بقلم : أنور عصمت السادات
بركان الغضب نار تغلى داخل صدور وقلوب كل المصريين، جموع ثائرة، ومشاعر غاضبة ، ، ودماء تكاد تغلى داخل عروقنا ، رفضا لما قامت به إسرائيل من إعتداء على السيادة المصرية ، وإزهاق أرواح شهدائنا ، لتمضى فى بطشها معتقدة أن الحدث الذى قامت به سوف يمر مرور الكرام . ألم تعلم إسرائيل أن ثورة يناير قامت من أجل الثأر لكرامة المصريين التى فرط فيها النظام السابق ، ولم يضع لها فى حساباته أى إعتبار؟ ألم تدرك إسرائيل أن عقارب الساعة قد غيرت إتجاهاتها ، وأن الشعب المصرى قد إسترد بالفعل بلاده ومقدراتها ، ولن يسمح بأى إعتداء أو إنتهاكاً لسيادته ، وأن شعارات ضبط النفس ، وتقبل التبريرات ، والتعليق على شماعة الأخطاء ، كلها أمورلم تعد تنفع الآن. إن لم تكن إسرائيل ترى أن مصر قد تغيرت فهى عمياء،

وإن لم تكن تشعر بالتغيير فهى لا شك تعانى من تبلد الإحساس ، وإن لم تكن تعلم أن بركان الغضب المصرى من أفعالها لن يخمد قبل أن يتم القصاص لشهدائنا ، فقد إفتقدت شيئاً هاماً وهو الحكمة التى تستطيع أن تقدر بها حجم الأمور. ما قامت به إسرائيل يعنى لا شك أنها تتربص بنا وتتحين الفرصة لذلك ، فبمجرد أن وقع حادث الحافلتين ، إنقلبت كفة الميزان ضد مصر ،وخرج \" إفخاى أورغى \" المتحدث بإسم جيش الدفاع الإسرائيلى ، ووزير الدفاع الإسرائيلى \" إيهود باراك \" زاعمين أن مصر تفقد السيطرة على سيناء ، وإتهموها بتراخيها فى تسلل البعض إلى إسرائيل ، وتناسوا مافعلوا وكأننا نحن من قتلنا الشهداء.. اليوم توحدت القوى والتيارات السياسية التى شاركت من قبل فى الثورة ، ثم تفرغت بعدها للتناحر والصراعات والخلافات ، وعادت الشعارات الواحدة والروح الواحدة التى لا تجعلنا نشعر بالقلق والتشرذم والإنقسام أو الخوف على مستقبل هذا البلد. إن الإدانة والشجب والإستنكار لم يعد له مكان عندنا ، وإننا لا نريد أو نتمنى أن نخوض حرباً مع إسرائيل ، ولا ينبغى أن نسعى لذلك ، لا خوفاً ولا تفريطاً ولكن إعمالاً للعقل والحكمة ، وإدراكاً لمصلحتنا الأولى ، وأننا وهم فى الحقيقة غير مستعدون لذلك ، ولا يجب أن يدفعنا الغضب إلى الإنجراف وراء العاطفة دون تقدير للأوضاع ، ومن ثم الدخول فى نفق مظلم . قد يفقدنا الكثير فى آونه يفترض أننا نسعى فيها لبناء مصر. ينبغى أن تعلن السلطات المصرية موقف محدد لضمان عدم ضياع حق الشهداء ، وأن نساند النظام السياسى الحالى والمتمثل فى المجلس العسكرى فى ظل الأوضاع الراهنة المتأزمة داخلياً وخارجياً، حتى يتمكن من مواجهة الأزمات الخارجية ، ومحاكمة المسئولين الإسرائيليين عن اتخاذ قرار الاعتداء والذين قاموا باختراق الأراضى المصرية وقتل الشهداء. والقيام بمشروع ( صناعى – زراعى ) لتنمية صحراء سيناء وتوطين المصريين بها درءاً لمطامع ومساعى الإسرائيليين لتوطين بعض الفلسطينيين بسيناء بحجة التخلص من التكدس فى قطاع غزة . وأن يعاد النظر فى كامب ديفيد ، لأنه تم توقيعها فى آونه كانت لها ظروفها ومقتضياتها ، وحان الوقت لأن يجلس الطرفين ( المصرى ، الإسرائيلى ) على ضوءها لمناقشة إعادة ترتيب الأوضاع الأمنية وزيادة عدد القوات المتواجدة فى المنطقة (ج ) بالجانب المصرى حفاظاً على أمن وحماية الحدود الفاصلة بين البلدين، وعدم إتاحة الفرصة لأى مخططات إرهابية . إن الخلل الأمنى والعسكرى الذى تشهده حدودنا مع إسرائيل ، والذى أدى إلى هذه المآساة وما سبقها. يستوجب علينا أن نبكر بموعد إنتخابات الرئاسة لتكون تالية لإنتخابات مجلس الشعب وقبل وضع الدستور ، حتى تستقر مصر، ونمضى بخطى ثابتة ومناخ مناسب لبنائها وتعميرها. . أنور عصمت السادات وكيل مؤسسى حزب الاصلاح والتنمية