الشارع المصري «يستطلع هلال» الانتخابات البرلمانية المقبلة
بعد «فاصل» رمضان والعيد.. الشعب «يواصل» بحثه عن مستقبله السياسي
على طريقة البرامج التلفزيونية؛ اعتبر «محمد» الشاب الثلاثيني، أن المصريين الآن وبعد أن قضوا «فاصل» شهر رمضان وعيد الفطر، عليهم أن «يواصلوا» رحلة التغيير الذي بدأته الثورة، مع قدوم شهر سبتمبر (أيلول) الذي تشهد نهايته بداية إجراءات العملية الانتخابية الخاصة بالبرلمان المصري.
«لكن الغموض السياسي يقف حائلا دون ذلك».. ويفسر محمد، والذي يعمل مندوبا للتسويق العقاري، كلماته قائلا: «لا يعرف رجل الشارع إلى أين تسير البلاد، هل سيستمر المجلس العسكري في إدارة شؤون مصر أم سيأتي رئيس جديد في الفترة المقبلة، أم ستجرى الانتخابات البرلمانية أولا كما سبق وأعلن المجلس».
كثيرون هم رجال الشارع الذين يقصدهم محمد.. «بسطاء ومثقفون، صغار وكبار، رجال ونساء، انشغلوا جميعا في هذا الفاصل بمتابعة محاكمة الرئيس السابق، لكن هناك أيضا من يشغله مستقبل بلاده»، لافتا إلى كلمات وزير الخارجية البريطاني ويليام هايغ «من الممكن أن تكون الأشهر المقبلة مضطربة وصعبة نسبيا في مصر».
الكلمات الإنجليزية يترجمها بعض المصريين بالقول «البلد نايمة.. ومش عارفين هي رايحة على فين». وهي الكلمات التي يعلق بها شريف فتحي (عامل) على الفترة المقبلة في حياة المصريين، مضيفا بلهجته الريفية: «البلد هس هس.. الكل مشغول بمحاكمة مبارك، ولا أحد يفكر في أي انتخابات ولا أي مستقبل».
وبحسب ما قرر المجلس العسكري؛ تبدأ الإجراءات الخاصة بالانتخابات البرلمانية المصرية (مجلسي الشعب والشورى) في شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، يعقبها إجراء الانتخابات على ثلاث مراحل خلال فترة لا تقل عن 30 يوما من بدء إعلان الإجراءات، على أن تكون نصف المقاعد بالتنافس الفردي والنصف الآخر يشغل بالقائمة النسبية. ووفقا لعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، اللواء ممدوح شاهين، فسوف يتم الإعلان عن يوم الانتخابات «في الوقت المناسب وبشكل رسمي».
«هذا الوقت المناسب لم يحدد حتى الآن، مما يُضفي غموضا على مستقبل مصر»، بحسب محمد عبد الحميد، مهندس كومبيوتر، مضيفا: «هذا الغموض تعودنا عليه كمصريين ولم نعد نستطيع العيش من دونه». ويستكمل: «البلد مش ناقصة اعتصامات ومظاهرات جديدة، علينا أن نصبر حتى نرى ما سوف تأتي به الانتخابات المقبلة، وأهم شيء ألا يكون بها تزوير، وإلا من المؤكد حينها أن مصر كلها ستذهب إلى ميدان التحرير».
لكن الحكومة المصرية حريصة على أن تجري الانتخابات المقبلة في جو من النزاهة والشفافية وبعيدا عن التزوير، وينتظر أن تعقد اجتماعا بعد عطلة العيد لوضع ضوابط لإجراء الانتخابات. حيث يكشف وزير التنمية المحلية، المستشار محمد عطية، عن أن الحكومة بدأت في إعداد مشروع مرسوم بقانون يجرم استخدام المال في الانتخابات، واعتباره جريمة رشوة يعاقب عليها القانون بالحبس من 3 إلى 15 سنة، ومعاقبة المرشح الذي يستخدم المال بالحبس واعتباره في مكانة الراشي، بحسب ما نقلته عنه صحيفة «الأهرام» شبه الرسمية أمس.
على العكس تماما من هذا الطرح لسيناريو الانتخابات من جانب المجلس العسكري، يرى محمود عبد الكريم (محام) أنه «لا بيت يقام من غير أساس، والأساس هنا هو الدستور، يجب أن يتم وضع دستور أولا ثم تأتي الانتخابات بعد ذلك.. أرى أن المجلس العسكري متسرع في خطوة الانتخابات». ويبدي أيضا قلقه من بعض الأمور التي يجب الالتفات إليها أولا قبل أية انتخابات في قوله: «لا يعلم أحد حتى الآن ما موقف أعضاء الحزب الوطني المنحل من ممارسة العمل السياسي، فقد دخلوا في عضوية أحزاب جديدة، فهل سيكون لهم حق الترشح أم لا؟ هذا برأيي سؤال يحتاج إلى إجابة».
أما عاطف عبد المنعم، عامل خدمة توصيل طلبات للمنازل بأحد المطاعم، يرى أن «البلد حالها واقف»، ويضيف: «مستقبلنا مش واضح المعالم.. مش عارفين إيه اللي جاي الأول.. رئيس جديد أم مجلس شعب أم سننتهي من محاكمة مبارك أولا، لا أعرف أيهم أفضل، أنا أبحث عن الاستقرار لكن لا أعلم كيف يتحقق، ولم نسمع أي تفاصيل حول المستقبل، نعم هناك هدوء بعد أن ظهر مبارك على الشاشات داخل القفص، ولكن لا يجب أن تقف البلد هكذا في انتظار مصيره، يجب أن تتحدد أمامنا ملامح المستقبل».
لا يتحدث مصري في الوقت الراهن عن «غموض المستقبل السياسي» إلا ويربطه بالحديث عن أولوية وجود رئيس للبلاد أو إجراء انتخابات برلمانية. فترى «أم سيد» بائعة الخضراوات، أن ما يهم حاليا هو القضاء على البلطجة، وترى أن السبيل إلى ذلك هو وجود رئيس لمصر بشكل سريع لأن «مركب من غير ريس حتغرق، فالرئيس بيده أن يحافظ على الأمن والأمان، وكمان المجلس العسكري حيلاقيها منين ولا منين؟»، وبرأيها أن مصر في حاجة إلى رئيس يحكم بالعدل، ويساوي بين الفقير والغني «الشعب قام قومته لأنه مش لاقي ياكل».
يقطع الحاج علي، كلام «أم سيد» مختلفا معها في الرأي، فبرأيه أن مصر بحاجه ماسة إلى مجلس شعب وليس إلى رئيس، وسبب ذلك «علشان يلبي مطالب الناس.. والحال يروق». ويضع الرجل الستيني شروطه لكي ينجح هذا المجلس في مهمته بأن «يكون فيه جديد في نظام الانتخاب، ومعاقبة من يشتري الأصوات، ومراقبة التزوير»، فهذا برأيه قادر على القدوم بمجلس شعب يستطيع أن «يختار الراجل الكويس لرئاسة الجمهورية».
ومن خلفهما يرتفع صوت «عم فتحي»، بائع الفاكهة، بالقول: «مجلس الشعب حيظبط حال البلد.. والرئيس دوره مكمل للمجلس». بينما يسرع نجله العشريني لينفي ما قاله والده، موضحا أن الفوضى التي تشهدها مصر سببها أنه لا يوجد رئيس «يظبط ويربط».
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :