الأنبا يؤانس يكشف مواقف حياتية إيمانية عن الراحل عدلي أبادير: "شخص مبارك أخرج كل فلوسه للفقراء حتى بعد مماته"
أماني موسى
الخميس ١٠ يناير ٢٠١٩
كتبت – أماني موسى
لا ينجب العالم الكثير من النبلاء، لكنه يمنحنا من آن لآخر شخص كهذا كي يذكر البشر بأن هناك خير وهناك أشخاص لا زال الخير بداخلهم كبير، حتى أنه يفيض على من حولهم، لا زال هناك نبلاء الأخلاق والأهداف يسعون لجعل العالم أفضل.
ومنهم المهندس الراحل عدلي أبادير الذي كان بشهادة من حوله ومن حالفهم الحظ بالتعامل معه، الذي كان رجل عطاء وحب وخير، ولم يكتفي أبدًا بكونه رجلاً ثريًا ساعيًا إلى تحقيق أهدافه الشخصية، بل امتد خيره لآخرين لم يرهم في حياته قط، واستمر خيره موجه إليهم بانتظام حتى بعد وفاته.
الأنبا يؤانس: شيل الفلوس من قلبك وخليها في جيبك
وفي شهادة للأنبا يؤانس، أسقف أسيوط الحالي، قال عن أعمال الخير وحب المال، إن الكتاب المقدس حذر من محبة المال، وشدد: الفلوس تبقى في جيبك لكن مش في قلبك، لا تسيطر عليك، كل ما محبة المال تقوم في قلبك اصلبها، طلع كل الفلوس من قلبك وخليها بس في جيبك".
الأنبا يؤأنس: عدلي أبادير شخص مبارك جدًا
وروى موقف مع الراحل المهندس عدلي أبادير، واصفًا إياه بـ الشخص المبارك جدًا، حمل الصليب وطلع كل فلوسه من قلبه وحطها بس في جيبه".
إرسال مئات الآلاف تبرعات شهرية منتظمة للفقراء في مصر
وتابع، أثناء ما كنت في أسقفية الخدمات كان يرسل كل شهر بمواظبة تامة مئات الآلاف، وتصادف أن تقابلت معه في أوروبا، وحين كنت أسافر إلى زيورخ كان يأتي إلى المطار يستقبلني ونجلس سويًا لعدة ساعات ثم نغادر.
يسكن في شقة 70 متر!
مستطردًا، في أخر المرات أخبرني أنه معيى ولا يقدر على الحركة ومن ثم لن يتمكن من مقابلته، موضحًا: "كانت دي أخر مرة أشوفه"، وأنه سيرسل أحدهم ليحضره إلى منزله، وتوقع الأسقف أن يجد هذا المنزل بمثابة قصر، فهذا أقل شيء بالنسبة لرجل يتبرع شهريًا بمئات الآلاف.
المهندس عدلي أبادير: لما أديت ربنا باركني 124 ضعف
ولكنه فوجئ بأن المهندس عدلي أبادير يسكن في شقة بسيطة تبلغ 70 متر، ودهش الأسقف مما رآه، حتى أن أبادير لاحظ علامات الدهشة التي بدت واضحة على وجهه، فقال له: "أنا جيت هنا بعد قضية ظلم لفقت لي في مصر، في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وجئت هنا إلى سويسرا وبدأت من الصفر، وربنا بارك لي، ثم بعد خمس سنوات، ربنا زاد بركته لي، فاستحضر زوجته والثلاث فتيات، وأخبرهم أنه يريد تقسيم إرثه عليهم بالتساوي، ولا أحد له دخل بما له أو عليه، ثم قال يارب الفلوس دي فلوسك، لا هغير شقة ولا هغير أثاث ولا هغير العربية، وأوضح الأسقف أن سيارته كانت مرسيدس زرقاء هاتشباج موديل سنة 1986.
وأضاف الأسقف ناقلاً الحديث عن المهندس عدلي أبادير آنذاك: "أنا لما عملت كدة.. ربنا عوضني 124 ضعف، وزي ما أنت شايف كل اللي جاي عالفقرا".
الأنبا يؤأنس: هذا الرجل صلب محبة المال تمامًا وعاش الإنجيل بالظبط
وقال الأسقف: اندهشت هذا الرجل صلب محبة المال تمامًا، صلب محبة العالم تمامًا، صلب محبة الذات تمامًا، عاش الإنجيل بالظبط.. واتنيح والفلوس بتوصل للفقراء زي ما هي.
وأكد على أنه كان رجل شديد الذكاء ولذا نجح ولذا وصل إلى ما وصل إليه، واستطرد: "أهو كله طالع له في السما".
د. عوض شفيق: كان يقوم بأعمال الخير ولا يحب أن يشكره أحد
وفي شهادة أخرى للمستشار الدكتور عوض شفيق، أستاذ القانون الدولي، قال، الجانب الإنساني للراحل عدلي أبادير وخدماته الاجتماعية وأعمال الخير والمساعدات المالية للطلاب وبناء المستشفيات فهذه أعمال كان يعملها بدون شكر من أحد.
وتابع، الراحل المهندس عدلي أبادير كان يرفض أن يشكره أحد على عمل الخير، وكشف عن موقف جمعه به قائلاً: "تعاملت معه في الكثير من الأمور منذ عام ١٩٩٠.. كلمة واحدة كان يقولها لي عندما يُطلب منى شخصًا خدمة اجتماعية أو إنسانية كان يلبيها في خلال ساعات، وعندما اشكره عليها.. يقول لى "ده أنا اللى باشكرك علشان خلتنى أعمل عملاً حسنا علشان أعرف أنام".
وأضاف أستاذ القانون الدولي، "ما أرق إحساسه بمشاعر الآخرين.. بكى بمعنى البكاء آخر مؤتمر عقده وجمع فيهم كافة العاملين في المجال القبطي... قال بالحرف الواحد "خايف أموت ولم يحصل الأقباط على حقوقهم"، وأختتم: في أحضان القديسين أبها الرجل الأمين الصادق الصعيدي الدوغرى".