من قتل أرنست هيمنجواى؟
مقالات مختارة | أحمد إبراهيم الشريف
٤٨:
٠٩
م +02:00 EET
الاربعاء ١٢ ديسمبر ٢٠١٨
أحمد إبراهيم الشريف
«لا تكن مشهورا لكن اجعل عملك مشهورا»، هذه واحدة من الجمل المهمة التى قالها الكاتب العظيم أرنست هيمنجواى فى فيلم «بابا» للمخرج بوب يارى، وتم إنتاجه عام 2015، وهو يقولها للكاتب الشاب «إد مايرز» الذى يعمل فى صحيفة «ميامى هيرالد»، وقد صار صديقا للكاتب العالمى الحاصل على جائزة نوبل بعدما أرسل إليه رسالة يقول له فيها «هيمنجواى أنا أدين لك بكل شىء فى حياتى».
كان من حظ «إد» أن يتعرف على «هيمنجواى» فى المرحلة الصعبة من حياته فى آخر ثلاث سنوات قبل أن يضع صاحب «العجوز والبحر» كلمة النهاية للمأساة الحياتية التى تدور حوله، ففى السنوات الثلاثة الأخيرة وبعد سنوات قليلة من الحصول على جائزة نوبل 1954 كان هيمنجواى يعيش فى كوبا مع زوجته وبيته الجميل وعلاقاته الطيبة بالصيادين والفقراء الذين ينادونه «بابا» فى بلد تخوض حربا أهلية بين «كاسترو ورفاقه» من جانب و«باتستا تساعده أمريكا» من جانب آخر، وهى مرحلة خطرة فى حياة الجميع.
كان «هيمنجواى» يتحرك بكل عنفوانه المشهور عنه يكتب واقفا ويصطاد معظم الوقت ويشرب كثيرا، بل كان يشرب كثيرا جدا ويلعب الكرة مع الأطفال فى حديقة منزله، ويضع مسدسا محشوا بالرصاص إلى جانب الآلة الكاتبة، لذا صاحت امرأة عندما رأته يدخل أحد المطاعم «إنه يشبه العجوز فى روايته العجو والبحر»، نعم الكاتب العالمى صار يشعر بأنه عحوز غير قادر على«الكتابة»، لقد صار يسب ويلعن جائزة نوبل، إنها لعينة تمنعه من الكتابة عن زوجته الأولى التى «خذلها».
غابت الكتابة، ولم يعد لدى «هيمنجواى» سوى الأصدقاء لكنهم يموتون أيضا، إنه يظل فى البيت يناديهم، يحطم الأشياء طوال الوقت لاعنا الموت الذى أخذ الذين أحبهم وصارت الدائرة تضيق كل يوم، إنه يقترب من الستين من عمره لا يزال جسده قويا، لكن روحه شاخت تماما.
الدائرة تضيق لكن أكثر الذى آذاه كان التعامل الأمريكى، فهناك فى النظام المختل الذى يحكم هذه الدولة المستبدة كان يوجد «ضابط مخابرات» لا يحب هيمنجواى، وصار كل ما يريده هو القضاء على ذلك الكاتب الكبير فلفق له قضية ضرائب وطالبته الدولة بدفع أربعين ألف دولار، هى كل ما يملكه «هيمنجواى»، فالضابط الذى اطلع على رصيد الكاتب يريد أن يأخذ منه كل شىء، كما اتفق مع النظام الكوبى الحاكم على إخراجه من كوبا معتمدا على كونه يساعد المتمردين وينقل لهم السلاح فى قاربه.
دوائر كثيرة أحاطت بالكاتب فوجد نفسه يمسك بندقية صيده، ويطلق النار على نفسه واضعا حدا كبيرا للعبث الذى أفسد كل شىء.
نقلا عن اليوم السابع