الأقباط متحدون | متى يكون الوقت المناسب؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:١٠ | الجمعة ١٩ اغسطس ٢٠١١ | ١٣ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٩٠ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

متى يكون الوقت المناسب؟

الجمعة ١٩ اغسطس ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. حمدي الحناوي
يرى البعض أن الأولوية الآن للعمل السياسى، وأن الوقت غير مناسب لعرض أى مشروع لإعادة البناء الاقتصادى. والحقيقة أن الدعوة إلى البناء الاقتصادى فى الظرف الراهن لا تصادر على العمل السياسى، بل على العكس تعطى له عمقا ومعنى جديدين. وقد تركز الجدل السياسى حتى الآن على الدستور وما يسمى المبادئ الحاكمة، وعلى مفهوم الدولة المدنية. وفى هذه الحدود لا يتضح عمق الصراع السياسى، ويتعذر على عشرات الملايين من المصريين إدراك مخاطر الدولة الدينية أو احتمالات بنائها.

يقال فى هذا السياق أن الإسلام لم ينشئ طوال تاريخه دولة دينية، وأن دولته كانت دائما مدنية. وهذه قضية معقدة، لا تدرس عندنا فى المدارس ولا فى الجامعات، بل لا توجد لدينا بشأنها دراسات كافية، ولا يمكن للشعب المصرى أن يعيد الآن قراءة التاريخ ليحسم هذا الجدل. وليس من السهل حتى على بعض المثقفين أن يدركوا الفرق بين الدولة الدينية، وما يسمى الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية. أما من الناحية العملية، فلن يتمكن الملايين من الفصل بين الإيمان وبين المرجعية الدينية، وعند الإدلاء بأصواتهم قد يتحيزون على أساس الدين.
هنا لا يكفى أن يتحدث الليبراليون عن حقوق غير المسلمين، فالتيارات الدينية تبشر غير المسلمين بحكم أنفسهم حسب عقائدهم الدينية. وهذا أكثر وضوحا من حديث الليبراليين عن المساواة والمواطنة، فلا توجد مساواة أكثر من يكون لغير المسلم أن يدير شئون حياته تحت راية الدولة الإسلامية وفقا لعقيدته الدينية الخاصة.

لا تنتهى جولة الصراع الحالية بتوقيع وثيقة الأزهر، وأيا كانت الحساسيات، سيكون البناء الاقتصادى محور التقاء على الأرض لا على الورق. قضايا البناء الاقتصادى يدركها المتعلم وغير المتعلم، ويعرف الجميع أننا نحتاج لأن نلحق بالأمم المتقدمة، وألا نعيش بالمعونات أو بفضل عبقرية الأمم الأخرى. وهنا يتأكد أن القضية هى التكاتف فى مواجهة تحديات البناء بغض النظر عن الإيديولوجيات. ولا أظن أن هنا وجها للاعتراض لدى أى تيار سياسى أو دينى.
لقد ضاعت شهور منذ 25 يناير فى جدل حول النصوص، ويمكن أن تضيع سنين قبل أن نكتشف أن الوثائق لا تكفى لتغيير ثقافة المجتمع، وأنه لا بد من عمل يحول الوثائق إلى بناء مادى على الأرض، يغير الممارسات العملية ويعيد تشكيل الوعى وبناء المعلومات لدى الناس. وأهم ما ينقصنا أن يكون للعلم والبحث العقلى دور فى حياتنا، وهذا لا يتحقق فى مناخ تسيطر عليه الفتاوى والمجادلات الدينية. وفرصة العلم الوحيدة أن تترسخ أهميته فى العقول والوجدان بقدر الاعتماد عليه لحل مشكلات العمل والإنتاج.

من هنا، أقترح مشروعا وطنيا لبناء الحلقة الناقصة فى النمو، والحلقة الناقصة هى التكنولوجيا الوطنية. يلزم لتطويرها جيش من الفنيين والباحثين. بهذا تتجدد حياة المجتمع وأساليب العمل السياسى، ويمكن إحداث تغير جذرى فى ثقافة المجتمع. لن يكون العمل السياسى عندئذ مجرد مناقشات، بل إجراءات عملية لإحداث تغير فعلى، وبناء حقائق جديدة على الأرض. ولا بد فى هذه الحالة أن يراجع رجال الدين مناهجهم لرد الاعتبار للعقل.

لا تتطور الحياة إلا بتطور الإنتاج، وسيكون التغير فى المجتمع أبعد مدى وأكثر عمقا إذا صار التطوير قضية شعبية يتداولها الناس. ولهذا لا أطالب الدولة بتنفيذ هذا المشروع بل أطالب الأفراد، لتصبح مشكلات البناء محور الجدل، ويصبح حل تلك المشكلات هو التحدى الذى يحرك الجميع، ويصبح بناء حقائق جديدة على الأرض منهج حياة. وتبقى العقائد الدينية محور بناء القيم والأخلاق، بعيدا عن الإيديولوجيات.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :