الكنيسة القبطية وتيسير الزواج الثاني
تتزايد الدعوات بين مسيحيي مصر حاليا إلى سن قانون مدني للأحوال الشخصية، يمنحهم حرية أكبر في الطلاق والزواج الثاني، وسط تهديدات من الآلآف بالاستقالة من الطائفة الأرثوذكسية بحلول 15 سبتمبر/أيلول المقبل، ردا على رفض الكنيسة للاستجابة لمطالبهم.
وتتبنى ثلاث مجموعات على "الفيس بوك" هذه المطالب، وهي :"منكوبو الأحوال الشخصية فى الكنيسة المصرية"، و"ادعموا حق الأقباط في الطلاق والزواج المدني"، إضافة إلى "ائتلاف أقباط 1938". وتحظى مطالبهم بدعم عدد من المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية.
وكشف رئيس حركة "الحق في الحياة" أيمن جورج للجزيرة نت عن أن الحركة قدمت مذكرة إلى وزارة العدل قبل أيام، تطالب فيها بمنح الحق لمن حُكم بتطليقهم من الأقباط في أن يبرموا زواجهم الثاني علي يد موثق مختص دون الرجوع للكنيسة.
لائحة 1938
وأضاف أنهم يطالبون أيضا بمنح الحق للزوجين المسيحيين المتفقين على الطلاق في أن يفضا عقد زواجهما لدى الموثق المختص، دون طلب أي إجراء عن طريق الكنيسة، بحيث تترتب عليه الآثار القانونية للطلاق. كما يطالبون بالعمل بلائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة عام 1938.
وتنص تلك اللائحة على أسباب للطلاق هي: الغيبة، والجنون أو المرض المعدي، والاعتداء الجسدي، وإساءة السلوك، والانغماس في الرذيلة، وإساءة العشرة، واستحكام النفور، وترهبن أحد الزوجين، والزنا، والفرقة، وتغيير الدين.
لكن المشكلة -وفق أيمن جورج- بدأت مع اعتلاء بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، شنودة الثالث، كرسي البابوية عام 1971، إذ ألغى العمل بلائحة 1938، وقصر تصاريح الطلاق على علة "الزنا"، ووصف جورج ذلك بأنه "تفسير شخصي من البابا لنصوص الإنجيل".
ويقدر عدد المتضررين بنحو 150 ألفا إلى 300 ألف أرثوذكسي، موضحا أن القانون الذي يطالبون به يفصل تأثير الكنيسة عن قوانين الدولة، ويكفل الزواج المدني للأقباط دون تصريح منها، مع إمكان توثيقه في الشهر العقاري.
دون تصريح
ويشعر كثير من الأقباط بالامتعاض والغضب من تعامل المجلس الإكليريكي مع قضايا الأحوال الشخصية، بصفته المختص بذلك داخل الكنيسة الأرثوذكسية، وبيده سلطة تقرير الطلاق بين المتزوجين، ومنح حق الزواج مرة أخرى."
يقول عضو ائتلاف أقباط لائحة 1938 رفيق رشدي للجزيرة نت: "نشعر بتعنت ولا مبالاة تجاه حالاتنا من قبل المجلس كأننا نطلب الزنى"! ويضيف: "ليس معقولا أن ينتظر المرء أكثر من عشر سنوات لكي يحصل على تصريح بالزواج الثاني".
زواج وطلاق
السيدة فيفيان تروي أنها تزوجت من مسيحي قام بالتدليس عليها، وتضيف للجزيرة نت "عاملني كالعبيد، وسرقني، وضربني، وحاول قتلي، فحررت له محاضر بشهادة الشهود، وطلبت الطلاق لدى المجلس الإكليريكي لكن مسؤوليه رفضوا لقائي، مما اضطرني للجوء إلى القضاء".
وتعلق الناشطة القبطية كريمة كمال -التي أجرت دراسة بعنوان "طلاق الأقباط في مصر"- على حالة فيفيان بالقول إن هناك حالات إنسانية أشد وقعا منها، من ذلك أن "سيدة صعيدية أقرت أمام هيئة المحكمة بأنها زنت، ولم يكن ذلك حقيقيا، لكنها فعلته لرغبتها في الانفصال عن زوجها".
وتضيف "أتمنى أن تبدي الكنيسة مرونة أكبر لجهة تطبيق روح الإنجيل"، محذرة من مشكلات طائفية بالجملة، وبروز ظاهرة "الخارجين من المسيحية والعائدين إليها"، لأن كل من يريد الحصول على الطلاق من الأقباط ليس أمامه بعد اتهام الطرف الآخر بالزنا سوى تغيير الملة أو الديانة.
الحوار والحل
لكن نائب رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر القس أكرم لمعي يرى أن الكنيسة مطالبة أولا بفتح حوار بين اللاهوتيين داخلها، "لأن تفسير الكتاب المقدس يتوقف على الزمان والمكان والإنسان. والقاعدة تقول إن المسيح جعل الوصية لأجل الإنسان وليس العكس"، بحسب تعبيره.
ويحذر في تصريحه للجزيرة نت من "أن عدم حل المشكلة يفتح الباب للانحراف والزنى، أو تغيير الملة أو الديانة، وكلاهما ليس في صالح الكنيسة".
أما الاستقالة من الأرثوذكسية فيعدها الناشط والمفكر القبطي كمال زاخر "محاولة للاحتجاج بصوت عال"، مشيرا إلى أن الحكومة لا تملك القدرة على الضغط على الكنيسة، لذا يجب على الكنيسة فتح باب الحوار، لأن الانفجار وشيك، كما قال في حديث للجزيرة نت.
وفي المقابل؛ رفض البابا شنودة عزل رئيس المجلس الإكليركي الأنبا بولا، وهو ما نادى به طالبو الزواج الثاني في مظاهرتهم يوم 15 أغسطس/آب الجاري. وأعلن عن مد تجميد نشاط المجلس لحين عودته من الولايات المتحدة؛ مما قد يرشح الأزمة للتصاعد خلال الأسابيع المقبلة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :