الأقباط متحدون | لماذا لم يُقدم عمر سليمان للمحاكمة في مصر ؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٢:١٨ | الاثنين ٢٩ اغسطس ٢٠١١ | ٢٣ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٥٠٠ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

لماذا لم يُقدم عمر سليمان للمحاكمة في مصر ؟

صبري حسنين- إيلاف | الاثنين ٢٩ اغسطس ٢٠١١ - ٢٢: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 لم توجه النيابة العامة في مصر أية تهم إلى اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق والذي كان أحد أعضاء الدائرة الضيقة لصنع القرار في مصر إبان ثورة 25 يناير، ورغم أنّ تهمة الاشتراك في قتل المتظاهرين وجهت إلى مبارك ونجليه وعدد كبير من رموز حكمه، إلا انّ سليمان ضلّ في منآى عن المحاسبة.


القاهرة: رغم أن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق كان أحد أعضاء الدائرة الضيقة لصنع القرار في مصر إبان ثورة 25 يناير، إلا أن النيابة لم توجه إليه تهمة الإشتراك في قتل المتظاهرين التي يحاكم بموجبها الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، إضافة إلى جميع رموز نظام حكمه بدءاً من وزير داخليته حبيب العادلي وست من قيادات وزارته، مروراً برئيسي مجلسي الشعب والشورى وإنتهاء بقيادات الحزب الوطني المنحل. الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول أسباب إستبعاده من المحاكمة الجنائية، والإكتفاء بإعتباره شاهداً وليس متهماً.


الرجل الغامض

عندما يذكر جهاز المخابرات العامة المصري يتبادر إلى أذهان المصريين إسمي إثنيين من رؤسائه، الأول اللواء صلاح نصر صاحب قضية إنحرافات جهاز المخابرات الشهيرة في سينيات القرن الماضي، والتي ثبت فيها تورط نصر شخصياً وقيادات أخرى منهم صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى المنحل، في استغلال الفنانات المصريات جنسياً.

أما الاسم الآخر فهو اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، الذي تولى رئاسة الجهاز في العام 1993، حتى 29 فبراير الماضي.

لا أحد في مصر يعلم على وجه الدقة إسم رئيس المخابرات العامة السابق لسليمان، إذ كان مجرد ذكر أو تداول اسمه من المحظورات، ولم يكن أحد قبل العام 2002، يعلم اسم سليمان الذي تزامن الكشف عنه مع بداية التحضير لخلافة جمال مبارك لوالده في حكم مصر، حيث تقاسم سليمان مع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط ملف علاقات مصر الخارجية، وكان لافتاً أنه تولى الملف الفلسطيني والملف السوداني، إضافة إلى الشق الأمني في ملف العلاقات المصرية الأمريكية، ورغم أهمية الملفات التي تولها سليمان إلا أن الرجل لم ينبث ببنت شفاه لوسائل الإعلام أبداً، وكانت وسائل الإعلام المصرية تكتف بعرض لقطات مصورة له في لقاءات مع زعماء فلسطينيين أو إسرائيليين أو زعماء سوادنيين أو أمريكيين دون أن يظهر صوته فيها. وظل سليمان يقوم بدور الرجل الغامض في نظام حكم مبارك لسنوات طويلة، ولم ينطق بكلمة واحدة إلا بعد أن تولى منصب نائب الرئيس في 29 يناير الماضي، لكن عندما نطق خسر كل شيء، وصار ورقة محروقة.


بدون صلاحيات
ووفقاً لعضو هيئة الدفاع عن الضحايا بالحق المدني، المحامي حسن أبو العينيين فإنه كان من المفترض إحالة نائب رئيس الجمهورية السابق اللواء عمر سليمان للجنايات بتهمة المشاركة فى قتل المتظاهرين والمتهم فيها الرئيس السابق وحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق.

وأضاف أبو العينين ل"إيلاف" أن سليمان كان مشاركاً أساسياً فى صنع القرار أثناء الثورة، وكان حاضراً الإجتماعات التي صدرت فيها الأوامر للضباط بقتل المتظاهرين، ولكن المفاجأة كانت فى استبعاد لجنة تقصى الحقائق لسليمان من دائرة الاتهام ومعه آخرين كان يفترض وجودهم ضمن المتهمين مثل اللواء محمود وجدى وزير الداخلية السابق والفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق إبان هذه الفترة، مشيراً إلى أنه تمت إحالة الشخصيات التى تناولها تقرير لجنة تقصى الحقائق فقط.

ويرجع أبو العينيين استبعاد اللواء عمر سليمان من المحاكمة إلى أن لجنة تقصي الحقائق في قضية قتل المتظاهرين أستندت إلى أنه كان نائباً للرئيس و ليست له صلا حيات اتخاذ قرار فى وجود الرئيس حتى و لو كان مشاركاً بالاجتماعات التى صدرت فيها قرارات ضرب المتظاهرين بالنار، معتبرة أنه بريء من تهمة المشاركة مع الرئيس السابق وحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق فى قتل الثوار واكتفت النيابة بشهادته.

ونبه أبو العينيين إلى أن دفاع المصابين وأسر الشهداء في قضية قتل المتظاهرين طالبوا بأن توجه لعمر سليمان تهمة المشاركة فى قتل المتظاهرين، ونقله من دائرة الشهود إلى دائرة المتهمين، ولكن المحكمة رفضت الطلب، وإستطرد: لكننا فى الجلسات القادمة سوف نعيد المطالبة بها مرة أخرى، رغم أنه من الواضح أنها سوف ترفض مجدداً، حيث تريد المحكمة غلق القضية على المتهمين الحاليين، دون دخول متهمين جدد.


شعبية زائفة
كان سليمان يحظي بشعبية في الشارع المصري منذ ظهوره العلني أمام وسائل الإعلام مع بداية الألفية الحالية، ورشحته الصحافة المصرية لتولى منصب نائب الرئيس الذي ظل شاغراً لنحو ثلاثين عاماً منذ تولي مبارك الحكم في أكتوبر من العام 1982، وحتى 29 يناير من العام 2011، و لم تقف الترشيحات عند هذا الحد، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حيث رشحته وسائل إعلام مصرية وغربية لخلافة مبارك في الحكم، رغم أن جميع المؤشرات كانت تؤكد أن المسرح يعد لجلوس جمال مبارك سدة الحكم.

في سبتمبر من العام 2010 خرجت حملات تدعو لترشيح سليمان لرئاسة الجمهورية، ونشرت له ملصقات في الشوارع والميادين وأنشئت مجموعات على فايسبوك لهذا الغرض، لكنها لم تنجح إذا جرت حملة إعتقالات واسعة من قبل جهاز أمن الدولة في صفوف الداعين إليها، وخرج سليمان عن صمته للمرة الأولى، ورد قائلاً إن الهدف من تلك الحملات الوقيعة بينه وبين الرئيس مبارك، معلناً عن ولائه التام للرئيس "السابق".

ويبدو أن مبارك أراد في إستغلال تلك الشعبية في إنقاذ نفسه من الإنهيار، حيث أصدر قرارا بتعيين سليمان نائباً له للمرة الأولى والأخيرة، ولكن لم تنجح الخطة، حيث كان قد فات الأوان، ولم يلبث سليمان في منصب نائب الرئيس إلا ثلاثة عشر يوماً فقط، خسر فيها كل شيء، منصبه كرئيس للمخابرات والشعبية الزائفة التي كانت وسائل الإعلام تتحدث عنها.


يجب محاكمة سليمان
ويقول الدكتور رجب عبد المنعم عضو هيئة الدفاع بالحق المدني فى قضية قتل المتظاهرين ل"إيلاف": إننا طالبنا فى بداية جلسات محاكمة قتل المتظاهرين بإخضاع كل من كان فى السلطة أثناء الثورة للمساءلة القانونية، و من هؤلاء اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، لكونه كان مطلعا على جميع القرارات التى صدرت من الرئيس السابق، ولكن لم يستجاب لنا، وأضاف عبد المنعم أن جميع الإجتماعات التي تمت أثناء الثورة كان سليمان حاضراً فيها، كما أن تصريحاته قبل تنحي الرئيس السابق حسني مبارك التي هدد فيها المتظاهرين بقوله "إما بالاستقرار مع مبارك أو الفوضى" تعتبر دليلاً مباشراً على مشاركته وبقوة في اتخاذ القرارات.

ورفض عبد المنعم كل ما يقال بأن نائب رئيس الجمهورية السابق لم تكن له أية صلاحيات إبان هذه الفترة فى وجود الرئيس وهذا غير حقيقي، وقال إن المصريين جميعاً يعلمون جيداً مدى تواجد سليمان القوي فى الحكم أثناء هذه الفترة، مشيراً إلى أن إحالة سليمان للجنايات فى قضية قتل المتظاهرين سوف يكون عاملا قوياً فى كشف الحقيقة كاملة أمام هيئة المحكمة والرأى العام وسيكون أكثر إيجابية من كونه شاهدا فقط.

ويؤكد الدكتور محمد حمزة عضو ائتلاف الثورة أن هناك العديد من رموز النظام السابق تم استبعادهم من المحاكمة، وراحوا في طي النسيان، وأضاف ل"إيلاف": نحن طالبنا أكثر من مرة المجلس العسكرى وحكومة شرف بإحالة كل رموز النظام السابق للجنايات بحكم إفساد الحياة السياسية فى البلاد ولكن تم تجاهل البعض مثل اللواء عمر سليمان والفريق أحمد شفيق، مشيرا إلى شباب الثورة يشعرون أنها قامت من أجل محاكمة مبارك ونجليه فقط وأن حق الشهداء سوف يضيع لو لم تتم محاسبة جميع من شارك فى السلطة فى عهد مبارك.


إتهامات دولية

تنسب بعض التقارير الصحافية الغربية لسليمان التورط في تعذيب عناصر يعتقد أنها تنتمي لجماعات إسلامية متشددة، وذلك لصالح وكالة الإستخبارات الأمريكية، أبان ما يسمى ب"الحرب على الإرهاب"، في بداية منذ العام 2001 وحتى العام 2005، ونسبت إليه أيضاً إختراع أساليب جديدة في التعذيب، وإحكامه الحصار على قطاع غزة من أجل إسقاط حركة حماس، فضلاً على كرهه لجماعة الإخوان المسلمون بمصر، والوقوف وراء إحالة قياداتها للمحاكمات العسكرية وشن حملات إعتقالات في صفوفها.

أحدث ما نسب لسليمان من إتهامات، جاء على لسان عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية السابق في ليبيا، حيث وصفه بأنه "رجل القذافي في مصر".

وقال شلقم في تصريحات صحافية في 16 يوليو الماضي، إن المخابرات المصرية في عهد سليمان تولت عملية إعتقال المعارض الليبي البارز منصور الكيخيا في القاهرة ونقله إلى ليبيا، حيث مازال مصيره مجهولاً حتى الآن، ويعتقد أن القذافي قتله، أو ذبحه كالخروف كما فعل مع معارض آخر كان بالمغرب هو العقيد المحيشي مثل.


لا أدلة ضده
وحسب وجهة نظر، المستشار محمود الخضيرى عضو هيئة الدفاع بالحق المدنى فى قضية قتل المتظاهرين، فإن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق لم يكن مشاركاً فى قتل المتظاهرين ومن غير القانوني توجيه هذه التهمة له، متوقعاً أن يحصل على البراءة من الجلسة الأولى لو تمت إحالته للمحاكمة، وأوضح ل"إيلاف" أن منصب نائب رئيس الجمهورية وفقا لدستور 71 والذى كان يعمل به أثناء الثورة لا يعطي أى صلاحية لنائب الرئيس، طالما رئيس الدولة يمارس صلاحيات حكمه، وبالتالى ليست من صلاحياته إصدار تعليمات لوزير الداخلية أو غيره بضرب المتظاهرين، لكونه كان يحضر اجتماعات الرئيس السابق والقيادات أمنية وحتى لو افترض معرفته بهذه التعليمات فلا يمكن محاسبته على ذلك، ولكن من حق المحكمة المطالبة بشهادته لمعرفته بما كان يحدث فى الغرف المغلقة.

