إلى البرلمان المصري كل سنة وأنت طيب2-3
د. مينا ملاك عازر
الأحد ٢٠ يناير ٢٠١٩
د. مينا ملاك عازر
توقفنا في المقال السابق عند بعض الحقائق التي يجب توضيحها وذكرها أمام الجميع لنعرف إن كان علينا الاحتفال بالبرلمان الصغير صاحب الثلاث أعوام أم محاسبته؟ إن كنا نستطيع هذا أو على الأقل وضع الأمور في نصابها أمام الكل، ولا ينخدع أحد، والآن نستمر في رصد الحقائق وطرح التساؤلات
وأعود للتساؤل وأسأل، عن لماذا لم يأخذ البرلمان على عاتقه للآن وبعد ثلاث سنوات أن يقر قوانين ذات الاستحقاقات الدستورية التي يفرض الدستور إقرارها فور انعقاد البرلمان مثل قانون العدالة الانتقالية وقانون مفوضية عدم التمييز وقانون المجالس المحلية وقانون حرية تداول المعلومات، فالبرلمان لم يقترب لمثل هذه القوانين، وذلك إما لأنه لا يعرف دوره حيال تلك القوانين أو أنه لم يأخذ الضوء الأخضر ليقر مثل هذه القوانين، وأيضا لماذا لم يقم البرلمان بدوره الرقابي الحقيقي بمحاسبة المسؤولين والمقصرين المتسببين في معاناة الفقراء والمهمشين، وذلك من خلال آلية إتاحة ومناقشة إقرارات الجهاز المركزي للمحاسبات، وذلك لإطلاع أعضاء المجلس عليها ومناقشتها.
سؤال آخر لماذا لم يعترض البرلمان على طريقة السلطة التنفيذية معه؟ تلك الطريقة التي تتبعها فيما يخص القروض التي تقترضها الحكومة، إذ تعرض الاتفاقيات الدولية والقروض عليه بعد وصول أموال القروض وربما بعد استخدامها، فهي ترسلها له ليقرها كما لو كانت موافقته تحصيل حاصل أو مؤكد حدوثها، بل لماذا لم يرفض البرلمان تلك القروض التي تستنزف الأجيال القادمة والتي تحمل الدولة ديون ربما تكون أكبر من حجم موازنة الدولة العامة، والسؤال الأهم لماذا لم يتصدى البرلمان لاحتكار بعض مؤسسات الدولة وشركاتها للاستثمار في مصر مما تسبب في عزوف الشركات العالمية الكبرى عن الاستثمار في مصر نتيجة تخوفها من هذا الاحتكار.
وفيما يخص تأصيل فكرة الفصل بين السلطات، لم يستطع البرلمان الصغير أن يؤصل لتلك الفكرة، إذ لم يستجب لطلبات السلطة القضائية لرفع الحصانة عن بعض النواب للتحقيق معهم فيما هو منسوب إليهم، والأدهى من ذلك أن البرلمان لم يسقط الحصانة عن نائبة مسجونة منذ سنتين ونائب آخر عليه أحكام قضائية نهائية في قضايا شيكات، هذا يحدث في الوقت نفسه الذي يكيلون فيه الاتهامات لتيار المعارضة ويتم تهديده بتحويله للجنة القيم وإسقاط الحصانة عن نوابه فضلا عن عدم تنفيذ أحكام محكمة النقض.
وفي هذه الحلقة أتوقف عند السؤال المحزن، وهو لماذا لم يدافع البرلمان عن حرية تداول المعلومات، ويرفع حظر بث جلساته على الهواء، ليتبين المواطن دور نوابه المختارين من قبله، ويعرف أدائهم ومدى مشاركتهم، ويكتشف بدقة آرائهم إن كانت معه أم عليه؟ فهل هناك مناقشات سرية مثلا يخشى معرفتها؟ ولماذا للآن لم يتبع نظام التصويت الإلكتروني؟ ولماذا لم يناقش على الملء للآن ميزانية البرلمان بشكل علني أمام سائر النواب ويختص بذلك فقط لجنة الخطة والموازنة.
اسمحوا لي للتوقف لعدم إتاحة المساحة، واعداً سيادتكم بالانتهاء من سرد الحقائق وعرضها في الحلقة القادمة -بإذن الله-
المختصر المفيد الشفافية هي الحل لعلهم يستحون.