بقلم: د. أمجد ثابت
وفازت مصر، كانت أقصى أحلامنا أن تنتهي المباراة بالتعادل أو حتى الخروج بهزيمة مشرفة، كان الخوف كله أن يتلاعب بنا المنتخب البرازيلي أو نظيره الايطالي أمام أعين العالم كله.
فازت مصر بعد الهزيمة المخجلة أمام الجزائر والتعادل المؤسف أمام زامبيا بعد أن فقدنا الأمل أن يستعيد الفريق توازنه بعد هذا الانهيار الكبير، فازت بعد أن نادى الكثيرون أنه الحق أن ننسحب من هذه البطولة خوفًا من العار والفضيحة من الهزائم التي قد نلاقيها أمام أبطال العالم، وعمّت الفرحة في شوارع المحروسة كلها من القاهرة للإسكندرية وصعيد مصر، واحتشد المشجعون في الشوارع والميادين العامة وظلت القاهرة حتى الصباح ساهرة لا تنام، ورفرف علم مصر في كل الأجواء وتهاتف الشباب بالأغنيات الوطنية وترديد أسماء اللاعبين والألعاب النارية والسائقين يطلقون أبواق سيارتهم احتفالاً بالنصر، وعادت للجميع ذكريات الفوز ببطولة أفريقيا 2006 و 2008.
توحدت مشاعر المصريين كلهم احتفالاً بهذا الفوز الكبير، المصريون كلهم مسيحيون ومسلمون فرحوا جميعًا وتهافت الجميع على إرسال الرسائل بالتهنئة عبر الهاتف الجوال، وكمصري يحب بلده ويشجع منتخبه قفز قلبي من الفرح بعد إحراز حمص هدف الفوز التاريخي وعقب إطلاق الحَكم صفارته ليعلن فوز منتخب مصر.
وسارعت لأقرأ ما تسطره الصحافة الالكترونية تعليقًا على فوز بلدنا وأشارك الجميع فرحتهم في إبداء تعليقاتي وآرائي عبر المنتديات المختلفة، وتاهت عيناي وأنا اقرأ تعليقات القراء على فوز مصر وصعقت لم أرى فرحة المصريين بفوز منتخب بلدهم ولكني رأيت وجهًا آخر مستفزًا لمشاعر الانتماء والوطنية.
لقد صارت مباراة كرة القدم في أعينهم ليست مباراة بين فريقين لاستمتاع الجميع ولكنها صارت حرب بين المسلمين والكفار كانت الغلبة فيها لأصحاب الدين الحق، وصار حمص سيف الله المسلول وصارت المباراة بمثابة غزوة بدر أو غيرها التي لاقىَ فيها أعداء الإسلام هزيمة منكرة.
كما لم يعد منتخب مصر يمثل بلدنا بمسلميه ومسيحيه بل هو منتخب الأمة الإسلامية والعروبة فقط، وكان المسيحيين نفرًا منكرًا لا مكان له وسطهم والفوز العظيم لا يمت لهم بصلة من قريب أو بعيد.
أنها مباراة رأوا فيها سحق الإسلام للصليب وارتفعت راية الإسلام عاليًا ونادى البعض إن فوز مصر على أمريكا المباراة القادمة هو شفاء لأحزان المسلمين و ردًا لكرامتهم جراء ما فعلته قوات الكفار على المسلمين المؤمنين في العراق وأفغانستان!!
أما عن سجود اللاعبين في المباراة بعد إحراز هدف الفوز فحدث ولا حرج، فقد فازت السجدة على رشم صليب اللاعبين وفاز الإسلام على المسيحية وصارت السجود في أعينهم هي دعوه جهارية قوية لاعتناق الإسلام!!!
فلعل هؤلاء الجماهير يتساءلون عن سر السجدة ولمن هي فيأتي الجواب أنها لله سبحانه وتعالي خالق الأكوان ورب العباد ويأتي الجواب بعدها أؤمن بهذا الإله الذي يسجد له هؤلاء اللاعبين واشهد إن لا إله إلا الله ورضيت بالإسلام دينًا مثلما آمن الكثيرون من الكونغو بعد سجدة أبو تريكة عقب إحراز هدف الفوز في مباراة الكونغو -على حد قول أحدهم-!!
فقد صار أبو تريكة داعية إسلامية كبير يعمل في صمت لا بقلمه ولا بلسانه ولكن بقدمه!!
عجبت من هذا الشعب الغريب الأطوار الذي يفسر كل شيء على مزاجه والذين قالوا إن فوز مصر ببطولة أفريقيا فقط لعظمة إيمان الشعب المصري وأن الله استجاب لدعوات الملايين في صلاة الفجر.
ماتت الفرحة داخلي وصمت القلم عن الكتابة وأني أرى كمسيحي إن فوز منتخب بلدي هو انتكاسه لإيماني وديني ولكني أقول أخيرًا مبروك لمصر الفوز على إيطاليا، مبروك لمنتخب مسلم بأكمله الفوز على منتخب مسيحي بأكمله فقط لأن مصر كلها فازت مسيحييها ومسلميها والمنتخب شرفنا جميعًا ويا رب مصر تفوز على كل المنتخبات المسيحية بأجمعها بنتائج مذهلة.