الأقباط متحدون - نص كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية في مؤتمر الاقتصاد الرقمي العربي 2018
  • ٠٠:٠٤
  • الثلاثاء , ١٨ ديسمبر ٢٠١٨
English version

نص كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية في مؤتمر الاقتصاد الرقمي العربي 2018

٤٩: ٠١ م +02:00 EET

الثلاثاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٨

 مؤتمر الاقتصاد الرقمي العربي 2018
مؤتمر الاقتصاد الرقمي العربي 2018

أبو ظبي: 16 ديسمبر 2018

صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان
    ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة
صاحب السمو الفريق / سيف بن زايد آل نهيان
               نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بدولة الامارات
السيدات والسادة الحضور،

يسعدني أن أكون بينكم اليوم في افتتاح أعمال "مؤتمر الاقتصاد الرقمي العربي"، وأن أتقدم بالشكر والتقدير إلى قيادة وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على حسن الوفادة وكرم الضيافة وعلى مبادرتها بعقد هذا المؤتمر الهام .. كما أعرب عن تقديري لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على رعايته الكريمة لأعمال هذا المؤتمر.

والحق أن اختيار موضوع "الاقتصاد الرقمي العربي"، ليكون القضية المحورية لأعمال هذا المؤتمر، يعكس وبصدق مدى الإدراك بجسامة التحديات التي تواجه المنطقة العربية في ظل الدور المحوري للتكنولوجيا الحديثة في تنمية المجتمعات والاقتصادات بشكل عام.

إن التطورات السريعة والمتلاحقة في تكنولوجيا المعلومات والتي يشهدها عالمنا اليوم يتمخض عنها نوع جديد من الاقتصاد هو الاقتصاد الرقمي .. الذي أصبح يلعب دوراً هائلاً في تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال خلق فرص استثمارية حقيقية في جميع المجالات والقطاعات ... وكذلك في تحقيق الشمول المالي ... وبما يدعم الاقتصادات في مواكبة الحداثة الاقتصادية العالمية، ولا يخفى عليكم أن الحرب الدائرة بين القوى الكبرى على الصعيد العالمي تعكس، في جانب مهم منها، سباقاً على التحكم بسوق التكنولوجيا الرقمية وبمستقبله، خاصة تكنولوجيا الجيل الخامس (5G) .. إنها حرب ضروس لأن المكاسب هائلة، فما من مفصل في المجتمعات المعاصرة لا تتحكم به وتسيره التكنولوجيا الرقمية .. وعائد الابتكار في هذه التكنولوجيا يفوق معدلات الربحية في غيرها من القطاعات بما لا يقارن ... بل إن امتلاك ناصيتها يدفع بقطاعات الاقتصاد الأخرى إلى الأمام.


إننا أمام ثورة متكاملة تحركها التكنولوجيا الرقمية وتقودها تطبيقات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة (بيج داتا) .. البعض أطلق عليها الثورة الصناعية الرابعة للإيحاء بشدة تأثيراتها في مختلف مناحي الحياة، على غرار ما فعلت الثورة الصناعية الأولى .. ولا ينبغي أبداً أن نسمح أن تخرج أوطاننا من هذه المعركة خالية الوفاض .. أو أن تقنع بمكان متأخر في هذه المنافسة الطاحنة.

ولما كان الإبداع والابتكار هو المحرك الرئيسي لهذه الثورة الجديدة، فإن عالمنا العربي يجد نفسه بين خيارين لا ثالث لهما: إما الابتكار أو الاندثار .. أما أن نسارع إلى إعداد بنيتنا التعليمية وأسواق التوظيف لدينا لكي تواكب هذه المتغيرات العميقة في بنية الاقتصاد الحديث، وإما نواجه خطر التهميش والتقزيم.


إن منطقتنا تواجه تحديات غير عادية تحملُ دولها على الالتفات لقضايا الأمن والسلم أكثر من غيرها .. وبالرغم من ذلك .. وبالرغم مما تشهده المنطقة من توترات ونزاعات وصراعات مسلحة ... إلا أن هناك حكومات تبذل جهوداً مشهودة وجريئة لمواكبة الآليات والمفاهيم الاقتصادية الحديثة ... وهي الجهود التي لابد وأن تحظى بمساندة ودعم من الجميع، كما ينبغي أن تتواصل سياسات الإصلاح المالي وتحسين المناخ التشريعي والإجرائي من أجل إطلاق كافة الإمكانيات الاقتصادية الكامنة في المجتمعات العربية وجذب مزيد من الاستثمارات المباشرة.

السيدات والسادة،
لقد حان الوقت لكي تستفيد البلدان العربية – بالشكل الأمثل – بما تزخر به من قدرات بشرية، ومواقع جغرافية هامة ومحورية .. وموارد مالية وجيولوجية كافية لتحقيق النهضة المنشودة ووضع دولنا في المكانة التي تستحقها بين مصاف الدول المتقدمة والمتطورة .. لا يعقل على سبيل المثال أن حجم أسواقنا الالكترونية لا تزيد عن 1% من حجم السوق الالكتروني العالمي، كما لا يعقل أيضاً أن يتعذر على المواطن العربي التعامل بفاعلية مع تطبيقات التكنولوجيا المالية التي تغزو العالم المصرفي بمعدل غير مسبوق في تسارعه ... فكل يوم، يتضح بصورة أكبر تأثير التضافر بين التطبيقات التكنولوجية، خاصة في مجال الاتصالات، من ناحية، وبين العمل المصرفي من ناحية أخرى، حيث تلعب التطبيقات التكنولوجية دورها في تحقيق الشمول المالي.

السيدات والسادة،
إن جامعة الدول العربية تسعى دائماً لمواكبة التطورات الجارية من حولها في جميع المجالات والقطاعات وتبني أفضل الممارسات لتفعيل وتعزيز أداء منظومة العمل العربي المشترك ... وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى الشراكة فيما بين جامعة الدول العربية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في إطار مبادرة خارطة الطريق لحوكمة الانترنت إقليمياً ودولياً، لتكون مجموعة الدول العربية من ضمن أولى المجموعات الإقليمية التي تعمل على صياغة خارطة طريق لحوكمة الانترنت على المستوى الإقليمي.


إن هناك تطوراً في بعض الدول العربية لا تغفله العين ... حيث تحتل بعض الدول العربية – ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة – مكانة متقدمة بين دول العالم من حيث استخدام شبكة الانترنت في ضوء تضاعف معدل تدفق البيانات العابرة للحدود التي تربط منطقتنا العربية ببقية دول العالم خلال العقد الماضي بما يتجاوز 150 ضعفاً ... وفي هذا المجال، حققت عدة دول عربية قفزة واسعة في قطاع الاستهلاك الرقمي من حيث ارتفاع معدلات الاعتماد على الهواتف الذكية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

السيدات والسادة الحضور،
إنني على يقين أن ما سيسفر عنه مؤتمر اليوم من نتائج سيكون محل أولوية واهتمام من الجامعة العربية بأجهزتها المختلفة، وبما يساهم في إعطاء البعد والزخم العربي الرسمي لهذا الجهد الكبير.

مرة أخرى كل الشكر لدولة الإمارات على مبادرتها .. وفقكم الله إلى ما فيه نفع الشعوب العربية وازدهارها.

        والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،