ومازال عبد الموجود موجودا بعد الثورة
بقلم : محبة مترى
تعشمنا خيرا فى ثورتنا المباركة وكيف انها قضت على رؤوس ثعابين الفساد فى مصر والكل يأمل فى ان تتغير مصر بالفعل الى الافضل وان نلمس هذا التغيير سواء فى جيلنا الحالى وخاصة ان جيلنا هو من تجرع كؤوس الشقاء لمدة ثلاثين عاما او ربما منذ ولد وكذلك للاجيال القادمة من ابنائنا الذين نرجو ان ينعموا بمصر يفتخرون بها ولا يتمنون الهروب منها , ولكن بالرغم من اتحادنا جميعا فى مواجهة الرؤوس الكبيرة تناسينا وتراخينا عن الاذناب الصغيرة للفساد والتى مازالت كما هى تعبث بشكل طفيلى ولم يستيقظ ضميرها بعد ونحن ايضا ربما اهملنا محاسبتهم لاننا اعتدنا عليهم وتعايشنا معهم فاصبحت سلبيتنا وفسادهم وجهين لعملة واحدة واصبحنا شركاء معهم بتسترنا عليهم.
ساسوق بعض الامثلة من الواقع لشخصيات تعاملت معها بالفعل قبل الثورة ومازالت كما هى بعد الثورة لم تتغير واحاول اخذ لقطات سريعة لها وان كانت المساحة لاتكفى للتفصيل و شرح ابعاد شخصياتهم و لماذا وصلوا الى ماوصلوا اليه :
1- الاستاذ عبد الموجود: رئيس وحدة حكومية , شخصية من الطراز القديم روتينى فى العمل , دائم العبوس , مصاب بداء المحاباة لبعض المرؤوسين ممن يجاملوه ماديا لدرجة وصلت ان من له طلب لديه (مثل الخروج من العمل او التغيب بدون عذر او التوقيع بالحضور لشخص مسافر ) ان يصافحه واضعا فى يده كارت محمول من شركة الاتصالات التى يفضلهاعلى سبيل التحية والمجاملة وبعدها طبعا لن يرفض له طلب وكلما زادت فئة الكارت كلما ازدادت بشاشة وجه الاستاذ عبد الموجود وقلت التكشيرة وربما تهور وبادل هذا المرؤوس النكت والقفشات , اما من لايفعل ذلك فهو وحظه فى تلبية طلبه او عدم سماعه اساسا وحسب المزاج فى قبول او رفض طلب من حق طالبه.
2- رضا: موظفة متفانية جدا فى عملها لدرجة انها دقيقة جدا فى الذهاب للعمل يوم صرف المرتب ثم تختفى باقى الشهر فى اجازات مرضية بدون وجه حق , حيث تعرفت بالممرضة نزيهة فى هيئة التامين الصحى والمشهورة برئاسة مافيا الاجازات فترسل معها دفتر التأمين وبداخله المعلوم وقدره عشرة جنيهات عن كل يوم اجازة واحد وهى وشطارتها فى منحها الاجازات على اقصى ما تستطيع وتزداد التسعيرة فى بعض المناسبات وذلك بالتفاهم مع بعض الاطباء الذين باعوا ضمائرهم وربما سكنوها بمسكنات مثل انهم يقدمون خدمة حتى دون ان يروا المريض الذى يتمتع بكامل الصحة ويتمارض ولكنه غير راضى عن ان يستثمر صحته التى اعطاها له الله فى العمل بل يحرق دم زملائه بان يتحملوا عبء عمله وهم يعلمون جيدا انه يتمتع بالراحة فى منزله بدون وجه حق, والادهى من ذلك ان نفس هؤلاء الاطباء بشحمهم ولحمهم لايمنحون اجازات مرضية للمريض الحقيقى حتى لو كان يموت امامهم...وقد جربت ذلك فى احدى المرات اضطررت لادخال زوجى المستشفى لارتفاع حرارته بشدة وطبيب التامين يرفض اعطاؤه اجازة لمدة يومين فلم اجد حلا الا ادخاله المستشفى لكى لايذهب للعمل بهذه الصورة.
3- امين : عامل شركة النظافة الخاصة المسئول عن شارعنا حيث لاحظت ان شارعنا ولا فخر غير نظيف بالنسبة للشوارع التى على يميننا ويسارنا وعندما تابعت امين وراقبت ماذا يفعل وجدته ينظف اسفل العمارات التى تلقى له بالنقود من الشرفات فقط اما الباقى فيتركه بالرغم من انها شركة خاصة محترمة وندفع اشتراكا شهريا ولانشغالنا لم نكن ندرى ذلك وبالتاكيد امين عاقبنا بترك القمامة الى ان نتذكره.
4- الاسطى حودة : صاحب ورشة كهربائى سيارات فتحت مواجهة لعمارتنا بدون ترخيص فقلبت حياة المنطقة السكنية الهادئة الجميلة جحيما لايطاق من غلق الطريق واشغاله واصوات سارينات الكلاكسات والمواد القابلة للاشتعال انتهاء بلم باقى عصابة البلطجية لتناول المخدرات فى الفجر ولم تجدى معه اى شكاوى فهو فوق القانون وبالرغم من معاركهم سويا احيانا بالسيوف فى غياب الامن الا انهم يتحدون معا ويتجمعون ضد اى خطر خارجى عليهم او اى محاولة لغلق الورشة ويعملون بمبدأ انا واخويا على ابن عمى وانا وابن عمى على الحكومة واللى مش عاجبه السيوف جاهزة .
5- المهندس جاسر: اعلى مهندس مسئول فى جهاز شئون البيئة استطعنا التوصل اليه واستدعاؤه لعرض شكوانا بخصوص ورشة حودة بعد ان حدث حريق كبير فى احدى سياراته اسفل المنزل وكادت تنفجر ولولا لطف الله لكانت حدثت كارثة للمنطقة مع وجود الغاز الطبيعى , وبالرغم من اننا كنا فقدنا الامل الا اننا سعدنا لان هناك من اهتم وحضر وبمجرد رؤيته توسمنا فيه خيرا حيث انه انسان مهذب ومستمع جيد فقد استمع لنا واحدا واحدا فى العمارة وسجل اقوالنا بعد ان اقتنع بضرورة غلق الورشة , ثم خرج لمقابلة حودة واخذ اقواله فوجده قد جمع حوله اصدقائه من البلطجية مع نظرات التهديد منهم للمهندس والاستعداد لاى تهجم عليه او ايذائه اذا اتخذ اى اجراء ضده فعاد الرجل الينا بخفى حنين مغيرا كلامه معنا 180 درجة بان نصبر على حودة فقد وعده ان يلتزم بعدم العمل ليلا وعدم غلق الشارع وانه سيقوم بفك الجزء المراد اصلاحه من السيارة ويصلحه داخل الورشة ولن يعمل بالشارع على الاطلاق ولن يوقف العربات صفا امامه !!!!!!!!!..نظرنا اليه باندهاش وذهول وقلنا له كيف يحدث ذلك هل هو يصلح راديو ترانزستور ؟ وفى النهاية فهمنا انه تعاطف معه ولايريد ان يقطع عيشه ولن يفعل له شيئا وربما اراد ان يخرج سليما من هذه الشكوى , ويبدو انه بحكم عمله اعتاد على هذه الشكاوى واعتاد الا يفعل شيئا لاصحاب الورش وكلها امور روتينية على الورق , وذهب المهندس مصبرا ايانا بانه سوف تنشأ بأذن الله مدينة للحرفيين خارج المحافظة وساعتها اشتكوا بعد عمر طويل !!!!!!!!! , وتركنا فاقدين الامل فى اى اصلاح يائسين من اى مسئول فى هذا البلد والشكوى لغير الله مذلة....فلا محافظ ولا نجدة ولا مطافى ولا طوارئ يعتمد عليهم بل وقت الطوارئ تصرف وانقذ نفسك فقد جربنا الاتصال بكل هؤلاء دون جدوى وكانت الردود دائما ( اسفين نحن منشغلون الان فى اشتباكات ومظاهرات فى المنطقة الفلانية تصرفوا انتم ) واولا واخيرا كله بأمر الله فهو المنقذ الستار.
ربما من يقرأ كلماتى يستهين بمثل هؤلاء الاشخاص وامثالهم حيث انهم لايعتبرون شيئا بجوار فساد الكبار والمليارات التى نهبوها وجرائم القتل التى ارتكبوها ..ولكن مصر لن ينصلح حالها طالما وجوه هؤلاء موجودة فى كل مكان حولنا وكل حى وكل هيئة باسماء مختلفة كبذور للفساد...جميعنا نتعامل معهم.. جميعنا قابلناهم ...هم ايضا ينهبون مصر من القاع من الاساس مثل الثعالب الصغيرة المفسدة..هؤلاء ايضا يقتلون كل قيم للامانة والشرف ففى نظرى يعتبروا خائنين للثورة ولعهد جديد قطعناه على انفسنا بان نبنى ونعمل باخلاص من اجل نقيم مصر من كبوتها وللاسف نحن نشاركهم بصمتنا ولامبالاتنا وعدم التصدى لهم بل بالتماشي معهم احيانا لانه واقع.
والان تريدون ان تعرفوا اخر اخبار اصدقائى من حدثتكم عنهم:
الاستاذ عبد الموجود مازال موجودا وينعم هو وكل افراد اسرته بالمكالمات المجانية بنظام خط ( نفع واستنفع السحرى) واخشى ان اضعف يوما وأهديه مثلهم كارته المفضل لكى لايضعنى فى البلاك ليست....ورضا الان على البحر تستمتع بالمصيف وانا اقوم بعملها مضطرة....ومازلت اراقب امين واشاور عقلى هل امنحه مبلغا سخيا ليمر بشارعنا بأدواته وأخالف مبدأى ام اترك القمامة تعلو ولن تنفعنى وقتها المبادئ؟ ......ومازال حودة باسطول عرباته وصبيته وضوضاؤه واغانيه الشعبية الهابطة تمنع نومنا فياليت أذنه كانت موسيقية فيختار نغمات هادئة....ومازلت ادعو للمهندس جاسر ان يتجاسر ويؤدى عمله بامانة وانصاف ولا يخشى غير الله ثم ضميره ومسكت نفسى بان ادعو عليه بان يرزقه الله بورشة امام منزله تسلبه راحته وامان اطفاله ليشعر بما نشعر به فهى دعوة لا ارضاها حتى لعدوى.
لاشك اننا نحتاج ثورة جديدة......ثورة ضمير...
ثورة ضميرعلى الفساد الذى مازال موجودا ....الضمير الذى يجعلنا امناء فى عملنا متنزهين عن بيع مبادئنا ولو باموال العالم....راضين بما وهبنا الله من وزنات نستثمرها فى العمل والبناء والخير للمجتمع والا ربما ياخذها منا الله لاننا لم نقدر نعمته....متجاسرين على مواجهة كل فساد وكل معول هدم يحاول النيل من سلامة مصرنا الحبيبة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :