عندما وقفت على قمة العالم لم اجد الا وهما وسرابا
بقلم : صبحى فواد
عندما تشتد بى متاعب الحياة واشعر باختناق وضيق من زحام المدن الكبرى والاعيب البشر..وعندما اشعر بالارهاق الشديد والتعب بسبب الصراع اليومى المتواصل من اجل كسب لقمة العيش..اترك المدينة ليوم او اثنين واذهب الى الارياف حيث الطبيعة الخلابة والهدوء والناس الريفيين البسطاء الكرماء الطيبين..
وهناك فى وسط الريف اجد نفسى الحقيقية.. واجد داخلى الانسان البسيط الذى يعشق الطبيعة الساحرة والهدوء والجمال.. واشعر براحة نفسية عميقة وسط الاشجار والمزارع والطيور وعلى ضفاف الترع والانهار وفوق قمم الهضاب والمرتفعات والجبال الخضراء المنتشرة فى كل انحاء استراليا.
واكثر ما يحلو لى عند زياراتى المتكررة للريف الاسترالى الصعود الى قمم الجبال العالية والنظر الى العالم والناس فلا ارى سوى اخيلة ضئيلة الحجم تتحرك بلا معنى او هدف واضح فى كل الاتجاهات.
وكلما صعدت الى اعلى اكثر واكثر اجد الناس جميعا بلا استثناء والاشياء والمدن الكبرى بشوارعها الواسعة وعمارتها التى تناطح السحاب يختفون ويتلاشون ولا يصبح وجودا لهم او اثرا على سطح الارض !!
ان قناعتى تزداد فى كل مرة اصعد فيها الى قمم الجبال العالية اننا نحن البشر نبالغ كثيرا فى قيمتنا واهميتنا وعظمتنا وقدراتنا ومواهبنا... نبالغ عندما نضفى صفة العظمة والالوهية والخلود على بشر مثلنا سواء كانوا حكاما او رجال دين او من المشاهير.. نبالغ فى وصف اعمالنا المتواضعة التى نقوم بها وانجازتنا رغم بساطتها.
مصيبتنا الكبرى اننا نتصور بحق اننا اعظم من التراب الذى صنعنا منة واهم من بقية مخلوقات اللة على الارض ولذلك كثيرا ما نجد بعضنا يعطون انفسهم الحق فى قتل من لايتفقون معهم فى الراى او العقيدة او سعيا وراء الاستيلاء على ثروات او ممتلكات الاخرين اوفرض نفوذهم او فكرهم عليهم..ان احساسنا المبالغ فية بالاهمية جعلنا نعطى الحق ايضا لانفسنا فى قتل الطيور والحيوانات وقطع الاشجار وتدمير الغابات وتخريب البيئة وتلويث الكرة الارضية.
ولكن عندما نرتفع اعلى من مستوى الارض التى نعيش عليها ونقف فوق قمة العالم بعيدا عن عبث البشر وصراعاتهم التى لا تنتهى ابدا.. سرعان ما تتضح لنا الرؤية ونرى الناس مهما كانت مناصبهم او وظائفهم او الكراسى التى يجلسون عليها او مهما بلغت ثرواتهم او شهرتهم.. نراهم مجرد نقط صغيرة جدا او اصفار بالكاد ترى بالعين المجردة.. وحتى هذة الاصفار تختفى وتتلاشى ويصبح لا وجود لها كلما بعدنا اكثر واكثر عن امنا الارض. اننى اشفق على هؤلاء الذين يتصورون انة فى مقدورهم تغير مسار الكون والوجود وتاريخ البشرية والانسانية بقرار او بموعظة او بكلمة..اشفق على هؤلاء الذين يبالغون فى اهميتهم لانهم لو وقفوا مرة واحدة فوق قمة العالم لادركوا على الفور انهم مجرد ذرات عابرة تحركها يد الخالق والطبيعة والاقدار كيفما ومتى تشاء ولاسباب نحن البشر نعجز عن فهم سرها.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :