أوراق تاريخية
يعرض كتاب ( أوراق تاريخية ) لمؤلفه قاسم عبده قاسم لعدد من المحطات التاريخية التي تتعلق بالحياة السياسية والاجتماعية في مصر وبالتحديد ما يصب في قضية هامة للغاية وتثير جدلاً بين قطاعات كبيرة من المصريين خاصة المثقفين، وهي القضية التي تتعلق بالهوية المصرية وطبيعة ما يطلق عليه نسيج الأمة المصرية.
ويحاول المؤلف في كتابه أن يثبت أن المصطلح السياسي الذي يروج له بعض أصحاب المصالح والقوى السياسية في مصر وهو مصطلح (عنصري الأمة) ليس له أصل علمي أو تاريخي، وهو مصطلح مصطنع؛ لأن المصريين مسلمين وأقباطًا من عنصر وجنس واحد ولم يشكل المسلمون الوافدون لها من أصول عربية سوى نسبة ضئيلة جدا من السكان سرعان ما ذابوا في النسيج البشري المصري الذي كان يعيش على أرض مصر في هذا الوقت ؛ ومن هذه المحطات ما يتعلق بالمسمى التاريخي الذي يطل بدخول المسلمين إلى مصر، وهل هو فتح إسلامي للبلاد أم غزو عربي لها؟
حيث يشير المؤلف إلى حدوث ما يعتبره انقطاعًا تاريخيًا في الحضارة الفرعونية منذ أن بدأت هذه الحضارة تتعرض لغزوات تاريخية كبيرة بدأت بالهكسوس ثم الفرس والإسكندر وخلفائه ثم الرومان وامتدادهم من البطالمة، وكانت فترة الاستعمار البطلمي هى أصعب وأطول الفترات التي تعرض فيها المصريون لضغوط حضارية قاسية، وظل المصريون طوال هذه الفترة يعانون في سبيل الحفاظ على هويتهم الحضارية.
وبعد دخول المسيحية مصر تعرض المصريون لاضطهاد شديد الوطأة من الرومان، خاصة في عصر الإمبراطور الروماني دقلديانوس للدرجة التي جعلت المصريين يتخذون من الاضطهاد في هذا العصر بداية لعصر الشهداء، وخلال كل هذه الفترة الطويلة خضع المصريون للآخر، وتعرض المصريون للاضطهادات المذهبية والنهب الاقتصادي المنظم؛ مما كان من الطبيعي معه أن يرحب المصريون بالفاتحين العرب والمسلمين والذين جاءوا معهم بدين جديد مخالف لعقيدة المصريين الأقباط المسيحيين الأرثوذكس، لكن الفاتحين المسلمين في نفس الوقت طبّقوا سياسة الحرية الدينية تطبيقًا كاملاً عملاً بمبدأ "عش ودع الآخرين يعيشون". واعتبر المؤلف أن القرون العشرة السابقة على الفتح الإسلامي لمصر هي فترة تراجع وانحسار حضاري لمصر.
حيث تحولت مصر خلال هذه الفترة من "فاعل" إلى "مفعول به"، وهو ما جعل المؤلف يخلص إلى أن الفتح الإسلامي لمصر كان حربًا بين المسلمين والبيزنطيين، وكان المصريون الأقباط في نفس الوقت إلى جانب الفاتحين المسلمين؛ نظر للمعاناة الكبيرة التي كان يعيشها المصريون تحت الحكم البيزنطي من النواحي السياسية والاجتماعية والدينية بعد أن أثقلتهم الضرائب الباهظة ووسائل جبايتها التي تنطوي على قسوة لا حدود لها من جانب السلطة في ذلك الوقت، كما انتزع المحتلون كنائس المصريين الأقباط وأديرتهم.
واضطروا بنامين بطريرك الأقباط الأرثوذكس في هذا الوقت إلى الهروب من مصر، إلا أنه بمجرد فتح المسلمين لمصر استقدم الصحابي الجليل عمرو بن العاص بطريرك الأقباط وأمنه وأعاد إليه ممتلكات الكنيسة الأرثوذكسية, وأكثر من هذا أن الخليفة عمر بن الخطاب أمر بأن يعامل المصريون على أساس أن بلادهم فتحت صلحًا وليس عنوة، وهو ما كان يعني في ذلك الوقت أن تترك لهم أرضهم ويؤدون عنها الضرائب المعتادة بعد أن تعاون المصريون الأقباط مع جيش العرب المسلمين الفاتحين ضد جيوش المحتلين البيزنطيين.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :