الفقهاء من خلفنا والإيزيديات أمامنا
مقالات مختارة | سحر الجعارة
الخميس ٢٠ ديسمبر ٢٠١٨
ليس بالضرورة أن تكون «قواداً» أو «نخاساً» لتتهم بتجارة الرقيق الأبيض، وليس مهماً أن تلتزم بالقانون وأنت تبيع «لحم ابنتك» وهى فى الرابعة عشرة من عمرها.. فلديك رصيد من الفتاوى يدعم جريمتك ويعززها ويباركها.. فلماذا لا تحتفل بخطوبة أو عقد قران وأنت آمن من أى عقوبة رادعة؟.. وكيف تشعر بالخزى والعار وأنت تسلم طفلتك ليتمتع بها طفل أو عجوز مسن بينما تقف لتتلقى التهانى فى خانة «الأب»؟!.
لو كان لدينا قانون رادع يمنع زواج القاصرات، ويعاقب الأب بـ«السجن» حين يتاجر بصغيرته، ويحاسب المأذون الذى زور فى سنها، لربما توقفت جرائم الاتجار بالقاصرات.
نحن لدينا قرية بالكامل «الحوامدية» مشهورة بالزواج السياحى، يأتيها أى سائح عجوز وثرى ليتزوج «عرفياً» بطفلة خلال فترة وجوده بمصر، ثم يتركها «معلقة» أو حاملاً.. لتتراكم الجرائم حين يضطر الأب أحياناً لتسجيل حفيده باسمه.. ليصبح الطفل هو الابن والأخ فى الأوراق الرسمية.. أو تضيع الأم فى زحام الشوارع وتتحول إلى «عاهرة» فيما يسمى بـ«نساء الشوارع».. وهذه الحالات قد تضطر لبيع القاصرات بدافع الفقر.. إنه «لحم رخيص».. لكن البعض يرتكب نفس الجريمة من باب التفاخر والتباهى إما بالقدرة المادية على تزويج الأطفال أو لعقد «صفقة مصاهرة» تضم الثروات والعائلات!.
فى مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ أقيم حفل خطوبة طفلين يبلغان من العمر 14 عاماً، وما زالا يدرسان بالصف الثانى الإعدادى، وتم تداول صور الخطوبة وفيديو لها على نطاق واسع على مواقع التواصل.. ومع تصاعد غضب الناس تدخل «المجلس القومى للطفولة والأمومة» لوقف هذا الزواج، وتقدم ببلاغات للنائب العام ضد أولياء الأمور الذين عرضوا أطفالهم لهذه الانتهاكات، مؤكداً أن الأطفال يتعرضون لانتهاكات، وفقاً لأحكام قانون الطفل 126 لعام 2008، واصفاً ما يفعله أولياء الأمور بأنه إساءة لكرامة وحقوق الأطفال وخرق لقانون الطفل.
وكان مواطن آخر وشقيقه بمحافظة القليوبية قد أقاما قبل عامين حفلاً لخطوبة ابنيهما «زين»، تلميذ بالصف الثانى الابتدائى، عمره 7 سنوات، وابنة عمه «فريدة»، التى لم تلتحق بالتعليم بعد، وعمرها 4 سنوات، وأحال النائب العام أهالى العروسين للتحقيق. لكن بكل أسف لا يوجد قانون رادع يعاقب أولياء الأمور على «زواج الأطفال».. فقط لدينا فتاوى كبار العلماء، (بعضهم ينتمى للأزهر)، تجيز زواج الطفلة فى الرابعة من عمرها ومفاخذتها حتى تطيق «الوطء».. وقد ظللنا ننحدر حتى وصلنا إلى الشيخ «سعيد نعمان»، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، الذى قال: (إنه يجوز زواج البنات فى أى سن، حتى إذا كانت فى بطن أمها.. إذا ثبت بالسونار أن الجنين أنثى.
إنها مجرد «سلعة» ليس لها رأى فى المشترى الذى اتفق معه النخاس المدعو «ولى أمرها».. سلعة تباع قبل أن تخرج للحياة، فنحن شعب قبل بفتاوى نكاح المتوفاة.. فلماذا لا نتاجر فى الأجنة؟. لقد ارتضينا أن يكون بيننا من علماء الأزهر من يحلل «تجارة الرقيق»، ومنهم (سعاد صالح، عبدالمنعم فؤاد.. وغيرهما)، ولم يحاسبهم الأزهر ولا الجامعة التابعة له والتى يعملون بها.. لأن شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، يرفع شعار «لا اجتهاد مع النص».. والنص موجود فى القرآن الكريم، وهو لا يعترف بالمواثيق والاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر ومنها اتفاقية «جنيف» التى حرّمت الرق والاتجار بالعبيد.. بل إنه يخرج علينا فى معظم خطبه ليهاجم اتفاقية «السيداو» التى تحفظ للمرأة حقوقها!.
وفى ظل هيمنة مظلة الفتاوى الشاذة على عقول البشر، ووجود مؤسسة دينية متعنتة تناهض المرأة، وتحقّر من شأنها لا بد أن يتراجع القانون ويتسيد «كهنة الدين».. ليصبح «ولى الأمر» الذى يتاجر بلحم بناته هو أيضاً «ضحية» الخطاب الدينى الرجعى وإصرار العمائم على إبراز أعفن ما فيه ونشره وغرسه بالتكرار فى عقول البسطاء وحتى المتعلمين!. لقد تحولت الحرب بين المؤسسة الدينية والقانون إلى «قنبلة موقوتة»، تنفجر فى وجوهنا بأشكال متعددة من تفجير الكنائس إلى زواج الأطفال.. وآن الأوان لتفرض الدولة هيبتها وسيادتها بتفعيل القانون.
سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى: أطفال مصر وأعراض الصبايا يبحثون عن ملاذ آمن، يناشدونكم الإحساس بالأمان والحماية بقانون جديد، هو من صلب صلاحيات الرئيس، يعاقب ولى الأمر على الاتجار بأجسادهن.. بقانون يحجم طغيان فقهاء «السادية الجنسية».. إنهم يغتالون البراءة وينشرون «ثقافة داعش».. ولسنا إيزيديات يا سيدى.
نقلا عن الوطن