«الخلوة متعة.. مارسها»!!
مقالات مختارة | سيلڤيا النقادى
السبت ١٥ ديسمبر ٢٠١٨
لم أعرفه من قبل.. لم أسمع عنه «Jaggi Vasudev» المعروف شعبياً باسم «SadHguru» لحين قفز على شاشة تليفونى المحمول من خلال فيديو طريف أرسله لى أحد زملاء الدراسة.
«ساد جورو» هو هندى، صوفى، ومؤلف، أسس مؤسسة أهلية غير ربحية تحمل اسم «آيشا» يقدم من خلالها برامج توعية اجتماعية وتعليم، بالإضافة إلى المبادرات البيئية.. ببساطة شديدة حكى «ساد جورو» عن قصة طائر تعرض للسقوط على الأرض بعد أن تجمد جناحاه من البرد وهو يطير فسقط فى «روث» بقرة فشعر بالدفء ومن ثم بالراحة والانبساط، وبدأ يرفرف بجناحيه مرة أخرى فسمعت حركته قطة، جاءت وأكلته.
الفلسفة من القصة تقول إن ليس كل «روث» يتعرض له الإنسان سيئا ولا ينبغى أن يكون كل من يضعك فى «الروث» عدواً! وليس بالضرورة أيضاً من يحاول أن يخرجك منه صديق!! لذلك فإنه من الأفضل أن يتعلم الإنسان ألا يبوح أو يثرثر بمشاكله كثيراً للآخرين بل يتعلم كيف يصمت ويحتفظ بها لنفسه، وأن يثق أنه يملك طاقة قادرة على حل مشاكله إذا واجهها وحده من خلال ممارسته «الخلوة» مع ذاته، وهى قيمة عقلية لا تُمارس بين البشر الذين يخشون المواجهة مع النفس، وهذا ما يجعلهم دائماً يفضلون التواجد بين المجموعات الصاخبة من الأصدقاء، وربما يصدرون إليهم مشاكلهم اعتقاداً بأنهم قادرون على حلها!!!
نصيحة أو موعظة ذكية فى محلها لعلها تهدى الآخرين.. ذكرتنى بمقولة قالها أحد الفلاسفة «إن القراءة صحبة لا تستطيع أى صحبة أخرى أن تضاهيها أو تحل محلها».. هى صحبة مع الذات عندما يختلى الإنسان مع عقله وهو يسبح بين كلمات الكتاب ومعانيه فى خلوة من نوع آخر، ومع ذلك نجد هذا العزوف المخيف عن القراءة الذى أصاب المجتمع، كبيراً كان أو صغيراً.. الأسباب كثيرة لتحليل هذه الآفة التى تلمسنا كمجتمع «لا يقرأ»، وقليلاً ما يحب أن يتواجد فى أى مجتمع ثقافى.. مجتمع لا يحب أن يخلو مع نفسه أو مع كتابه، تفادياً للمواجهة، وبالتالى تراه يتحرك فى جموع.. يتسامر فى جموع.. يتشاور فى جموع.. صعب أن تجده وحيداً فى سعادة مع ذاته لأنه لا يريد مواجهتها.
إذن فالقراءة تمثل حملاً ثقيلاً للكثير ما لم تكن ضمن أسلوب حياة يمارس مع اتجاهات تشجع على متعة هذه الأداة المعرفية والخلوة بها مثلما وعظ هذا الفيلسوف الهندى بقيمة «الخلوة» وطاقة تأثيرها على النفس.. القراءة هى نوع من هذه الخلوة الممتعة، علينا تشجيعها.. علينا الترويج لها كسلعة جذابة ممتعة، وربما يذكرنى ذلك بسيناريو مضحك ذكرته إحدى الكاتبات وهى تشير إلى مدرس طلب من تلاميذه أن يرسموا قارئاً.. فإذا بأحدهم يرسم رجلاً على شكل ناسك من العصور الوسطى متربعاً على جبل من الكتب، وآخر رسم صورة رجل من يبدو عليه البؤس يقرأ كتاباً بملامح وجه متجهم، وثالث وصف الشخص الذى يحب القراءة بأنه انطوائى وممل.. الغريب، كما تقول الكاتبة، أن لا أحد رسم نفسه أو رسم شاباً أو شابة!!! نعم هذا هو جيل القرن الواحد والعشرين.. فأهلاً ومرحباً.. اتشرفنا يا شباب!!.
نقلا عن المصري اليوم