بقلم: مجدي ملاك
بعدما أعلن مجلس الشعب عن تخصيص ما يقرب من 64 مقعد للمرأة داخل مجلس الشعب، أثيرت العديد من الأقاويل حول إمكانية تخصيص كوتة للأقباط في هذا الشأن خاصة أن هناك العديد من الطروحات قد سبق وتم طرحها من أجل استخدام التمييز الإيجابي كوسيلة أساسية وفعالة من أجل زيادة دمج الأقباط في الحياة السياسية، وقد قال الكثير من المحللين والمختصين في هذا الشأن أن ذلك الأمر يجب أن يكون مؤقت، حيث سيساعد التمييز الإيجابي على زيادة اعتياد الأفراد في المجتمع على وجود الأقباط كجزء من الحياة السياسية داخل مصر ومن ثم تمثيلهم بشكل يساعد على تحقيق مصالحهم ومصالح المجتمع الذي يعيشون فيه، ولكن لماذا بدأت الدولة بكوتة المرأة دون كوتة الأقباط؟، هل يمكن اعتبار ذلك ضمن الكوسة التي ترغب الدولة في فرضها بشكل أو بآخر؟، وأنا هنا لا أحاول التقليل من قيمة ذلك القانون الذي يعمل على زيادة تمثيل المرأة في البرلمان بالشكل الذي يجعلها عضو فاعل في المجتمع ولكن الإعتراض الأساسي هنا أن الأقباط في تلك المرحلة من التاريخ هم الأكثر أولوية من غيرهم في ذلك التمثيل، ذلك لأن هناك العديد من الإعتبارات التي تجعل منهم أكثر أهيمة في تلك المرحلة.
أول تلك الأسباب أن الأقباط يعانون في الفترة الأخيرة من العديد من المشاكل التي تحتاج إلى من يدافع عنها داخل مجلس الشعب تمثيل حقيقي، ومن أهم تلك المشاكل قضية بناء الكنائس التي تعتبر الهم الأكبر بالنسبة للأقباط، كما أن زيادة تمثيل الأقباط داخل مجلس الشعب سيساعد بشكل أو بآخر عل تقليل تدخل وإحراج الكنيسة في تلك الأمور حيث تضطر الكنيسة في كثير من الأحيان للتدخل في العديد من الأمور نتيجة غياب التمثيل القبطي الذي يستطيع توصيل الصوت القبطي للحكومة بما يساعد على حل المشكلات، وثاني تلك المشكلات هي تلك المتعلقة بسياسات التعليم التي تفرضها وزارة التعليم دون أدنى مراجعة لما تحويه من أمور ربما تمس الجانب القبطي، وليس هذا هو موضوعنا الآن، ولكننا فقط نمس بعض من الجوانب التي تصب في وجهة النظر التي تذهب أن الكوتة في تلك المرحلة أهم للأقباط من غيرهم من الفئات، وحينما أجريت حوار مع الأستاذ أمينة النقاش في هذا الشأن الأسبوع الماضي وقالت لى ذلك التعبير تأكد لي الإعتقاد بأن الدولة المصرية تحاول عن عمدًا تجاهل الأقباط، ولا يمكن هنا أن تحاول الدولة أن تتحجج بقضية التيارات التي يمكن أن تعارض التمثيل القبطي.
أما السبب الثاني في أهمية تلك الكوتة بالنسبة للأقباط هو التقليل من الغبن الواقع على الأقباط نتيجة الشعور الدائم بالتجاهل من قبل الدولة، ومن ثم سوف يساعد ذلك على تقليل السلبية التي خلقتها الدولة في الأقباط نتيجة غياب أي مشاركة فعالة لهم في الحياة السياسية وهو ما سيعطي شعور حقيقي بالمواطنة الحقيقية البعيدة عن التمثيل أمام كاميرات التليفزيون، فالأقباط يحتاجون للشعور أن مشاركتهم حقيقية وليست في شكلها الفوقي فقط من خلال القيادات القبطية العليا التي بالضرورة يجب أن تسلك المسلك الدبلوماسي مع الدولة في العديد من المشاكل لأنها تشعر في كثير من الأحيان بالإحراج في الصدام مع الدولة، أما في حالة التمثيل الحر المباشر فلن يشعر أحد بالإحراج وسوف تكون هناك شفافية في التعامل مع الكثر من القضايا التي تسبب إحراج كبير للقيادات الدينية التي تتولى تلك الملفات.
السبب الثالث في أهمية تلك الكوتة بالنسبة للأقباط هو تقليل حدة الخلافات بين أقباط المهجر والدولة، وهو ما يصب في مصلحة الإثنين معًا، فالمعروف أن واحد من المطالب الأساسية لأقباط المهجر هي العمل على زيادة تمثيل الأقباط، حتى يستطيعون الدفاع عن مصالحهم، وبالتالي فإن تحقيق ذلك الهدف سيعمل بشكل أو بآخر على تقليل الخلاف والصدام بين الدولة وأقباط المهجر، وتقليل هذا الصدام لا شك سينتج عنه العديد من المزايا التي تتعلق بإمكانية أن يكون أقباط المهجر قوة اقتصادية لمصر، فحين يطمئنون لشفافية الدولة وحرصها على الأقباط في الداخل والخارج، سيشجع الكثير منهم على الاستثمار داخل بلدهم الأصلي، وهو الأمر الذي سيصب في نهاية المطاف في مصلحة الدولة المصرية حيث ستخلق تلك الاستثمارات فرص عمل كبيرة للعديد من الشباب على اختلاف انتمائتهم وهو ماسوف يساعد على دمج الجميع دون أي تحيزات يمكن أن تزيد من التوتر بين كل من الطرفين.
السبب الرابع في أهمية الكوتة بالنسبة للأقباط هو تحقيق السلام في المجتمع بشكل عام، وهي واحدة من أهم النقاط التي يجب أن تتلفت لها الدولة المصرية، فطوال السنوات السابقة افتقد الأقباط للسلام الداخلي في المجتمع نتيجة الاحتكاكات الكبيرة التي كانت تحدث بين الأقباط وغيرهم داخل المجتمع نتيجة التحرش بهم واستضعافهم داخل المجتمع، ومن ثم فالكوتة ستمثل نقطة توازن لا اقول نقطة قوة للأقباط.
على الدولة المصرية أن تتفهم حساسية أن تقوم بتمييز المرأة بشكل إيجابي وتترك الأقباط دون حتى أن تذكر أن هناك مشاريع مستقبلية لكيفية علاج هذا الأمر، لأن عدم الاهتمام بتلك القضية وتركها للتكهنات والظروف المحيطة هو أمر يزيده صعوبة، ولكن إذا ما كان هناك برنامج عمل تتسم الدولة فيه بنوع من الشفافية تجاه تلك القضية سيساعد ذلك بلا شك على تقليل حالة الترقب التي يعيش فيها الجميع، والتي يتساءل فيه الجميع أيضًا عن سبب تجاهل الدولة للأقباط في التمثيل داخل مجلس الشعب، في حين أعطت اهتمام أكبر للمرأة، وأكرر هنا أننا لسنا في تنافس مع المرأة حول تلك الكوتة، ولكننا ننظر بعين محللة لمجمل الأوضاع وأي من الفئتين كان واجب التمثيل قبل الآخر، فإذا كانت المرأة تعاني من التهميش، فالأقباط يعانون من التهميش والاظطهاد والتجاهل والعنف والتحيز داخل المجتمع، فمشاكل الأقباط كانت أولى بإيجاد فئة ممثلة لهم لتدافع عن مصالحهم.
والدور إذًا علينا نحن المهتمين بذلك الشأن.. فلا يجب أن نضيع هذه الفرصة بزيادة الضغط والمطالبة بضرورة التفكير في ضرورة تمثيل الأقباط، وأن الإنتخابات القادمة لا يجب أن تمر دون أن يكون هناك حل عملى لتمثيل الأقباط، فتلك يمكن تسيتها بالفرصة الذهبية من أجل الضغط لزيادة تمثيل الأقباط، فهم أولى من غيرهم في الإستجابة لمطالبهم، وإذا كانت الدولة تتعمد تجاهل تلك المطالب فيجب علينا أن نلفت النظر وبقوة تجاه تلك المطالب في هذا الوقت بالتحديد لأن الفرصة من وجهة نظري في هذه الأيام أكبر من سابقتها، لذا فتلك يمكن اعتبارها دعوة هامة لكل أصحاب الرأي من أجل أن يدلي كل منا بوجهة نظره في كيفية الضغط في تلك المرحلة من أجل تمثيل عادل للأقباط، فالأقباط أولى من المرأة بهذا الحق في هذه المرحلة.