ودعا الخضيري كل من لديه أدله وبراهين ومستندات تثبت بتورط اللواء عمر سليمان فى قتل المتظاهرين أو تربح أو إستغلال منصبه في الكسب غير المشروع أن يتقدم بها فوراً إلى النائب العام، معتبراً أن الحديث عن أسباب عدم إحالة نائب الرئيس السابق للجنايات مع المتهمين الآخرين بدون دليل، الهدف منه المماطلة فى القضية بما يصب فى صالح المتهمين الحقيقيين الآن.


فشل خارجي
رغم أن سليمان تولى الملف الفلسطيني، إلا أنه فشل في أخطر وأهم ثلاث مهمات، الأولى ملف الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط لدي حماس، والثانية المصالحة بين حركتي فتح وحماس، الثالثة وقف العدوان المتكرر على قطاع غزة.

كما فشل في ملف إحتواء أزمة حوض النيل، حيث لم يستطع منع سبع من دول حوض النيل في توقيع إتفاقية من شأنها التقليل من حصة مصر التاريخية من مياه النهر، الذي ليس لها سواه من مصدر للمياه العذبة.


الحوار مع المعارضة

ويشير حافظ أبو سعدة المحامى بالنقض وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى أن النيابة العامة أحالت كل ما اتهمهم تقرير لجنة تقصى الحقائق بالتورط فى قتل المتظاهرين إلى جانب من شملتهم بلاغات المحامين والمواطنين وبعد التحقيق ثبتت الاتهامات بحقهم.

وأوضح ل"إيلاف" أن استبعاد اللواء عمر سليمان من التحقيقات جاء بشكل سليم دون أى شبهة ونحن نثق فى تقرير لجنة تقصى الحقائق وتحقيقات النيابة العامة. وحسب رأي أبو سعدة فأن نائب الرئيس السابق كانت له مهام خاصة أثناء فترة تواجده فى المنصب وهو الحوار بين التيارات السياسية كما أنه تولى منصب نائب الرئيس عقب جمعة الغضب والتى راح ضحيتها غالبية الشهداء والمصابين ويحاكم بسببها الرئيس السابق وحبيب العادلى ومعاونيه وحيث أن التحقيقات قد كشفت أن الحزب الوطنى وراء موقعة الجمل فإن هذا يعطى صك البراءة لنائب الرئيس السابق.


إلغاء إستفتاء مرشحي الرئاسة
رغم أن سليمان بلتزم الصمت منذ الإطاحة بنظام حكم مبارك في 11 فبراير الماضي، ورغم أنه لم يعلن عن نيته صراحة، إلا أن هناك أصوات تنادي بترشيحه رئيساً للجمهورية، وتم وضع اسمه ضمن المرشحين في الإستفتاء الذي أجراه المجلس العسكري عبر صفحته على الفيس بوك لمرشحي الرئاسة، و تسبب سليمان ـ بشكل مباشر أو غير مباشر ـ في إلغاء نتيجة الإستفتاء، فقد تلاحظ قبل موعد إقفال الإستفتاء بأسبوع أن هناك صعود لأسهمه بقوة و بإستمرار، مما جعله يتفوق على الدكتور محمد البرادعي بقوة، ويزيحه من على القمة التي ظل متربعاً عليها لأسابيع، وتم الكشف أن هناك سيدة ـ غامضة أيضاًـ إستاجرت ميلشيات للتصويت الإلكتروني لصالح سليمان بعشرات الآلاف، مقابل جنيه مصري للصوت الواحد.

 


المشهد الأخير

لكن المصريين لن يمحوا من ذاكرتهم مطلقاً المشهد الأخير في حياة نظام مبارك، والذي كان بطله اللواء عمر سليمان، حيث وقف يتلو خطاب التنحي قائلاً: " أيها المواطنون، في هذه الطروف العصيبة، قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شؤون البلاد. والله الموفق والمستعان".




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :