الأقباط متحدون - الذكرى الثامنة..
  • ٠٢:٣٧
  • الجمعة , ٢٥ يناير ٢٠١٩
English version

الذكرى الثامنة..

سامح جميل

مساحة رأي

١٠: ٠٦ م +02:00 EET

الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٩

ثورة يناير
ثورة يناير

 سامح جميل

اليوم تحل الذكرى الثامنة للثورة، ذلك الحدث العظيم. يناير 2011- الموجة الأولى للثورة. جحافل بالملايين تملأ الشوارع و الميادين. أطفال و شباب و شيوخ.. أولاد و بنات.. رجالة و ستات.. عمال و فلاحين.. عوام و مثقفين. العَلَم يرفرف فى كل يد، و على كل سارية. الناس فى كل مكان: ميدان التحرير.. الأربعين فى السويس.. الساعة فى المحلة .. القائد إبراهيم فى الاسكندرية. هدير الجماهير التى غطت الأرض، كل الأرض، ينطلق إلى عنان السماء: “إرحل.. إرحل”، “عيش.. حرية.. عدالة إجتماعية”. إنه آذان بفجر يوم جديد للمحروسة. فى الميادين تزَوَّج شباب، و وُلِد أطفال، و مات أبطال. صمد الشعب، انسحبت الشرطة، تقدم الجيش، رحل مبارك. لن أنسى أبدا تعليق واحد من الشباب فى أحد أيام يناير التاريخية. كان يقف ملاصقا لى فى ميدان التحرير كتفا بكتف، رغم نصف قرن من العمر يفصل بينى و بينه. قال لى و عيناه تشع بريقا أشبه بأشعة الليزر: “أنا فلان، عندى عشرين سنة، لكن عيد ميلادى الحقيقى النهاردة”..
 
يونيو 2013- الموجة الثانية للثورة. نفس مشهد يناير 2011: جحافل بالملايين تملأ الشوارع و الميادين. تكاد هتافاتها تصم الآذان: “إرحل.. إرحل”، “ثورة ثورة ف كل مكان.. ضد المُرْشِد و الإخوان”. و كما رحل مبارك و بطانته، سقط مرسى و جماعته. فى ثمانية أعوام فقط، أسقط المصريون حاجز الخوف، و بدأوا فى التحول من رعايا إلى مواطنين. أطاحوا برئيسين، و كتبوا دستورين، و إنتخبوا برلمانين. و الآن نسمع أصواتا تنكر ما حدث. هناك من يقول أنها لم تكن ثورة، بل كانت مؤامرة. و هناك من قال إن الثورة لم تحقق شيئا. بل إن هناك من قال إن الثورة جاءت بنتيجة عكسية، و تمنى عودة أيام مبارك. و لهؤلاء و هؤلاء أقول: بل هى ثورة بكل معنى الكلمة. و سوف تثبت الأيام ذلك.
 
فهناك قانون للثورات، كما يتضح من دراسة الثورات الكبرى: الثورة الإنجليزية (1640-1660) و الثورة الفرنسية (1798-1799) و الثورة الأمريكية (1765-1783) و الثورة الروسية (1917-1922). طبقا لهذا القانون، تستغرق الثورات سنوات طويلة وتمر بمراحل عديدة. المرحلة الأولى أشبه بشهر العسل بين القوى المختلفة، و فيها يتم هزيمة النظام القديم و إنتصار الثوار، و يصبح الطريق مفتوحا أمام التغيير المأمول والتجديد الذى طال إنتظاره. لكن سرعان ما تروح السكرة و تجىء الفكرة. يحتدم الصراع بين القوى المختلفة: القوى التى تسعى لاستكمال الثورة (قوى الثورة) فى جانب، والقوى التى تسعى لعودة النظام القديم (قوى الثورة المضادة) فى الجانب الآخر. نحن إذن أمام ثورة عظيمة كان لها حتى الآن موجتان، ولا أستبعد أن تكون هناك موجات أخرى قادمة على طريق الثورة. والقول بأن 25 يناير كانت انتفاضة وانفضت أو مؤامرة و انكشفت هو لسان حال قوى الثورة المضادة. أما قوى الثورة فلها لسان مختلف تتحدث به.
 
منذ عام مضى كتبت أقول: “تواجه ثورة 25 يناير و هى تدخل سنتها الثامنة تحديات جسام. كتبنا دستورا جديدا، علينا أن نضعه موضع التطبيق بنجاح. حققنا بعض التقدم نحو العدالة الاجتماعية، لكن أمامنا مشوار طويل. ويبقى الشباب هم الرقم الأصعب فى المعادلة الوطنية”. و بالإضافة إلى هذه التحديات، نضيف اليوم تحدى الوضع الإقتصادى الصعب و عجز الحكومة الواضح عن التعامل معه. يشدعلى ذلك إتفاقها الغامض مع صندوق النقد الدولى من وراء مجلس النواب بالمخالفة لنصوص الدستور. و بمناسبة الذكرى الثانية والأربعين للإنتفاضة الشعبية فى 18-19 يناير 1977 التى تحل الآن، على الحكومة أن تعى الدرس جيدا. عليها أن تدرك أن الناس تئن قى صمت تحت وطأة الارتفاع الجنونى و غير المبرر فى الأسعار. فمن غير المقبول سياسيا التضحية بالناس على مذبح ما تسميه الحكومة الإقتصاد الحر. و عليها أن صبر الناس قارب النفاد، وأن تتحسب للحظة إنفجار ثورة الجياع التى طالما حذرنا منها، و لا نزال.
 
وتحية واحتراما لأرواح شهداء الشرطة دفاعا عن إستقلال الوطن فى 25 يناير 1952، وشهداء ثورة 25 يناير 2011 دفاعا عن “العيش و الحرية و العدالة الاجتماعية”.!!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع