الأقباط متحدون - الهرم والجنس والأخلاق
  • ١٦:٥٠
  • الخميس , ٢٠ ديسمبر ٢٠١٨
English version

الهرم والجنس والأخلاق

مقالات مختارة | أمينة خيري

١٤: ٠٨ ص +02:00 EET

الخميس ٢٠ ديسمبر ٢٠١٨

المصور الدنماركي فوق الهرم
المصور الدنماركي فوق الهرم

إبان تفجر فقاعة الثنائى الدنماركى المتسلق الهرم والممارس للعلاقة الحميمة على القمة، فكرت فى كتابة بضع سطور عن الفصام والحراك الأخلاقى السائر عكس الاتجاه والوازع الدينى الذى يحمل الشىء وضده، لكن قررت ألا أفعل رغبة فى وأد الفتنة الأخلاقية المشتعلة.

لكن موضوعاً صحفياً منشوراً فى موقع «ذو لوكال» الدنماركى تحت عنوان: «دنماركيان تسلقا الهرم.. لماذا مصر غاضبة؟» دفعنى لمشاركة أفكارى فى شأن الجنس والهرم وأخلاقنا المجروحة. الجرح الغائر الذى خلّفته الصور العارية للمصور وصديقته مفهومة أسبابه، فالغالبية المطلقة من المصريين لا تقيم علاقاتها الحميمة فى الأماكن العامة، بما فى ذلك الجنس التجارى مدفوع الأجر. وجانب كبير من المصريين يختزل «الأخلاق» فى الجنس بمستوياته.

بعد تيسير المهمة من قِبَل «جمّال» وشابة مصرية «محجبة»، تم إنجاز التصوير الذى قلب مصر رأساً على عقب بسبب العرى غير المقبول. لكن مصر لم تنقلب رأساً على عقب بسبب استعداد «الجمّال» أن يقدم يد العون إلى الثنائى الراغب فى صعود الهرم بعيداً عن عين الأمن فى مقابل حفنة من المال. كما لم ينقلب رأساً على عقب جراء سهولة تسلق إحدى عجائب الدنيا السبع دون كاميرا مراقبة هنا أو عين ساهرة هناك. ولم تهتز له شعرة حين قال الشاب إنه يتعجب من حالة الغضب والسخط العارمة التى تسبب فيها العرى، فى حين أن المنطقة المحيطة بالأهرامات غارقة فى القمامة.

وأكاد أسمع أصوات وهمهمات تدق على الأوتار المعروفة مسبقاً. «مش معنى إن المنطقة غرقانة فى الزبالة إننا نوافق على المسخرة وقلة الأدب». صحيح، لكن أليس تلال القمامة التى نلقيها ونتعايش معها ونمر أمامها مراراً وتكراراً مسخرة وقلة أدب؟ وتستمر الهمهمات الغاضبة تدق على وتر العفة وتعزف معزوفة الأخلاق التى لا تخرج عن الإطار الجنسى.

العلاقات الجنسية التى لا تحترم العادات والتقاليد بالطبع تعكس انعدام كياسة، لكن ربط ما جرى باعتباره ضربة للإسلام وصفعة للمسلمين جنون، فهل مثلاً مسيحيو مصر سعداء بما جرى؟! وهل اقتصار الأخلاق الحميدة والسلوكيات القويمة على الجوانب الجنسية والمسائل المتعلقة بالعلاقة بين الجنسين لا يؤذى مصر والمصريين، والإسلام والمسلمين؟

حين يكتب أحدهم أن المصريين انتفضوا بسبب صور عارية، لكن لم ينتفضوا بسبب تفشى فساد وانتشار قمامة وشيوع تحرش بدرجاته، ألا نشعر بأن شيئاً ما خطأ؟ وحين يشير أحدهم إلى أن الدنمارك تحتل المكانة الثانية عالمياً، فى حين تحتل مصر المكانة الـ117 على مؤشر الفساد، ألا يُحرك ذلك شعرة من شعرات النخوة والأخلاق والتدين والإيمان؟

قضية الثنائى الدنماركى ليست مجرد تصرف أحمق أقبل عليه شخصان يفتقدان الكياسة واحترام ثقافات الآخرين، لكنها حدث يدعونا إلى سؤال أنفسنا بشفافية: ما الذى يثير قلقنا على وضعنا الأخلاقى وحالنا السلوكى غير الجنس؟
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع