في إنجيل لوفا الأصحاح الثاني 8 – 19
نبيل المقدس
وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلًا مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ». وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ». وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ الرجال الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ». فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي الْمِذْوَدِ. فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ.وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا.ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ.
من حكمة الله أنه جعل أقل البشر معيشيا ومهنيا هم أول من بشر بمجيء إبن داود الذي سيرفع خطية العالم ... هؤلاء المبشرون هم رعاة بقر وأغنام كانوا [مُتَبَدِّينَ] في الحقول لحراسة الغنم ليلاً. ويشرح العالم اليهودي أدرشيم الذي تبع المسيح معني كلمة [متبدين] إنهم رعاة خصيصا للأغنام التي يُقدم منها ذبائح وقرابين طوال السنة في الهيكل، وكان من يريد تقديم ذبيحة يذهب ويشترى منهم. وكان الكهنة يفحصونها ويختمونها .
وهؤلاء الرعاة يقعون تحت الحظر بحسب الشرائع الدينية، ومعزولين تقريبا عن العالم الخارجى ويراقبهم الربيين. ولهم حياتهم المختلفة. هؤلاء هم الرعاة الذين ظهر لهم الملائكة ليبشروا بميلاد المسيح الذي سيكون الحمل الذي يقدم ذبيحة عن العالم. كان هؤلاء الرعاة يعملون تحت مراقبة الربيين والكهنة ,حيث هم يفحصون ويعتمدون الذبائح الخالية من العيوب بختم الهيكل .
كان هناك مجادلة أمسكها هؤلاء الذين يجرون ويكرسون وقتهم في إثبات أن الكتاب المقدس مناقض .. لكن كما جاء في الوحي المقدس ليس هناك حرف واحد يسقط من الكتاب المقدس لأنه فعلا مُنزل من عند الله .. فقد أتت نبوة في سفر ميخا( 5 : 2 ) تفيد أن ميلاد الطفل يسوع في مدينة لحم افراتة «أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ». وفي نفس الوقت ذكرالوحي في نفس السفر ( 4 : 8 ) وَأَنْتَ يَا [بُرْجَ الْقَطِيعِ]، أَكَمَةَ بِنْتِ صِهْيَوْنَ إِلَيْكِ يَأْتِي.
وَيَجِيءُ الْحُكْمُ الأَوَّلُ مُلْكُ بِنْتِ أُورُشَلِيمَ» .. وتعني " برج القطيع " بالعبرية [مجدل عَدَرْ] وهي قرية موجودة ما بين بيت لحم أفراتة وبين أورشليم .. وكانت هذه القرية فيها المراعي التي كان يعيش فيها الرعاة الذين يحرسون ويرعون فيها الحيوانات الخاصة للذبائح .
بذلك تحققت توقعات من قال أنه سيظهر في مجدل عدر، إذ أن الملائكة كشفوا عن شخصه المبارك لرعاة مجدل عدر المكان المقدس المخصص لخراف الذبح في الهيكل .. وكأن الرمز في مجدل عدر والمرموز إليه في بيت لحم... وكأن الملائكة تعلن أن مولود بيت لحم هو حمل الله الذي يحمل خطية العالم كما قال المعمدان عنه. أي سيقدم ذبيحة لخلاص البشر وأنه بلا خطية وقد ختمه الله الآب أي شهد له (يو6 : 27) كما يشهد الكهنة بخلو الخراف التي ستقدم ذبيحة والموجودة في مجدل عدر من أي عيب. وُلد المسيح في بيت لحم وأُعلِن في مجدل عدر عن وظيفته ولماذا أتى إلى العالم. في مجدل عدر أعلن الملائكة أن انتظار إسرائيل الطويل لمجئ المخلص قد تحقق اليوم.
وليس من المستبعد أن الملائكة رنمت الترنيمة الخالدة "المجد لله في الأعالى ..." بينما كان الكهنة يقدمون على المذبح التقدمة المسائية اليومية. وهذه التقدمة اليومية تقدم وسط التسابيح. فكان هناك تسابيح السمائيين مع تسابيح الأرضيين بميلاد ملك السلام. ونشر هؤلاء الرعاة البسطاء الخبر في كل مكان وبالذات في الهيكل فهم يتعاملون مع الهيكل يوميا. ونشروا عن هذا الميلاد العجيب لطفل تبشر به السماء يولد في مذود لعائلة غاية في التواضع.
من التراث القبطي ..