الأقباط متحدون - الرئيسُ يكسرُ الحائطَ الرابع
  • ١٦:٢٨
  • الاربعاء , ١٩ ديسمبر ٢٠١٨
English version

الرئيسُ يكسرُ الحائطَ الرابع

مقالات مختارة | بقلم : فاطمة ناعوت

٥٦: ١٠ م +02:00 EET

الاربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٨

فاطمة ناعوت
فاطمة ناعوت

 الأسئلةُ الثلاثة التى فاجأ بها السيدُ الرئيس عبدالفتاح السيسى- محافظَ القاهرة، ولم يجب عنها، تضعنا أمام بعض الملاحظات التى أودُّ طرحها فى هذا المقال.

 
وبدايةً فأنا من الذاهبين إلى أن صمتَ المحافظ عن الإجابة له احتمالاتٌ عدة، قد يكون من بينها علمه بالإجابات التقريبية، ولكنه فى حضرة الرئيس والحفل الحاشد لم يشأ أن يطرح أرقامًا غير دقيقة؛ لا سيّما وهو على ثقة من أن الرئيس يعرفُ إجابات تلك الأسئلة على وجه الدقّة؛ لأنها شأنٌ مصرى. وكلُّ ما يخصُّ مصر محفورٌ فى ذهن الرئيس، وربما مفاجأةُ السؤال أربكت السيد المحافظ عن استحضار ذهنه لحظيًّا ليُجيبَ عن الأسئلة، وكان يحتاج إلى لحظات إضافية ليجيب عن السؤال الأول، فسرعان ما عاجله الرئيسُ بالسؤال الثانى ثم الثالث، وبالطبع هناك احتمالُ عدم معرفة المحافظ بالإجابات، نظرًا لحداثة عهده فى المحافظة. وربما هناك احتمالاتٌ أخرى، جميعها لا تعنينى فى هذا المقال. ما يعنينى هو «فلسفة طرح الأسئلة من الرُّبّان، رأس السلطة السياسية فى الدولة، على رجالاته الذين يساعدونه فى قيادة سفينة مصر».
 
■ لم يكن محافظُ القاهرة هو المعنىَّ الأوحدَ بأسئلة الرئيس، بل جموع صنّاع القرار والمسؤولين فى مصر. فكأنما حين نمدّ خطَّ الخيال للمنتهى، بوسعنا أن نتصوّر الرئيس فى اجتماعاته بالوزراء والمحافظين، وهو يسألُ هذا، وينصتُ إلى ذاك، كما فى جلسات العصف الذهنى.
 
■ احترامى للرئيس السيسى الذى كان شديد الرقّة والحنو والأناقة، وهو يطرح السؤال، تلو السؤال، مؤكدًا بين كلمة وأخرى عباراتٍ من قبيل: «مش قصدى إنت بالذات- جات فيك انت معلش- مش عاوزك تزعل… إلخ).
 
■ أول «فلسفة» فى المشهد وردت فى عبارة فى سياق كلام الرئيس حين قال: «أنا عارف كل جنيه بيدخل مصر وكل جنيه بيتصرف فين. ده شغلى».
 
■ ثانى «فلسفة» فى المشهد وردت حين قال: «لازم تبقى عارف عشان تقدر تجاوب أى مواطن عاوز يفهم».
 
وهنا أدركنا إيمان الرئيس بحق المواطن فى الاطلاع على، والاضطلاع بمشاكل بلده. كأنما يريد الرئيس أن يقول إن المواطن ليس دوره أن يكون متفرّجًا على مصر، وهى تحاول الخروج من عنق الزجاجة، نحو انفراجة الغد المشرق بإذن الله، بل يؤمن الرئيسُ بأن المواطن لا بد أن ينخرط فى تلك العملية التنموية، لأن هذا حقُّه، وواجبه كذلك.
 
■ المشاكل الاقتصادية التى نعيشها اليوم لم تهبط علينا من الفضاء، إنما هى ميراثٌ طويل الأمد نتج عن عقود وسنوات من الاستهلاك، دون إنتاج تقريبًا، تزامن مع وتسبب فى حالة التضخم الاقتصادى، تزامنت مع ونتجت عن الانفجار السكانى المخيف، والبطالة، وانخفاض الكفاءة الإنتاجية على مدى العقود الماضية.
 
■ عبر هذا المشهد التاريخى الخاطف الذى لم يستغرق دقيقتين، أرسل الرئيسُ السيسى برسالة واضحة ومباشرة لجميع وكلّ مسؤول فى الدولة المصرية. تقول ما يلى:
 
أولا- أن يكون كلُّ مسؤول على دراية كاملة بكل ما يجرى فى حقله السلطوى من برامج زمنية ومدخلات ومخرجات ومشكلات وحلول بالأرقام الدقيقة.
 
وثانيًا- أن يكون جاهزًا بها فى رأسه، وليس فى الدفاتر والأوراق والمستندات.
 
وثالثًا- أن يعرف المسؤول أن من حق المواطن أن يسأل، ومن واجب المسؤول أن يجيب.
 
■ أما الفلسفة الأهم فى ذلك المشهد، فهى أن الرئيس كأنما هدم «الحائط الرابع» الوهمى الذى يقفُ بين النظام الحاكم، والمواطن.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع