لماذا تستقبل أنت القبلة وتحرم عليهم استقبال المذبح؟!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الجمعة ١٤ ديسمبر ٢٠١٨
لو أحسن الدكتور على عبدالعال لشكل من فوره لجنة تقصى حقائق برلمانية، وأوفدها بلا تأخير إلى محافظة المنيا لتقصى أحوال إخوتنا المسيحيين فى قرى مراكز المحافظة التى باتت على صفيح طائفى ساخن، أخشى أن تتحول إلى فتنة طائفية، يستوجب تقصى الأسباب، وحرث الأرض بحثا عن الجذر المتعفن، واقتلاعه قبل أن يعدى، العدوى الطائفية خطيرة.
أكلما صرح بكنيسة أغلقت كنيسة، أكلما تقرر فتح كنيسة يهيج القوم على كنيسة يقذفون المصلين بالطوب، ويتجمهرون لإسقاط الصليب؟! عجبا، المسيحيون يدعونكم لإضاءة شمعة لا لقطع الماء والكهرباء عن الكنيسة، عاجبكم صورة إخوتنا يصلون فى الشارع، هل هذا ما يصدر عن مصر الطيبة المتسامحة، بلد الأديان، وموطن مجمع الأديان؟!
الرئيس، مشكورا، تدخل أكثر من مرة لكبح تهوسات المتطرفين فى المنيا، اعتذر لسيدة الكرم، وصرح بكنائس كانت مسرحا للغوغائية ترفع الشعارات الطائفية البغيضة، ولكن ليس فى كل مرة الرئيس يتدخل، هناك برلمان، وهناك حكومة، وهناك مسؤوليات الكل يضطلع بها، صورة إخوتنا يصلون فى الشارع محزنة.
لماذا المنيا، ولماذا هذا اللعب من المنيا بالذات، هناك أسباب، ومسببات، وهناك من يزرع الأرض ببذور الشيطان، نعم الشيطان يكمن فى التفاصيل، ولكن التفاصيل باتت معروفة ومكررة وبنفس السيناريو كل مرة، وكأننا لا نتعلم الدرس، فى كل مرة نفس الأصوات القبيحة تحرض على الفتنة على أرضية طائفية زلقة، وفى كل مرة يصلى الأقباط فى الشارع، وتصل صلواتهم الشارعية إلى العالم كله، هذا وحده كفيل بوصم مصر بما ليس فيها، بلد المحبة، راعية الأديان لا تستأهل أبدا هذه الصورة الحزينة.
لا تثريب عليهم إن صلوا فى الشارع، بسطاء الأقباط، مجبرون تماماً، لماذا يستقبلون القبلة ويحرمون علهم استقبال المذبح، لماذا يصلون الجمعة ويحرمون قداس الأحد، كلها أيام الله، وكلها بيوت الله يذكر فيها اسمه، لماذا هذا الذى يجرى وكأنه قدر مكتوب؟!
كيف يحدث هذا ورأس الدولة لا يقصر فى أداء واجباته الوطنية تجاه مواطنيه، يعيد على إخوته فى عيد الميلاد، ويقرر بناء الكنائس الجديدة فى المدن الجديدة، ويتبرع لبناء كاتدرائية «ميلاد المسيح» فى العاصمة الجديدة ويدشنها فى عيد الميلاد الماضى «تحت التأسيس»، وسيفتتح المرحلة الأولى نهائيا فى عيد الميلاد المقبل، ويدعم لجنة توفيق أوضاع الكنائس فى إطار القانون، ويولى عليها رئيس الوزراء لينجز ما تأخر، ويطلب موعدا لإنهاء هذا الملف المقلق برمته ويقطع «فرطه».
هذا الرجل حقاً فطرته سليمة، ومواطنته جلية، ولا يتأخر عن طلبات إخوته ومواطنيه، وعلاقته فريدة ببابا المصريين البابا تواضروس الثانى، ويصطفيه فيمن عنده، ويدعو له البابا فى صلواته، ويقف على تعويض الأقباط عن عقود مضت من الأحزان الطائفية.
هذا الذى يجرى فى بعض مراكز المنيا يحتاج إلى تقصى حقائق، بعض القرى حبلى ببذور طائفية فاسدة، حبلى بحمل سفاح، المنيا لا تعكس أبدا وجه مصر الجديدة، مصر التى تفخر بأبنائها الأقباط، محافظين ووزراء وعمداء، مصر التى تبنى الكنائس كما تبنى المساجد دون تمييز، مصر التى تحتضن مؤتمرات المصريين فى الخارج فى عطفة على إخوتنا الذين غادروا لأسباب، بعضها طائفية، تنادى على أولادها بإثبات الحضور الوطنى القوى.
المنيا أو بعض مراكزها إن شئنا الدقة تحتاج إلى معالجات خاصة تبنى على دراسات معمقة، تقف على الأسباب، وتقترح العلاجات، وتذهب إلى تطبيق القانون حازما صارما، تنقى الأرض من الحشائش الضارة، وتحرث الأرض من تحت أقدام المتطرفين، وتشمسها فى شمس الصباح، بعض القرى فى المنيا أرضها طبلت من نشع الطائفية.
نقلا عن اليوم السابع