نبيل المقدس
زمان عندما كان الحب في أرفع درجات القوة والإخلاص ... تم توزيعي حسب مكتب التنسيق إلي كلية هندسة أسيوط .. كان فرق درجة ونصف لقبولي في هندسة عين شمس بالقاهرة .. حزنت جدا لأنني سوف أتغرب عن أهلي وأصدقائي الذين عشت معهم ايام الصبا .. كما أن وجودي في اسيوط هو حمل ثقيل علي والدي حيث لي أخت خريجة اداب وتعمل مدرسة , ونم خطوبتها لشخص كان زميلها في الكلية .. وبناء علي هذا يٌعتبر حمل مضاعف علي والدي .. بالإضافة إلي أخي الأصغر سوف يكون في الثانوية العامة . ذهبت إلي والدي في مكتب المحاماه الذي كان يعمل فيه بعد عمله الأساسي في وزارة العدل صباحا .. ذهبت اليه لكي أخبره عن نتيجة التنسيق .. فوجئت أنه إستقبل الخبر بفرحة كبيرة وحضني وقدمني بإفتخار لزملائه الموجودين في المكتب . وقال لي " ماتشلش الهم يا ابني .. سنة تمر بالطول والعرض وسوف نجد طريقة لنقلك للقاهرة " .
نزلت إلي اسيوط متوجها إلي بيت الطلبة مباشرة .. تركت الشنطة في الأمانات وذهبت فورا لشئون الطلبة للكلية لكي أدفع مصاريف الكلية ومصاريف بيت الطلبة .. بعد ما انتهيت من الدفع توجهت إلي لوحة الإعلان الذي كانت في فناء الكلية وكنت جائعا جدا لأنني لم أتذوق اكلا منذ تركي القاهرة .. أخذت ابحث عن إسمي في الكشوفات ¸فوجئت أن اسمي يتوسط 7 اسماء بنات .. ضحكت بصوت عال وبعفوية تكلمت مع شخص " لم أتحقق من شخصيته " كان يقف بجانبي وقبل ما أنطق .. سمعت ضحكته ردا علي ضحكتي لكن ما هزني أن صوت الضحكة صاحبه لشابه صبحان الله في جمالها .. أوقفت ضحكتها وقالت لي : " أكيد اسمك سمير فوزي عطالله" .. إبتسمت لها و للشاب الذي كان يلازمها و قلت لها : " اكيد سيادتك متبعاني من محطة القاهرة " .. ردت علي واعطتني ظهرها وبدأت تتركني قائلة : هو إنت منهم من القاهرة ؟؟ أوعي تفتكر نفسك عمر الشريف ؟؟ .. وإختفت هي والشاب الذي كان يرافقها "
كان كل همي أن أجد بوفيه لكي أشتري حتي باكو بسكويت لأسد جوعي .. وأخيرا وجدت كشك كبير خارج الكلية .. وكان الجو حار جدا .. أخذت منه باكو بسكويت مع زجاجة كوكاكولا وأخذت خلف الكشك مكانا لي حيث أستطعت أن أجد بقعة ظل .. وفجأة سمعت ضحكات لشابات و لشباب يقتربون من الكشك واشتروا بعض المأكولات والمشروبات .. وسمعت نفس الضحكة تقول للمجموعة : " يا جماعة الشخصية إللي في وسط البنات في الكشف طلع ولد من اياهم بتوع القاهرة " .. سمعت صوت شاب يقول لها : " ماتخفيش أحنا صعايدة وهنجيب راسه في شوال ليكي يا ناعسة " سمعت ضحكات عالية هزت الكشك .. بيني وبين نفسي جبنت ,قلت لنفسي أنا مرعوب من البنت دي ومش هحاول اقترب منها ."
وبدأنا المحاضرات .. ولمحتها من بعيد وكان معي زميل من المنيا تقابلت معه في بيت الطلبة .. ويعتبر اول صديق لي . مال علي وكلمني بصوت خافت .. شايف يا سمير البنت القمر ام عيون زرقا .. وشاور عليها حتي انني نزلت ايده بسرعة وقلت له سيبك منها اعمل معروف يا مجدي . ومن إنسداد نفسيتي من ناحيتها أجبرت مجدي أن نجلس دائما في آخر " بنش " في مدرج المحاضرات .. وحدث هذا فعلا حتي ان البنش أصبح مكتوب عليه أسمي واسم مجدي .
كنت أراها عن قرب في السكاشن وبحكم وجودنا مع بعض في مكان ضيق تجرأت أن اتحدث معها وهي بدأت تتقبل مني الكلام حتي أصبحنا اصدقاء متلازمان طول اليوم مع شلتها .. لم تُبدي أو تظهر لي أي علامة خاصة أنها تهتم بي .. بل كانت تعامل الكل بنفس الدرجة .. لكن قلبي بدأ يدق لها , فضغطت علي نفسي بأن أكتم حبي لها الذي وصل للقمة بعد قرب الإنتهاء من امتحانات التيرم الأول , وبعدها مباشرة أجازة نصف السنة حوالي 20 يوم .. لم اتصور أن اترك اسيوط من غير أن أصارحها ....
وفي يوم 12 ديسمبر كان يوم الإمتحان الأخير .. وجدتها انهت الإمتحان وخرجت .. وانا انهيت بسرعة المراجعة وخرجت وراءها لكي ألحق بها .. لكنني لم أجدها .. جريت خارج الكلية واتلفت حول باب الكلية لكنني لم أجدها .. دخلت الكلية وتوجهت إلي المدرج والدموع في عيني .. وعلي أول كرسي البنش جلست ووضعت رأسي علي البنش وأخذت أبكي بحرقة علي أساس أني لوحدي في المدرج .. وبعد فترة رفعت رأسي عن البنش ومن خلال دموعي وجدت سهير أمامي بلحمها وشحمها والدموع تنهمر من عيونها ... لم أصدق نفسي وقلت لها " هو أنتي تعرفي تبكي زيينا ؟؟ " خير يا سهير .. ردت علي انا بأبكي عشان اجازة نصف السنة جت بسرعة .. نظرت إلي عيونها الزرقا وقلت بلهفة : "تتصوري وانا كمان نفس الإحساس ... ردت علي وقالت لي " ليه ماردتش علي الجواب إللي ارسلته ليك مع مجدي ؟؟ .. ماحصلش يا سهير .. انا النهاردة صممت أن اخبرك أني بأحبك اوي من غير ما أعرف حاجة عن الرسالة .. قالت وانا كمان يا سمير حبيتك من يوم ما لمحتك وانت واقف ورا الكشك .. بس أحنا إتأخرنا قووي في مصارحة حبنا لبعض .. أوعي تزعل لو جيت من الأجازة ولقيتني لابسة دبلة ... انا هحاول أفك الإرتباط لكن صعب , لو كانت امي موجودة ربما كان يكون هناك أمل .. ماكنتش اعرف أني هقابلك وأحبك قووي ... أرجوك يا سمير لو بتحبني صحيح خللي عتدك امل وقطعت كلامها فجأة .. وتغير لون وجهها , وأعطتني ظهرها بسرعة وبدأت تتوجه نحو باب المدرج وهي تقول لي بعصبية :_¬¬¬ أرجوك يا سمير إمشي دلوقتي وخللي الماديلية بتاعتي دي معاك .. اوعي ناصر يشوفك " زميلنا اللزقة " أصله يبقي عمي أخو ابووي الصغير لزق .. ولأول مرة اسمع منها واتلذذ بلهجتها الصعيدية".
قابلت مجدي وقد حجز لي تذكرة معاه علي القاهرة في نفس قطاره علي أساس سوف ينزل المنيا .. قال لي أنا حجزت عنك أمانة أعطتها لي سهير , خُفت عليك من عمها المتهور .. قلت له أنا توقعت كده .. وحضنته والدموع في عيني , ثم أخذت شنطتي وركبنا القطار .. ومن هذا اليوم لم أراها , فقد نقلت نفسي بواسطة لكي أصبح طالبا في كلية هندسة عين شمس ... ومن وقتها كل ما يأتي يوم 12 – 12 الدموع تنهمر من نفسها ... فعلا أصبح هذا اليوم محطة في حياتي فقد كان لي فيها حبيبة .