شخبطة سعادته!!
بقلم: مينا ملاك عازر
شخطب شخابيط، لخبط لخابيط، مسك الألوان ورسم على الحيط.. رسم إيه؟ رسم وطن، رسم ميدان فاضي بلا ثوار، والثوار انقسموا وتاهت الثورة منهم في شوارع وحواري وأزقة السياسة المهلكة، تاهت ولم يجدوها، منذ أن فرطوا في الميدان يوم 11/2 الماضي، وسلموها- قل تركوها- للمجلس العسكري الذي استلمها من "مبارك" تسليم مفتاح!!
نرجع للرسم على الحيط، فقد رسم المتخلي رسمته ورفضها الثوار، وعادوا وقبلوا نفس الرسمة من المجلس العسكري. فقد اقترح "مبارك" تعديل الحكومة فرفضوه من "مبارك" وقبلوه من المجلس العسكري بنفس الوزراء، بتعديل بسيط في رئاسة مجلس الوزراء. ثم رفضوا إجراء تعديلات دستورية من "مبارك" فقبلوه من المجلس العسكري الذي عاد وضرب بقبولهم عرض الحائط وقرَّر إلغاء نتيجة الاستفتاء، وأعلن إعلانًا دستوريًا. رفض الثوار بقاء النظام وطالبوا بإسقاطه فبقى النظام وتغيرت الأشخاص. طالبوا بمحاكمة "مبارك" فحاكموه محاكمة سينمائية وطولة العمر ليك، وطولة البال تبلغ المنى. أراد "مبارك" انتخابات في شهر سبتمبر فكان له ما أراد. ولولا الضغوط الشديدة تأجلت لنوفمبر، وإنحل مجلس الشعب بقرار من المجلس العسكري، الأمر الذي لم يكن له لزوم لأنه من المفترض سقوطه بسقوط النظام الذي سقط، وكان من المفترض أنه وهو بيسقط يسقط معاه الدستور، ففوجئنا أنه يعدل بناءًا على استفتاء لم يستفد به البلد، وإنما استفاد به المتشددون والمتطرفون، ذلك الاستفتاء الذي لا يزد عن كونه إهدارًا للمال العام، وتجلَّى الإهدار في الخطوة التي تلته حين تم إلغاء نتيجته بالإعلان الدستوري.
وسأحكي لحضرتك حكاية لا ترويها لأحد، فما شخبطه "مبارك" نفَّذه المجلس العسكري، فصارت شخبطة "مبارك" تخطيط لمستقبل حياتنا حتى وهو خارج السلطة، هذه هي الحقيقة. وللأسف، المجلس الذي أنقذ الثورة وهي في الميدان، اغتالها وهي خارج الميدان. فـ"مصر" قبل الثورة كانت تعيش في ظل شخبطة أولاد سعادته تخطيطًا لمستقبل حياتينا، صرنا اليوم شخبطة سعادتك نفسها تخطيط لمستقبل البلد، وانتقلنا من تمديد الحكم أو توريثه لـ"جمال" إلى إهداء الحكم للمجلس، وللأسف المجلس لم يقبل الهدية فأهدى الحكم للإخوان والسلفيين.
الفقرة السابقة، أرجوك لا ترويها لأحد، فهي سر خاص غير قابل للنشر بين الناس، فقط للنشر على حبل الغسيل حتى تنشف البلد ويجف ماء ثورتها، ويهدأ النهر من فيضانه، ويخلو الميدان من الثوار، ويبقى في الميدان من حرَّموا الثورة على الحاكم ما دام الحاكم لا يؤذيهم، لكن ما دام الحاكم أراد غير إرادتهم، فيحق الخروج عليه.
والسؤال الآن، هل نخرج على الحاكم أم نبقى كما نحن، ونترك البلد بين أيادي مرتعشة تخشى غضب الجهلة والمتطرفين؟!!
أخيرًا، يبقى لحضرتك أن تعود للفقرة التي لا يجب نشرها، وتتأملها، ثم تسمعها غيابي، وتبدأ في السعال بشدة، ثم تقوم من على الكمبيوتر وأنت تقول "يا ساتر يا رب"، أنا منظري حاموت وأريح وأستريح، وأسيب البلد فاضية هدية للمحظوظين!
المختصر المفيد، ما رفضه الثوار من "مبارك" قبلوه وأُجبِروا عليه من المجلس العسكري.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :