العلمانية والعقل العربى (85) علاقة اضطهاد!
مقالات مختارة | دكتور مراد وهبة
الجمعة ١٤ ديسمبر ٢٠١٨
هذا هو عنوان مقالى الأول والأخير الذى نشرته صحيفة «اليوم السابع» الفلسطينية فى 21/5/1984 بناء على تكليف من لطفى الخولى المستشار السياسى لعرفات وأنا هنا أعرض موجزاً لأهميته التاريخية بسبب حمية لطفى بمشاركة من عرفات فى إشاعة العلمانية. ومع ذلك كانت المقاومة شرسة فى منع تناول العلمانية. والمفارقة هنا أننى دعيت من قبل دار الأدب والفن بلبنان فى عام 1974 لإجراء حوارين مع الإمام موسى الصدر والمطران الكاثوليكى جريجوار حداد فى سياق العلمانية، وقد انتهى الأمر باغتيال الإمام باتفاق غير معلن بين آية الله الخمينى والرئيس القذافى أغسطس 1977، وإليك الموجز:
كان الإصلاح الدينى فى أوروبا فى القرن السادس عشر إرهاصاً للعلمانية، حيث دعا لوثر إلى تحرير العقل من السلطة الدينية فى فهم العقائد الدينية، وجاء التنوير فى القرن الثامن عشر تجسيداً للعلمانية حيث دعا الفلاسفة إلى تحرير العقل من كل سلطان ما عدا سلطان العقل. وقد مهد ديكارت فى القرن السابع عشر لهذه الدعوة عندما أعلن أن على العقل ألا يسلم بفكرة إلا إذا كانت واضحة ومتميزة.
العقل الأوروبى اذن عقل علمانى فماذا عن العقل العربى؟
فى كتاب «تخليص الإبريز فى تلخيص باريز» يقول مؤلفه رفاعة الطهطاوى إن لديه تحذيرات إلى القارئ العربى من العلوم الفلسفية الفرنسية إذ فيها حشوات ضلالية مخالفة لسائر الكتب السماوية، ويقيمون على ذلك أدلة يسهل على الإنسان الاقتناع بها، ومن هنا يلزم أن يكون القارئ متمكناً من القرآن والسنة وإلا ضاع إيمانه.
وفى كتاب «المصريون» يقول مؤلفه قاسم أمين إن الهوية الإسلامية مفقودة ومع ذلك فإنه يقارنها بالهوية المسيحية التى تقضى على العقل وتدعو إلى العبودية، وهى لذلك عدو الإنسانية، ولهذا فمن الطبيعى أن يقال عن التقدم الأوروبى إنه مرهون بحركة لا دينية، أى بحركة علمانية. والإسلام بعكس المسيحية يأخذ بالعقل ويحرر العبد. وبناء عليه فإن قاسم أمين حين يعرض لتقدم الفنون والآداب فى العالم الإسلامى يرده إلى أسباب دينية، وحين يعرض لتأخرها يرده إلى أسباب اجتماعية وسياسية.
وفى كتاب «الإسلام وأصول الحكم» ينكر مؤلفه الشيخ على عبدالرازق الخلافة من حيث هى مفهوم دينى كما ينكر الربط بين الدين والدولة. وإثر نشر هذه الفكرة قررت هيئة كبار العلماء بالإجماع إخراج الشيخ من زمرة العلماء ومصادرة كتابه. ومع بداية الأربعينيات تبلور قرار الهيئة فى صورة حزب إسلامى هو حزب الإخوان المسلمين. وتأسس بعده حزب البعث فى دمشق فى عام 1940، وكان مضمونه إسلامياً عربياً بمعنى أن الإسلام هو الثقافة القومية للعرب، وهو ما يشير إلى إنكار فصل الدين عن القومية.
وإثر استيلاء السادات على الحكم نشأت الجماعات الدينية التى تجاوبت مع فكر أبو الأعلى المودودى المفكر الباكستانى صاحب مفهوم الحاكمية الذى تأثر به سيد قطب المنظَر لحزب الإخوان المسلمين والذى يعنى نقيض العلمانية.
وعندما حدثت هزيمة 1967 قيل إن سببها العلمانية المناقضة لمبادئ الإسلام.
ثم اختتمت المقال بهذا السؤال: ما هو مستقبل العقل العربى؟
الجواب فى إشكاليات أصولية حماس فما هى؟.
نقلا عن المصري اليوم