذا غلوا عليهم القلقاس والبنانا؟ ولما قالوا حرام، قال المسؤول إياه هش بلاش كلام عايزين تبنوا وطنكم ونفسكم تاكلوا ده مش كلام، إللي عايز يبني وطنه لا يفكر في أكل ولا شرب ولا كلام.
 
الشعب الغلبان انكفى على وشه وقال يمكن يكون كده محتاج بناء الأوطان، فسألهم فصيحهم ومحرضهم على التفكير، طب ولما يبنوا الأوطان وما يلاقوش حد فيها ساكن حايعملوا إيه؟ وتابع يشرح من غير انتظار عشان عارف إن المسؤولين لجموا العقول وقال ما هو لما ما ناكلش وما نشربش أكيد حنموت يبقى لمين بيبنوا الأوطان؟ وبعدين القلقاس والبنانا دول أكل الفقير الغلبان، يبقى ليه بيعملوا كده؟ فرد واحد ماسك طبلة، وقال ما هو عمل اللي عليه بس هم بني الحيوان اللي خزنوا الحاجة وغلوها، وهما صادروها وباعوها ليكم، فرد الفصيح وقال بنفس الأتمان؟ فقامت خناقة كبيرة، ده يدافع عن ده، وده يدافع عن ده، وإتلهى الشعب الغلبان، وفجأة قاطعهم صوت أحد المسؤولين وهو يقول في الإعلام، إحنا لازم نفكر في مجانية التعليم، عشان عملت لنا شعب همج وغوغاء لا يستحقون الحياة، فصرخ الراجل من وسط الخناقة والنزاع، بس يا بشر لا أكل ولا شرب ولا تعليم، حايأكلوا عيالهم بس، ويشربوهم هما بس ويعلموهم، وإحنا سمع هس.
 
وكانت المفاجأة لما خرج المسؤول الكبير، وقال مالكمش زيادة في المرتب عايزين نبني فصول، ما تزعلوش، تختاروا الفصول ولا الكام ملطوش ومالكمش حجة تقولوا فيها آديكم فهمتم اللي فيها، إحنا محتاجين فصول ومحتاجين فلوس، فرد الفصيح اللي مسحوب من لسانه، وقال طب بنيته مدن ليه لما كان الأهم تبنوا مدارس؟ وآهو كله بنا، بس بنا عن بنا يفرق، ده ينفع ويفيد يبني العقول وده بيفيدكم ويأمنكم وبس، فقال الكبير ده اللي عندنا شوفوا بقى إنتم عاملين تختاروا تسيبوا زياداتكم عشان نبني المدارس اللي خدنا ميزانيتها عشان نجيب لكم أجهزة نتمنظر بيها عليكم وعلى اللي جابوكم، ولا نزود المرتبات ونسيب عيالكم مجبورين على الحضور في فصول فيها المئات، المسؤول الصغير شوية وقال وإيه يعني لما يكون الفصل فيه المئات؟ كثافة مش عالية ده إنتم أصحاب عقول بالية ونظر للكبير بتاعه وقال خليهم يولعوا ما بين نار الأسعار وعدم زيادة المرتبات، ويبقى كده نخلص منهم ولا نتهم بأننا عملنا لهم إبادة جماعية.
 
المختصر المفيد القتل البطيء الرحيم الذي بلا دماء.