الأقباط متحدون - الغضب القبطى!
  • ١٧:٢٣
  • الثلاثاء , ١٨ ديسمبر ٢٠١٨
English version

الغضب القبطى!

منير بشاي

مساحة رأي

٢٧: ١٠ م +02:00 EET

الثلاثاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٨

 الغضب القبطى
الغضب القبطى
بقلم منير بشاى
تجتاح اقباط مصر فى هذه الايام موجة عارمة من الغضب. الاحساس بالغبن يتزايد. حوادث الاعتداء على الكنائس وخاصة فى محافظة المنيا تتكرر. عمليات القتل على الهوية تستهدف الاقباط بكثرة. الاجواء قاتمة دون أدنى احساس بالأمل فى ان الغيمة ستنقشع وتطلع الشمس من جديد.
 
يتزامن هذا مع ردود افعال للأجهزة الامنية المصرية اقل ما توصف به انها محبطة. فمن تباطؤ فى الاستجابة عند الاستغاثة الى تحيّز فى المعاملة الى الالتجاء لوسائل ظالمة فى المعالجة مثل القبض على البعض (من الطرفين) واستعمال هذا كوسيلة للضغط على المجنى عليهم من الاقباط لقبول التنازل عن حقوقهم فى جلسات صلح عرفية مشينة بعيدة عن القانون.
 
ولكن ما جعل الكيل يطفح ما حدث مؤخرا فى المنيا من اغتيال لرجل وابنه بواسطة امين شرطة مكلف بحماية كنيسة ليصبح حاميها هو من يقتل بنيها. وقبل ذلك كان حاميها هو من يكفر شعبها عندما دخل امين شرطة آخر مكلف بحماية كنيسة الى داخل الكنيسة ليصرخ في العابدين: يا كفرة! النتيجة واحدة وهى الموت لأن الاتهام بالكفر حكم ضمنى بالاعدام.
 
واضح ان الاقباط يعيشون فى جو ملىء بالكراهية تزايد مؤخرا بعد ازاحة الاخوان من الحكم. ومع ان الشعب المصرى كله هو من ثار على حكم الاخوان، ومع ان جيش مصر هو من نفّذ ارادة الشعب، ولكن الاخوان اختزلوا كراهيتهم فى الاقباط وحدهم.
 
وكان ظهور رأس الكنيسة القبطية فى المؤتمر الشعبى الذى اقامه المشير السيسى القائد العام للقوات المسلحة فى ذلك الوقت قد اكّد للاخوان ان الاقباط هم وراء استبعادهم من السلطة. هذا مع ان المؤتمر كان حاضرا فيه شيخ الازهر وكان فيه أيضا ممثل للسلفيين ضمن ممثلين لكل فئات الشعب. ولذلك كان رد فعلهم بعد فض اعتصامهم فى ميدان رابعة انهم تحوّلوا الى ثيران هائجة اندفعت لتحرق نحو 100 كنيسة ومبنى خدمات فى يوم واحد.
 
ولكن الاخوان لا يحتاجون الى دافع منطقى او غير منطقى ليكرهوا الاقباط. فطبقا لنظرتهم الخاصة فان عقيدتهم تلزمهم بذلك. ومن هنا جاء ايمانهم بعدم جواز تهنئتة المسيحيين بأعيادهم بل وحتى مجرد إلقاء التحية عليهم فى الطريق. وهم يطبقون فى هذا النص القرآنى "يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم اولياء (اصدقاء). تلقون اليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق" سورة الممتحنة 1. وهم يؤمنون ان العدو فى هذه الآية هم المسيحيين ولا ينظرون الى نصوص اخرى تنفى هذا العداء مثل "ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون" المائدة 82 
 
فى صميم المشكلة انهم يعتبرون المسيحيين كفارا طبقا للنص "لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة وما من اله الا اله واحد" سورة المائدة 5: 73. هذا مع انه من ثوابت المسيحية الايمان بان الله واحد، وان فكر التثليث فى المسيحية له معنى لاهوتى روحى بعيد تماما عن شبهة الشرك او التزاوج.والتناسل. وهذا مع ان القرآن نفسه يقول "ان الذين آمنوا (المسلمين) والذين هادوا (اليهود) والنصارى (المسيحيين) والصابئون من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" المائدة 62
 
وفى مناخ الكراهية هذا يلزم توضيح بعض الامور عن الأقباط:
• نحن الاقباط مصريون حتى النخاع. لسنا ادنى او اعلى من غيرنا، ولن نقبل ان يعرضنا احد لمناخ الكراهية والتحقير او معاملتنا كمواطنين من الدرجة الثانية.
 
• مصر بلدنا منذ الاجداد. نحن نحب بلدنا ونعشق ترابها ونزود عنها بالروح والدم ولم ينجح احد خلال تاريخ مصر الطويل أن يستخدمنا لخيانة بلدنا مهما كان الثمن.
 
• نحن مواطنون ولسنا ذميون ولنا حقوقا على الدولة فى الحماية والمساواة. ومن حقنا الاحتجاج اذا تقاعست الدولة عن دورها. وهذا لا ينتقص من وطنيتنا بل يؤكدها.
 
• الكنيسة ركن هام من حياتنا. تماسك جبهتنا الداخلية هو سر قوتنا. توقير قادة الكنيسة وفهم دورهم كرمانة الميزان لحفظ السلام هو جزء أصيل من تقاليدنا واخلاقنا.
 
• نحن مسيحيون أولا. عقيدتنا هى التى تجمعنا. ايماننا بالله يجعلنا لا نرهب الموت ولكننا لا نسعى للموت أو نستعذب الاضطهاد. سنظل نطالب بحقوقنا ولن نفرط فيها.
 
كلمة فى أذن السادة المسئولين فى الدولة المصرية: الاقباط عانوا بما فيه الكفاية وقد تعبوا من اهمال الدولة لحقوقهم استرضاء لمن هم اعلى صوتا واكثر عنفا. الاقباط شعب صبور ومسالم ولكن لكل انسان قدرة محدودة على الصبر. ولقد نفد صبر الأقباط.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع