الداء السكري الحملي: الأعراض والأسباب والتشخيص والعلاج
صحة | أنا أصدق العلم
الثلاثاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٨
السكري الحملي-Gestational Diabetes هو نمط من السكري يتطوّر أو يُشخّص لأول مرة أثناء الحمل.
ومثل الأشكال الأخرى من الداء السكري، يوجد هنا مستويات عالية من السكر في الدم.
في كثير من الأحيان، يكون السكري الحملي عبارة عن اضطراب مؤقّت يحدث في الثلث الثاني من الحمل ويختفي بعد الولادة، لكن يجب مراقبة النساء المصابات بعد الولادة عن كثب، لأنهنّ أكثر عرضة للإصابة بالداء السكري في وقت لاحق من الحياة، وفقًا للمعهد الوطني للصحة (NIH).
وجدت دراسة عام 2014 من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أنّ حوالي 4-9% من النساء الحوامل في الولايات المتّحدة يُصَبْن بالسكري الحملي.
يحدث الداء السكري الحملي بشكل أكثر تواترًا بين مجموعات عرقية معيّنة، بما في ذلك الأمريكيون من أصل أفريقي، واللاتينيون، والأمريكيون الهنود، والآسيويون، وسكان جزر المحيط الهادئ وفقًا لـ March of Dimes.
الأعراض:
لا تعاني النساء المصابات بسكري الحمل عادةً من أيّة أعراض أو قد توجد أعراض معتدلة لا تهدّد الحياة، وفقًا للمعهد الوطني للصحة.
ترتبط هذه الأعراض في الغالب بمستويات سكر غير طبيعية في الدم، ويمكن أن تشمل التعب والعطاش وزيادة التبول.
الأسباب:
يقول الدكتور كريستوفر غلانتز، أستاذ طبّ التوليد والأمراض النسائية في مركز جامعة روشستر الطبي: «خلال فترة الحمل، تحدث تغيّرات في جسم الأم لجعل السكر أكثر توافرًا للجنين».
أحد هذه التغييرات هو أن المشيمة تنتج هرموناتٍ تتداخل مع عمل الإنسولين وتساعد على وصول السكر (الغلوكوز) من مجرى الدم إلى الخلايا.
وهذا يعني أنّ السكر في مجرى الدم للأم أقلّ قدرة على الوصول إلى خلاياها الخاصّة، ما يؤدي إلى ارتفاع في مستوى السكر في الدم.
وعادةً يأخذ الجنين هذا السكر الإضافي، وبالتالي النتيجة النهائية هي أنّ نسبة السكر في دم المرأة تنخفض، حسب قول غلانتز.
ولكن عند بعض النساء، قد تفرز المشيمة الكثير من الهرمونات المقاومة للإنسولين، ما يؤدي إلى زيادة في سكر دم الأم.
إذا ارتفعت مستويات السكر في الدم إلى مستوى عالٍ بشكل غير طبيعي، فإنّ هذا يُعتبَر داءً سكريًّا حمليًّا.
قد تكون بعض النساء مصاباتٍ بسكري قبل حملهن (على سبيل المثال، لأن لديهن زيادة في الوزن أو بدانة، وهو عامل خطر للحالة)، والحمل يفاقم الأمر، ما يؤدي إلى سكري حملي، حسب غلانتز.
قد تكون هناك نساء أخريات مصابات بداء سكري غير مُشخَّص قبل الحمل ولكن يُشخَّصن به لأول مرة خلال الحمل.
قد تؤدي التغيرات في مستويات هرموني الأستروجين والبروجستيرون أثناء الحمل إلى مزيد من تعطيل توازن الغلوكوز والإنسولين في الجسم.
عوامل الخطر:
وفقا للمعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى (NIDDK)، فإنّ عوامل خطر الإصابة بسكري الحمل تشمل:
زيادة الوزن أو السمنة
وجود حالة ما قبل السكري-Prediabetic
ولادة سابقة لطفل يزن أكثر من 4 كغ
وجود فرد من العائلة مصاب بالسكري من النمط الثاني
إصابة بالسكري الحملي سابقًا
التشخيص:
تُجرى فحوصات السكري الحملي عادةً خلال 24 إلى 28 أسبوعًا من الحمل، وفقًا للمعهد الوطني للصحة.
قد تُستقصى بعض النساء في وقت مبكّر من الحمل إذا كان لديهنّ عوامل خطر لمرض السكري الحملي.
قد تخضع النساء أولًا لاختبار فحص الغلوكوز، إذ يشربن محلولًا سكريًّا، ثم يُكشَف عن مستوى السكر في الدم بعد مرور ساعة.
إذا كانت نسبة السكر في الدم لدى المرأة أعلى من المعدّل الطبيعي، فقد تحتاج للخضوع لاختبارٍ ثانٍ يُسمّى اختبار تحمُّل الغلوكوز، وفقًا للمعهد الوطني للصحة.
ومن أجل التحضير لاختبار تحمّل الغلوكوز، يجب على الأم أن تصوم قبل زيارة الطبيب.
تُؤخَذ عينة من دمها قبل الاختبار، ومرّةً أخرى كلّ 60 دقيقة على مدى ساعتين إلى ثلاث ساعات بعد تناولها محلولًا عالي المحتوى من الغلوكوز من أجل قياس مدى تغيّر مستوى السكر والإنسولين في الدم مع مرور الوقت.
إذا شُخِّصت إصابة المرأة بسكري حملي، فإنّ اختبار تحمّل الغلوكوز يُجرى عادةً مرّةً أخرى بعد 6-12 أسبوع بعد الولادة، ثمّ كلّ ثلاث سنوات من أجل الكشف عن وجود عدم تحمّل الغلوكوز، وفقًا للمعهد الوطني للصحة.
المضاعفات:
يمكن أن تؤدّي المستويات العالية بشكل غير طبيعي من الغلوكوز في الدم – أو ارتفاع السكر في الدم – لدى الأم إلى وصول المزيد من الغلوكوز إلى الجنين، ما يؤدّي إلى نموّ مفرطٍ، وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض.
إذا تُرك السكري الحملي دون علاج، فمن المرجّح أن يولدَ الطفل بحجم كبير، حسب ما ذكره the March of Dimes.
يمكن للطفل الكبير (4 كغ أو أكثر) أن يؤدي إلى أذيات ولادية للأم، وقد تحتاج إلى ولادة قيصرية.
وقال غلانتس: «أنت تريد أن يكون طفلك أعلى من الحد الطبيعي في الكثير من الأمور، ولكن عندما يتعلّق الأمر بوزن الولادة، فإنّ هذه ليست أفضل خيار».
إن المولود الجديد معرّضٌ لخطر انخفاض مستوى السكر في الدم ومتلازمة العسرة التنفسية واليرقان، وفقًا لـ (NIDDK).
بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه الطفل مخاطر أكثر للإصابة بالسمنة والداء السكري وغيرها من الحالات في وقت لاحق من الحياة، حسب غلانتز.
حتى إذا اختفى الداء السكري الحملي بعد ولادة الطفل، فإنّ النساء اللواتي يعانين من هذه الحالة لديهنّ خطورة أكبر بنسبة 60% للإصابة بمرض السكري من النمط الثاني في وقتٍ لاحقٍ من الحياة، وفقًا لـ the Cleveland Clinic.
لذلك ينبغي فحصها بانتظام بحثًا عن علامات مرض السكري أثناء الفحوصات اللاحقة، والتأكّد من الحفاظ على نظام غذائي ونمط حياة صحيَّين.
العلاج:
قال غلانتز «إن الخطوة الأولى في تدبير السكري الحملي تتمثّل في جعل المريضة تزور أخصائيّ التغذية لمعرفة إمكانية تعديل نظامها الغذائي لخفض مستويات السكر في الدم. يمكن أن يساعد النشاط البدني المنتظم أيضًا في السيطرة على مستويات السكر في الدم».
إذا كانت المريضة غير قادرة على السيطرة على مستويات السكر في الدم مع النظام الغذائي وممارسة الرياضة وحدها، قد تحتاج المرأة إلى تناول أدوية لخفض مستويات السكر في الدم، وفي بعض الحالات، هناك حاجة إلى حقن الإنسولين يوميًّا، حسب غلانتز.
الوقاية:
يمكن أن تقلّل النساء اللواتي يخطّطن للحمل من خطر الإصابة بالسكري الحملي بفقدان الوزن الزائد وزيادة مستويات النشاط البدني قبل الحمل، حسب المعهد الوطني للصحة.
حالما تصبح المرأة حاملًا، يجب عليها ألا تحاول إنقاص الوزن، لأنّ اكتساب بعض الوزن ضروري لحمل صحي.
ومع ذلك، فإنّ اكتساب الوزن الزائد أثناء الحمل يزيد أيضًا من خطر إصابة النساء بالسكري الحملي.
هذا هو السبب في وجوب تكلّم النساء مع طبيبهنّ حول مقدار الوزن الذي سيكسبنه أثناء الحمل، حسب المعهد الوطني للصحة.
اقترحت دراسة نُشرت في أيلول 2018 في المجلة الأمريكية للطب الوقائي أنّ النساء اللواتي يعانين من زيادة الوزن أو
السمنة يمكنهنّ تقييم زيادة وزنهنّ في الحمل بأمان بمساعدة المشورة الغذائية وتطبيق الهاتف الذكي.
ومع ذلك، ستكون هناك حاجة لدراسات أكثر لفحص ما إذا كانت هذه الطريقة تؤدي في النهاية إلى حمل أكثر صحة.
يمكن للنساء اللواتي سبق أن أُصِبْن بالسكري الحملي أن يقلّلن من خطر الإصابة بالنمط الثاني من السكري من خلال اتباع نظام غذائي صحي (الأطعمة الغنية بالألياف ومنخفضة الدهون والسعرات الحرارية)، والمحافظة على النشاط الجسديّ، وفقًا لمايو كلينيك.
في الواقع، وجدت دراسة عام 2014 نُشِرت في مجلة JAMA Internal Medicine أنّه من بين النساء اللواتي أُصِبْن بالسكري الحملي، كان لدى أولئك اللواتي زادوا من التمارين بعد الحمل خطرٌ أقلّ بنسبة 47% للإصابة بالنمط الثاني من الداء السكري مقارنةً باللواتي لم يغيِّرنَ مستوى نشاطهنّ.