ݘاكلين جرجس
يباغتنا العالم المتقدم من حين إلى أخر بتقدم مذهل فى كل مجالات العلوم التكنولوجية و الرياضيات و الطب و الفلك وغيرها بالكثير من الإنجازات والتطبيقات العلمية المبهرة والقادر البعض منها لنقل حياة الناس من حال إلى حال حتى أن بعضها كان يقارب تحقيقها حد المعجزات ..
لقد شهد عام 2018 الكثير من تلك الإنجازات والتطبيقات العلمية المثيرة .. رحلات فضائية تجارية .. سيارة فائقة السرعة تعمل بصاروخ .. وغيرها الكثير من الاكتشافات الغريبة والحديثة التى باتت في خدمة البشر و قد يكون من بينها ما يُجنب الناس تبعات و آثار الحروب و ويلاتها .
فبينما ترى الناس في دول العالم الثالث أن مثل تلك الاختراعات درب من دروب الخيال ؛ تتقدم الأبحاث العلمية فى كوكب الصين الشقيق بأزمان ضوئية ، فتبهرنا كل يوم بتقنيات و أبحاث و علوم وتطبيقات علمية يقفوا أمام منتجاتها فاغرين الأفواه كمن يشاهد أفلام الخيال العلمى المثيرة للدهشة أو الرعب أحيانا عند التفكير ماذا سيحدث للعالم فى حالة محاولة أهل " كوكب الصين " محاكاة أو استنساخ ما يدور فى خيال مؤلف تلك الافلام أو اثبات إمكانية حدوثها على أرض الواقع ؛ مثلما جاء فى أفلام " ارنولد شوازنجر " فى الثمانينات عندما كان البطل له شكل إنسان وعقل كمبيوتر وقوة كتيبة مدججة بالسلاح أو سلسة افلام "المتحولون" أو " سوبر مان " تلك النوعية من الافلام التي نستمتع بها فى السينما ، لكن ــ وتخيل معى عزيزى القارئ ــ ماذا نفعل إذا تحولت لحقيقة ؟!!!.. اسنستمر و نتمسك بالعلاج بالحجامات و بول البعير أو ببعض خرافات أحجبة وأعشاب وأعمال أهل الشعوذة والدجل والنصب ؟ !!.
لقد أدركت الدول المتقدمة أهمية البحث العلمى ، و مدى تأثيره على إحداث تقدم مجتمعاتهم ، وربما إمكانية فرض السيطرة على دول العالم الثالث من خلال العلم الحديث ؛ وعليه لا غرابة من الصعود السريع للصين التى أصبحت فى المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية التى لازالت تتقدم دول العالم فى البحث العلمى ؛ أما الهند فقد قفزت في الفترة الاخيرة لتصل إلى المرتبة الخامسة وكان فى المقابل تراجع اليابان إلى المركز السادس ؛ أما عن دول الشرق الأوسط فقد انتقلت إيران من المركز (56 ) إلى ( 16 ) عالميًا ،و استطاعت تركيا الصعود إلى المرتبة (19 ) ؛ أما اسرائيل فقد تراجعت من المركز ( 18 ) إلى المرتبة ( 33) ولكنها مازالت متقدمة على دول المنطقة العربية بما فيهم مصر عن مركز 39 عالمياً .
نحن بالفعل نواجه واقع لا نحسد عليه فعلى الرغم من أن الحكومة قد رفعت موازنة البحث العلمي من 17 مليارجنيه في الأعوام السابقة إلى 21 مليارجنيه أى ما يعادل (1.1938 ملياردولارأمريكي)، فضًلا عن التمويل من عدة مصادرأخرى أوالدخول في شراكات لتمويل البحث العلمي ، إلا أن التمويل المخصص للبحث العلمى فى مصرحاليا حوالى 0.78% من الناتج القومى، وهو لايزال أقل من 1% المنصوص عليه في الدستور، ينما تنفرد دولة كإسرائيل بـ 79% من إجمالي الصادرات، وهو ما كان نتيجة لإنفاق إسرائيل قرابة 4.7% من إجمالى الناتج المحلى على البحث العلمي والتطوير أى حوالى 9 مليارات دولار أمريكي، بينما يصل متوسط الإنفاق على البحث والتطوير في الدول العربية مجتمعة إلى 0.3%.
ولكننا مع - الأسف – نجحنا فى احتلال المركز الأول فى سرقة البحوث العلمية على مستوى العالم فالجامعات المصرية تعج بمظاهر الفساد، مثل بيع الامتحانات، وتوريث المناصب الأكاديمية، وضعف المستوى العلمى والإمكانات المطلوبة ؛ كما لعبت التكنولوجيا دوراً هاما فعلى الرغم من أنها ساعدت كثيرا في البحوث العلمية لكل من أراد الاطلاع والمعرفة إلا انها كانت لها سلبياتها أيضا لأنها بقدر نشر العلم والمعرفة ساعدت الكسالى والجهلاء في السطو على عرق ومجهود الآخرين الذين يشكون من ضعف الحماية القانونية.
أما الأن و بعد أن أعلن الباحث الصينى" هى جيانكى " عن ولادة الطفلتين " لولو و نانا " و المتمتعتان بصفات جينية وقائية حيث تم التعديل الوراثى لهما مما يتيح لهما مناعة من الإصابة بفيروس " الإيدز " و كان ذلك باستخدام تقنية " crispr " للمرة الاولى فى العالم على البشر حيث تم حذف و إضافة الجينات بدقة شديدة وعلى الرغم من أن التعديل الجينى غير مسموح به فى كثير من دول العالم المتقدم لاسيما أذا كان الهدف ليس علاجيا وعلى الرغم من كون هذه الطفرة فى الجينات و انتقائها لها مميزاتها والتى تحمى الاطفال من بعض الامراض الوراثية و كون ذلك هو السبب الرئيسى لنجاح تلك التجربة ؛إلا أن مجرد التفكير أنه قد يتنامى لدى بعض الدول القوية أهداف أخرى غير معلنة كإضافة صفات وراثية جديدة للطفل المولود مثل لون عينه أو معدل الذكاء أو الطول و قدارت ذكاء خاصة أو قوة جسمانية معينة .
يجعلنا نخشى أن تتحقق الافلام السينمائية التى اشرت لها فى مقدمة مقالى إلى أمر حقيقى و واقع ،و يصبح اطفال العالم المتقدم يتمتعون بمهارات و قدرات استثنائية و يبقى اطفال العالم النامى على ضعفهم إلى أن يصلوا إلى حد الانقراض من على وجه الارض مثلاً ، أو أن يتم غزو العالم بالمولودين حديثا والمعدلين وراثيًا ؛ او خلق جيش من المحاربين المدربين الذين لا يشعرون بأى ألم أو خوف ، فى حال إذا لعب العلماء على الشفرة الوراثية للإنسان.
أن وقع ذلك الخبر والاعلان الصادم يُعد بمثابة صدام اخلاقى و دينى بين الدول الرافضة أو الموافقة على هذا التعديل الوراثى .
بالتأكيد نحتاج أن نضع هذا الاكتشاف محض الدراسة و البحث و التحليل من جانب كل الجهات العلمية و البحثية أو المؤسسات الدينية لنستطيع الاستفادة من تلك الأبحاث فى جعل اطفال الجيل الجديد يتمتعون بصحة افضل دون المساس بأسس العقائد الدينية ودون رفض البحث و التحديث لكل ماهو جديد فى الطب و عالم الهندسة الوراثية .
لازلنا نحلم بتحقيق طفرات علمية نتقدم بها الصفوف في دنيا العلوم والمعارف .. عيب علينا والله أن نكتفي بالفرجة على المعدلين وراثيًا !!!