الأقباط متحدون - ولكنى رجل وأنتِ امرأة
  • ٢١:٣١
  • الثلاثاء , ١٨ ديسمبر ٢٠١٨
English version

ولكنى رجل وأنتِ امرأة

مقالات مختارة | أيمن الجندي

١٩: ٠٨ ص +02:00 EET

الثلاثاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٨

كاثرين هيدرن
كاثرين هيدرن

أيمن الجندي
هذا فيلم لم أكن أتصور أننى سأكتب عنه. مجرد تنميط آخر للفكرة المعادة المستهلكة. الأمريكيات وحياتهن الجافة الباردة. الكل يعمل من الصباح إلى المساء. والرجال يملون بسرعة من النساء؛ يقطفون زهرتهن ثم ينصرفون لزهرة أخرى. الزواج صعب والرجال خائنون بالفطرة. ومع تكدس الزهور فى الحديقة يمل النحل من الزهور. فالورد مبذول ومتاح، ولا شىء يستحق التعب أو حتى الإخلاص.

هكذا مضت بها الحياة بـ(كاثرين هيدرن) دون أن تصادف حبًا حقيقيًا. رجل يقول لها إنها جميلة وحلوة وملكة النساء. حتى أمعنت فى أربعينيات عمرها الناضب، وبدا لها المستقبل فى غلالة من الضباب الخريفى. وهكذا لم تجد خلاصًا لها إلا فى الذهاب لإيطاليا- بلد الأحلام.

■ ■ ■
يا لهذا الملل! منذ ١٩٥٥، عام إنتاج الفيلم، حتى الآن وهوليوود تعتصر إيطاليا. مصنع الشباب الأشداء بقامتهم الفارعة وشعرهم الأسود وسحرهم الرومانى. الفرسان الذين لا يكفون عن الحب، ويمطرون النساء بقبلات تعيد لهن شبابهن الناضب. تأتى النسوة الأمريكيات اليائسات بحثا عن سراب اسمه رجل رومانسى. يشعل الشمعة الأخيرة فى محراب أنوثتها. يراقصها، يلاطفها، يهمس لها بأعذب الكلمات.

حلم! وربما وهم غير موجود أصلا. ولكن ألسْنا نحيا جميعًا على الأوهام؟! ألسْنا نتقوت بها على جدب أيامنا؟! فلماذا نلومها حين تبحث عن الحب فى فينيسيا حتى لو كانت تعلم أنه سراب.

■ ■ ■
فينيسيا.. جداول الماء المنسابة بين البيوت الحجرية القديمة. وإشارات المرور فى عمق الماء تنظم حركة المركبات المتهادية. التماثيل فى كل مكان كأنها حراس المدينة. وهى سعيدة. لديها وهم- مثل كل الغربيين- أن شيئا خارقا للعادة سوف يحدث لها فى الشرق، لمسة صوفية تشعل روحها، رسالة سماوية تجعلها تفهم المغزى من وجودها.

والحبيب ظهر فعلا. إيطالى كما يقول الكتاب. يتقن فنون الغزل. تلتهب وجنتاها باللون الأحمر الذى لم تعرفه منذ عهد الشباب. لكن- وا أسفاه- تكتشف فجأة أنه متزوج ولديه أبناء فى طور الشباب. انصرفت غاضبة لأن علاقتهما لن يكون لها مستقبل. على أن حبيبها الإيطالى فاجأها بقوله: «أنت تحلمين بمقابلة شخص تريدينه شابًا ثريًا وذكيًا وغير متزوج بالطبع. وأنا لست شاباً، ولست ثرياً، ولست ذكيا، وأنا متزوج بالطبع. ولكنى رجل وأنتِ امرأة».

«أنتِ مثل الطفل الجائع الذى أُعطى (ساندويتش) ليأكله، فيقول: أريد قطعة من اللحم المشوى».

«يا فتاتى العزيزة، أنت جائعة. تناولى الساندويتش».

قالت فى ضعف: «إننى لست بهذا الجوع».. فرد بثقة: «إننا جائعون طوال الوقت».

■ ■ ■

يا لهذا الإيطالى من جرىء! جرىء وصادق! هكذا عرى كل أوراق التوت، وأظهرها على حقيقتها علاقة جسدية صرفٌ، دون لوع ودون «اشتغالات» وأكاذيب. والطريف أنها بالفعل تجاوبت معه. لم أحترم منطقه، ولكنى احترمت صدقه. هذا رجل صادق على الأقل، وما أندر الصادقين!
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع