.. ويسألونك عن أعداء الدولة المدنية!
مقالات مختارة | هاني لبيب
السبت ٢٩ ديسمبر ٢٠١٨
منذ ثورة 30 يونيو 2013، حدثت تحولات ملحوظة فى الحياة السياسية المصرية، سواء على المستوى الاجتماعى أو الثقافى أو الاقتصادى، وهى تحولات تصب جميعها فى صالح ترسيخ مبادئ الدولة المدنية المصرية وقيمها.. خاصة فيما يتعلق بمنظومة المواطنة.
الدولة المدنية فى اعتقادى هى دولة علمانية وديمقراطية، علمانية فى مواجهة الدولة الدينية، وديمقراطية فى مواجهة الدولة الشمولية غير الدينية. وتتمثل ديمقراطية هذه الدولة فى: سيادة القانون على جميع المواطنين دون أى تمييز، ووجود عدالة ناجزة ونافذة، وتعدد السلطات وتنوعها فى سبيل تحقيق العدالة والمساواة، وإقامة انتخابات حرة نزيهة تعبر عن رغبات مجتمعية، ووجود واقعى وحقيقى لتوازن القوى السياسية فى المجتمع. إن الدولة المدنية هنا هى بالضرورة دولة ديمقراطية تحترم العقل الإنسانى، وتضع قوانينها طبقاً لما يقتضيه العقل فى ضوء التجربة والتطور والمصلحة العامة وتجارب الدول الأخرى، ففى الولايات المتحدة الأمريكية يقول المواطن الأمريكى: «الذى يحكمنا هو القانون، وليس الرجال»، وهى الجملة التى تعود إلى أرسطو الذى قال: «إننا نعطى الحكم لقواعد القانون المجردة، وليس للرجال، لأننا إذا ما أعطيناها لهم فإنما نعطيها للحيوان بما تتنازعه من عواطف ومصالح». قطعاً.. الدولة المدنية ليست ضد الدين ولا تنكره كما يحب البعض أن يروج للدولة المدنية بما يشوهها. كما أن المادة الثانية من الدستور المصرى.. يقصد بها المبادئ العامة الكلية للشريعة الإسلامية، التى لا يختلف عليها الفقهاء، مثل قاعدة «لا ضرر ولا ضرار». وهى المبادئ العامة للقانون المصرى مثل مبادئ حقوق الإنسان، وليست من مصادر القانون المصرى، وهو ما يعنى أنه يجب ألا تغرق المادة الثانية فى جدل العواطف والانفعالات، وخضوعها للتأويل والتوجيه بسوء نية من أجل افتعال أزمات سياسية وإعلامية، كما حدث مع المادة الأولى من الدستور الصينى التى تنص على أن «الصين دولة ديمقراطية ديكتاتورية»، والمقصود أنها ديمقراطية شعبية تحكمها ديكتاتورية البروليتاريا.. أى سيطرة الطبقة العاملة على وسائل الإنتاج وأجهزة الدولة. لا شك.. أن أبرز أعداء العقل والدولة المدنية فى هذه الأيام هم أصحاب نظرية الحاكمية أى الحكم لله، أى أن الله يحكم على الأرض، وينوب عنه فى ذلك الفقهاء والوعاظ ورجال الدين، وهو ما نراه بأشكال متعددة فى مجتمعنا المصرى، خاصة عند حدوث التوترات والأزمات الطائفية وتكرارها.
المجتمع المصرى الآن يسير خطوات واضحة لترسيخ حقيقى لفكر الدولة المدنية المصرية، وأصبح المواطن المصرى يعرف ويعلم جيداً أكثر من سنوات سابقة عن حقوقه وواجباته، كما دخلت هذه الحقوق والواجبات حيز التنفيذ الفعلى بشكل تدريجى. مسيرة الدولة المدنية المصرية بدأت فعلياً.. وإن كانت لا تتوافق مع طموحات البعض وآمالهم.. إلا أن هناك خطوات غير مسبوقة فى رصيد ترسيخ أركان دولة المواطنة المصرية.
نقطة ومن أول السطر..
الدولة المدنية المصرية أساسها سلوك المواطن المصرى وتفكيره، ومرتكزها دولة القانون والقضاء والعدل والمساواة.
نقلا عن المصري اليوم