بقلم : عماد توماس
عندما اختلف فولتير-المعروف بالحاده- مع جان جاك روسو، قال له فولتير "إنـّي أخالِـفُكَ الرأيْ, لـكنّـي مـُسـْتـَعّـد للـدّفـاع حـتى الـمَـوت عـَن حـقّـِكَ فـي إبـْدائه"
المتابع لأزمة الشاب المصرى "مايكل نبيل سند" يسترعيه التعجب والاندهاش، فهل يمكن أن تهتز أمه من بعض الكلمات المكتوبة على مدونة لا يقرأها إلا نفر قليلين؟ هل وصل بنا الحال أن نخشى من كلمة أو بضعة سطور؟
"مايكل" لم يخرج فى قناة فضائية ليهاجم وينتقد المجلس العسكرى ولم يكتب مقال فى صحيفة زائعة الانتشار، كل جريمته أنه كتب على مدونتة كلامًا انتقد فيه آداء المجلس العسكرى قائلا: "الجيش والشعب عمرهم ما هيكونوا إيد واحدة" وتحدث عن كشف العذرية للفتيات المقبوض عليهن. وشن حملة على الفيس بوك لرفض التجنيد الاجبارى، وطتب على "الحوار المتمدن" ما لم يجرؤ كاتبا واحد فى مصر أن يكتبه، لم يرفع سلاحًا فى وجه أحد ولم يفجر أو يهدم كنيسة، كل جريمته انه عبر عن رأيه باستخدام لوحة مفاتيح وشاشة كمبيوتر!!
يصف مايكل نفسه على صفحته فى "الحوار المتمدن" بأنه : ليبرالى..ملحد..مادى..نسوى-مناصر لحقوق المراة- واقعى..مناصر للعولمة..منحاز لإسرائيل"...هذه هى جريمة "مايكل" . كان يمكنه ان يستعطف الجميع بمناصرة القضية الفلسطينة فيخرج العروبيين والقوميين والاسلاميين يدافعون عنه..لكنه كان متسقا مع ذاته ..لم يظهر بصورة المرائى المنافق..مثل كثيرون.. ولم يمسك العصا من المنتصف..لم يكن فاترا بلا طعم لكنه كان حارًا حماسيًا مؤمنا بما يقول.
نعم أخطأ "مايكل نبيل" ولكن من منا لا يخطئ، شطح فى رأيه ومن منا لا يشطح.، يستخدم بعض الكلمات التى لا تروق للبعض، لغته ليست كمثل لغات المثقفين والسياسيين، كلماته ليست ككلماتهم، هو من جيل المدونات والفيس بوك والتويتر، لا تتوقعوا منه ان يقول نفس كلماتكم واحاديثكم هو واحد ضمن كثيرون من صُناع الثورة، لم يكن نبتا شيطانا، فهو ولد وعاش فى عصر "مبارك".
حوكم "مايكل" أمام قضاء عسكرى وهو المدنى؟ ورغم دعوات الكثير من المصريين لمحاكمة المدنيين أمام قاضيهم الطبيعى ورفض المحاكمة العسكرية إلا أن أحدا منهم لم ينطق ببنت شفه ويتحدث عن أول سجين رأى بعد الثورة!!
عندما انتقد "مايكل"، الكنيسة الارثوذكسية ، هاجمه دعاة المدنية والديمقراطية من المسيحيين، وخرج بعض النشطاء من المسلمين ليدافعوا عنه ، وعندما انتقد المجلس ودافع عن السلام مع اسرائيل وقال انه صديق دولة اسرائيل، فصمت الجميع صمت القبور...المتعاطفون معه قديما لزموا الصمت لانه كشف أن تعاطفهم لمن يكن بدافع وطنى لكن دافع دينى.
استنكر معظم مرشحو الرئاسة تحويل الناشطة السياسية "أسماء محفوظ" للنيابة العسكرية، ملئوا صفحاتهم على "تويتر" بالشجب والادانه ولم نسمع لاحد منهم حسًا عندما قبض على مايكل وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات فى السجن الحربى بالمرج !!
فهم يتعاملون معه كمواطن درجة تانية ، لن يكسبوا سياسيا من التضامن معه فلزموا الصمت
لم يجد "مايكل" كاتبا كبيرا مثل "علاء الأسوانى" ليكتب عنه مقالا فى نصف صفحة مثلما كتب عن "أسماء محفوظ" فى "المصرى اليوم"!!
ولم يجد أحزابًا أو حركات سياسية تقف معه وتصدر بيانًا واحد للتضامن معه، نفر قليليون من المدونين الشرفاء وقفوا معه وذهبوا لزيارتة فى السجن العمومي بالمرج!!
ربما تكون مشكلة مايكل أن اسمه "مايكل نبيل سند" ولو كان اسمه "أحمد نبيل سند" لوجد الآلاف يتظاهرون من أجلة ويتضامنون معه ووجد قنوات فضائية فاسدة تفتح برامجها للدفاع عنه وصحفيين منافقين يكتبون عنه ونشطاء سياسيون يزعمون أنهم مع الحرية والديمقراطية يتاجرون باسمه..وكنيسة صمتت صمت القبور!!
لا يمكن أن ننكر الدور الكبير الذى تقوم به الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ومديرها الناشط الحقوقى "جمال عيد"، الذى يتحدث بجرأة غير مسبوقة للدفاع عن المستضعفين الذين لا أحد يدافع عنهم، فدافع عن حق البهائيين فى اعتناق ما يريدون ودافع عن "هانى نظير" فى الوقت الذى تخلت عنه الكنيسة، ووقف بجوار "كريم عامر" الذى تخلى عنه الجميع.
كما لا يمكن أن ننسى الحزب الذى ينتمى له "مايكل" حزب "الجبهة الديمقراطية" عندما تحدث رئيسه الدكتور "اسامة الغزالى حرب" عن ضرورة الافراج عن "مايكل"، خلال حفل الافطار، ثم نظم الحزب مؤتمرًا صحفيا غاب عنه معظم الصحفيين وسجلت بعض القنوات الفضائية ولم تذع صورة واحدة!!
تقابلت يوم الخميس مساءًا مع الدكتور "على السلمى" نائب رئيس الوزراء، وأخبرتة بقصة "مايكل" وانه ممتنع عن الطعام منذ عدة أيام...وحياته تتعرض للخطر...وتحدثت اليوم –السبت-مع الدكتور "هانى حنا" أحد أمناء مجلس الثورة الذى أخبرنى أنه سيتحدث مع أحد من الشرطة العسكريه..وتحدث معى صباح اليوم-السبت- "مارك" اخو مايكل" ليخبرتى بتتدهور حالته الصحية وأنالأنباء الواردة من سجن المرج كلها سلبية ...
إذا مات مايكل فى السجن ستكون فضيحة كبرى لمصر الثورة...وسيدرك الجميع وقتها من هو العدو الحقيقى للثورة... وقتها سيشمت البعض فينا عندما يترحمون على أيام "العادلى" و "مبارك" ..وسيقول البعض بئس هذا الوطن وبئس هذه الثورة.!!