الأقباط متحدون - ماذا يحتاج الوطن لـ«حياة كريمة»؟
  • ٢٣:٠٠
  • الاربعاء , ٩ يناير ٢٠١٩
English version

ماذا يحتاج الوطن لـ«حياة كريمة»؟

مقالات مختارة | محمد صلاح البدرى

١٢: ١٢ م +02:00 EET

الاربعاء ٩ يناير ٢٠١٩

محمد صلاح البدرى
محمد صلاح البدرى

محمد صلاح البدرى

سعدت كثيراً حين أطلقت مؤسسة الرئاسة منذ أيام قليلة مبادرتها فى مستهل العام الجديد تحت شعار حياة كريمة.. تلك المبادرة التى استهدفت هؤلاء الذين يقعون تحت خط الفقر فى هذا الوطن.. والتى يقر فيها النظام بأنهم يحتاجون حتماً -ويستحقون قطعاً- أن يحيوا حياة آدمية كريمة.. وأن يتوافر لهم الحد الأدنى من المعيشة المقبولة..!

المبادرة فى رأيى تبدو خياراً استراتيجياً فى هذه المرحلة الدقيقة التى يمر بها الوطن.. وتقف بجوار هؤلاء الذين عانوا حتماً من كل الإجراءات القاسية التى اتخذتها الدولة لإصلاح مسار الاقتصاد وإعادة بناء الدولة من جديد..

ففى تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فإن عدد الفقراء فى مصر -بحسب التعريف العالمى لخط الفقر- قد تجاوز الـ٣٢ مليوناً.. يقع أكثر من نصفهم فى محافظات الصعيد.. ويعانون، بجانب الفقر، من البطالة ونقص فى الرعاية الصحية والتعليم.. ربما تساعد وزارة التضامن بعضهم بمعاش تكافل وكرامة الذى يغطى نسبة لا بأس بها بمعاشات شهرية تتراوح بين ٤٠٠ و٧٠٠ جنيه.. ولكن تلك المساعدة قد تساعدهم على البقاء أحياء.. ولكنها لا تغير من الأمر شيئاً.. ولا تخرج الفقير من خانة الفقر أبداً..!

الفكرة أن المبادرة تحتاج فكراً من نوع جديد.. وتعاوناً أعتقد أنه من الممكن حدوثه بسهولة بين الحكومة والمجتمع المدنى والجامعات -الحكومية منها والخاصة.. تعاون كفيل بأن يحول تلك المبادرة إلى بداية جديدة للعلاقة بين المواطن والدولة.. ويعزز من انتمائه لها عن طريق ما يعرف بـ«استدامة المساعدة»..

نعم.. الأمر قريب الشبه بأن نعلم الفقير كيف يصطاد بدلاً من أن نمنحه سمكة.. فيتمكن من الحصول وحده بعد ذلك على آلاف الأسماك..!

نحتاج أن تقود المبادرة فكراً جديداً لإعانة الفقراء عن طريق خلق فرص لهم للكسب والتربح وليس عن طريق الإعانات المباشرة..

نحتاج أن نوفر لهم التدريب والتأهيل للحرف اليدوية البسيطة.. الأمر الذى يمكن للجامعات الحكومية القيام به بسهولة ودون مقابل عن طريق كليات الهندسة والزراعة.. ودعم مشروعاتهم الصغيرة بعد ذلك بقروض ميسرة.. على أن يتم توجيههم خلال العمل بمشروعاتهم من خلال جهاز تنمية ودعم المشروعات.. توجد تجربة حية فى ماليزيا لانتشال من هم تحت خط الفقر عن طريق مساعدتهم بقروض لفتح مشروعات متناهية الصغر فى منازلهم.. الأمر الذى نجح خلال عشر سنوات فى خفض عدد الفقراء إلى النصف تقريباً..

نحتاج أن نوفر للفقراء الحد الأدنى من المعيشة الصحية عن طريق توصيل المياه والصرف الصحى.. ذلك المشروع الذى بدأته عدة جمعيات ومنظمات أهلية خلال السنوات السابقة مثل جمعية أصدقاء المبادرة القومية ضد السرطان ومؤسسة اسمعونا وغيرهما.. والذى يمكن أن يتم البناء عليه وتعظيمه إن شاركت فيه منظمات أخرى ليدخل الصرف الصحى كل منزل فى ربوع مصر كلها فى غضون سنوات قليلة..

ربما كانت الطبقة المتوسطة ما زالت تعانى من جشع الكبار وقسوة الإجراءات الاقتصادية عليهم هم أيضاً.. وربما يحتاجون للكثير من العون من الحكومة والمجتمع المدنى فى معركتهم الخاصة ضد الغلاء وقسوة المعيشة.. ولكننى أعتقد أن إعادة ملايين المعدمين للحياة مرة أخرى هو الخيار الأكثر أهمية فى هذا التوقيت..!

من جديد يثبت الرئيس انحيازه للمواطن الكادح المعدم.. ومرة أخرى يراهن الرئيس على المجتمع المدنى بجوار الحكومة.. ويقينى أنه لن يخذله هذه المرة أيضاً.
نقلا  عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع