الأقباط متحدون - المربيّة ورصيف الفلّ
  • ٠٠:٠٩
  • الاثنين , ١٧ ديسمبر ٢٠١٨
English version

المربيّة ورصيف الفلّ

زهير دعيم

مساحة رأي

٤٨: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٨

حمله لتنظيف الحدائق
حمله لتنظيف الحدائق
بقلم : زهير دعيم
قبل سنوات عديدة كُنتُ في القاهرة ؛ المدينة العريقة والتاريخيّة والجميلة! ...جميلة حقًّا لولا تلك الخصلة التي نسمّيها " النّظافة" أو على الأصح الّلا نظافة إن صحّ التعبير، فتكاد هذه النظافة ان تكون معدومة ، فالشوارع تغوض بالنفايات والقمامة من أوراق وبقايا مأكولات وعلب عصائر واعقاب سجائر ومئة شيء وشيء.
 
وكان بيدي يومها علبة كوكا كولا أشربها على مهل ، فلما فرغت ظللت محتفظًا بها دقيقة ودقائق ومترًا وأمتارًا لعلّني أجد سلّا للنفايات فما وجدت ، بل وجدت وشاهدت من يرمي بالعلب الفارغة بجانب عامود للكهرباء أو في النيل الخالد أو أينما حلا له وطاب، ففعلت مثلهم صاغرًا.
 
تذكرت هذه الحادثة وأنا استمع لإحدى المربّيات المُهذبات والفاضلات والتي صادفتني فبادرتني قائلة : " كنتُ أريدك استاذنا ان تكتب عن آداب النظافة وأخلاقيات الجيرة الحسَنة ... هل تُصدّق أن جيراننا ينظّفون بيتهم وحديقتهم ويُقلّمون أشجارهم ويضعون هذة " الكنوز" على رصيف الشارع العامّ وبالقرب من جدار بيتنا !
 
قُل لنا بربّك ماذا نفعل علمًا انّه يروق لنا بل ومن حقّنا الطبيعيّ في ايام الربيع والصيف وخاصّة في الصباحات والأماسي أن نجلس على شرفة بيتنا المُطلّة على الشارع العامّ لنرتشف قهوتنا ، فيتعكر المزاج بدل من أن يعتدل ويطيب ، وكيف يطيب وأكوام النفايات لا تريد ان تفارقنا ؟ّ 
 
ونحن يا سيّدي أناس لا نحبّ الشكوى الصارخة او الامتعاض الظاهر فنروح نكبت الامر في دواخلنا لعلّ وعسى أن " يزور" الذوق جيراننا الكرام فيُقلعوا عن هذه العادة الجميلة !!!
 
ولكن هيهاتِ !!!
وكيف يُقلعون وهذه الآداب مغروسة في الأعماق وفي النفوس ، لقد باتت نهجًا وأسلوب حياة بل أضحت " خِصالًا " نتزيّن بها ، فلا تستغربَنَّ إن رأيت من يعبر بجانبك بسيارته ثمّ ما يلبث أن يقذف بعلبة بيبسي فارغة من النافذة او بعقب سيجارة مشتعل أو ببقايا رغيف فلافل ؛ يقذفه ولا يتحرّك له عصب ، فألأمر طبيعيّ وأكثر.
 
وكيف تتحرّك أعصابه وهذه الأمور أضحت من عاداتنا ونهج حياتنا واسلوبنا ، فمن لا يفعلها ينشقّ عن الجماعة ويضحي أقليّةً ، وفي مجتمعنا العربيّ نمقت هذه المُسمّاة " أقلية " ..
 
لا أريد أن أعمّم ، فهناك من تربّى على الآداب الجميلة والأخلاقيات الأجمل فعشق النظافة وتبنّاها وصان الجيرة الحسّنة ولوّن حياته باحترام الوقت وتقديسه. 
 
واسؤال المطروح هو : الى متى سنبقى هكذا ، نتصرّف في حيفا وتل أبيب بشكل مغاير عمّا نتصرّف به في بلداتنا العربيّة وذلك خوفًا من غرامة تفرضها الشُّرطة على المخالفين .
 
صرخة هادرة أطلقها مع هذه المربيّة الرائعة والخلوق لعلّها وعساها تزوبع في الضمائر والنفوس والحنايا فيبنت على ارصفتنا الفلّ والمنتور!!! .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع