فقه محبة الأقباط
مقالات مختارة | حمدى رزق
السبت ٢٩ ديسمبر ٢٠١٨
عيد الليل زهر الليل/ صوت العيد ضوا الليل/ موجى يا سما بالعناقيد/ هلى بالحلى بالمواعيد/ زار الليل يسوع/ لون الليل يسوع/ رايحا تزور كوخ مسحور/ دربها قمار تلج وزهور/ واللعب طايرة ويضحكوا ولاد/ أرضنا ناطرة والسما عياد. «من تراتيل الميلاد لفيروز».
أَحْسَنُ قَوْلا، الدكتور خالد عمران، أمين دار الفتوى بدار الإفتاء يقطع فى مداخلة مع فضائية TEN: «تهنئة الأقباط بأعيادهم ليست حرامًا شرعًا، ولكنها أمر مستحب»، بارك الله فيك، أحسنت يا مولانا، ونعم صوت دار الإفتاء السمح، دار الإفتاء ترد غائلة السلفيين.
وأزيدكم من الحب بيتًا، وتهنئتهم واجب مستوجب على كل مسلم، يقول المولى عز وجل فى محكم التنزيل: «وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ حَسِيبًا»، والأقباط عنوانهم المحبة والوصية فيهم: «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ».
بالعند فى «السلفيين» الكارهين، سأستمع ليلة عيد الميلاد إلى ترتيلة صوت العيد بصوت فيروز، ورغمًا عن أنف «السلفيين» سأرسل إلى الأقباط تهنئة إلكترونية رقيقة فى رسالة تصدح منها أجراس الميلاد المجيد، ورغم أنف السلفية جميعًا سأذهب إلى أقرب كنيسة لتهنئة إخوتى، عيد ميلاد مجيد سعيد.
على الأرض السلام وبالناس المسرة، يتمنون سلامًا، ويتشوقون إلى مسرة، فرحة، غبطة، اغبطوهم بالتهانى، بناقص تهنئة السلفيين، بلاها تهنئة «الكارهين»، لا يقدم السلفيون إذا هنأوا ولا يؤخرون، إذا قاطعوا فقطيعة تقطعهم، قطيعة من يقاطع إخوته الأقباط فى ليلة الميلاد.
نعم تؤلمهم فتاوى الكراهية، ولكنهم ماضون فى حبهم لهذا الوطن، المسيحيون لا ينتظرون من السلفيين تهنئة يتبعها أذى، تأذى كثيرًا من الأقباط من كراهية السلفيين، فقه كراهية الأقباط ميراث ثقيل، تخيل يحرمون التهنئة، حرمة عليكم عيشتكم، بناقص تهنئة السلفيين، تكفيهم تهنئة جار مسلم طيب، الجار للجار ولا الحاجة لسلفى مكار يحرف الكلم الطيب عن مواضعه.
أكلما هلت علينا فرحة عيد أطفأوا شموعها بسناج ما ينفثون من هباب صدورهم،السلفيون لا يختلفون فى كراهية الأقباط عن وجوه أخرى مخادعة تبدو وادعة، لا تحمل ودًا للذين هادوا والنصارى، لا يفرقون كثيرًا عن ياسر برهامى مكفراتى الأقباط، لا يفرقون كثيرًا عن «سليم العوا» الذى زعم كذبًا وجود أسلحة فى الكنائس والأديرة، ومثلهم مثل عتاة الإخوانجية والجهادية.. جميعًا لا يحبون الأقباط، ولوقدر لهم تعامل لسان حالهم يقول: «اللى فى القلب فى القلب يا كنيسة».
لا أهمية ولا وزن ولا قيمة لما يقول به هذا أو ذاك من الكارهين، كفاهم حب المحبين، فلنرد نحن المحبون التحية بأحسن منها، ولنغمرهم بمحبة مستحقة، الشعب المصرى طيب وجميل، طلق فى 30 يونيو خزعبلات الإخوان والسلفيين، وفتاوى المرضى الكارهين، ولفظ المتشدقين بالدين، القائلين بالكفر والعاملين على الفتنة، مخادعون وما يخدعون إلا أنفسهم، الشعب صار يكره المخادعين، لا تنطلى عليه لحية برهامى ولا ابتسامة رشدى الصفراء التى تسيل لزجة على شفتيه.
لم يغادر السلفيون مربع فقه كراهية الأقباط، ولن يغادروه، لايزالون يحملون فى قلوبهم كراهية للذين قالوا إنا نصارى، الفكر السلفى المستمد من الفقه السلفى لا ينكر الأقباط بل يكرههم كراهة فى الدين، ويكفرهم بين العالمين، ويرى فسادًا فى عقيدتهم، ويحرم تهنئتهم، ويبتدرهم العداء، وإذا تمكن من رقابهم.
السلفيون لا يتدارون خجلًا من أخوة وطنية أو دين سمح متسامح يحض على محبة الأقباط لأن لنا فيهم ذمة ورحم، كما أو صى بهم الحبيب عليه الصلاة والسلام، وعداء السلفيين وكراهيتهم للأقباط عرض مستمر، ولا يمر يوم دون فتوى تكفرهم، أو تقاطعهم، أو تحرّض عليهم، وكأنهم تكفلوا بالأقباط تكليفًا، أو أسندت إليهم مهمة تطهير مصر من الأقباط، أو إخضاعهم تحت الحكم السلفى.. هيهات طالما فينا قلب ينبض بالمحبة.
نقلا عن اليوم السابع