الأقباط متحدون - المسيحيون معظمهم لم يولد!
  • ٠٤:٥٧
  • السبت , ٢٦ يناير ٢٠١٩
English version

المسيحيون معظمهم لم يولد!

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٤٤: ١١ ص +02:00 EET

السبت ٢٦ يناير ٢٠١٩

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

سيادة المطران جورج خضر (1923 – الى منتهى الأعوام )

من كتاب (لو حكيت مسرى الطفولة )’ دار النهار للنشر –بيروت 1979 .
...كان صاحبى يرى ان أهم ما يعمل فى الكون أن تذاع الكلمة (البشارة الجديدة) .الهاجس الرئيس أن تأتى بالناس ليسمعوا ويستفيقوا ’ اذ ذاك يصيرون يضيئون الكون .الناس طيبون اصلا ’ أمن صاحبى ’ ولكن على عيونهم غشاوة ’ قال .الكنيسة لا بد لها ناهضة . سوف يرى ذلك فى عينيه .ستزول الجهالة ’ ظن ’ ستزداد المحبة التى قالها الله دما على خشبة ! سوف يظهر المتألقون والمتجلون والمتألهوا العقول بالضوء الأزلى .سوف يسوسون الكنيسة وحدهم .

تقادم الزمان على هذا الأمل حتى جاءت الخيبة وراء الخيبة .البشر لا يتوبون لمجرد أنهم فهموا . يجترون شهواتهم وهم يعلمون أذاها. يعاودون عن ضعف أو استلذاذ .لا ’ الله لا يهمهم كثيرا.قد لا يهم الكثيرين اطلاقا.وليس ما يدل على ان الأعمق الهية هم القيمون على الرسالة ’"الوكلاء على أسرار الله". فى "بيان وتبيان" كان صاحبى مقتنعا ان الايمان شئ وامتهان المقدسات شئ اخر...البار بالايمان يحيا هو أن يكون الله الهواء الذى تستنشقه ’ ان يعبئك بوجوده ’ أن يكون المرجع الذى تعيه ’ أن تربط به كل فكر ’ أن تريد أن تربط به كل ارادة ’ ان تثق بأن ليس فيك من خير الا اذا سعيت الى مجده ’ هذه كلها عناصر للايمان ما لم تتوافر فى امرئ يكون جاحدا موضوعيا ’ أأدرك ذلك أم غرق فى الفولكلور الدينى والحمية الطائفية حتى لا يدرك. كان صاحبى يدرك ان أهل الدين كثرة وأهل الله قلة عزيزة .لذلك شعر دائما أنه غريب فى الكنيسة. قربه من الله غربه عن بنى جنسه ’ عن الكثيرين الذين عملوا معه فى الانجيل وفى النهاية كانوا من أهل الدنيا . وقد تنبه ’ بصورة مأساوية ’ الى أن الكتاب المقدس نفسه يتحدث عن الحنطة والزؤان اللذين ينموان معا فى حقل واحد كأنه كتب(بضم الكاف وكسر الياء) على كنيسة التاريخ أن تكون رازحة وأن تكون هى نفسها صليب الانسانية . أصحيح بالتالى أن الكنيسة مكان النجاة ؟ أيكون أقرب الى قلب المسيح أن يترك المرء كل حضور فى الكنيسة المحسوسة الشقية ؟ كل هذه الطاقات المهدورة للاشئ ’ لماذا ؟ كل هذا التنظيم الذى نقويه ونسعى لتطهيره وهذا العمر المصروف لتأسيس الندوات ونشر الكتب وما تتطلبه المؤسسة الدينية بشتى وجوهها الفكرية والخيرية والحضارية ’ لم كل هذا والطاهرون الظاهرون قلة ؟أيستحق رجاؤونا لظهور هذه القلة كل هذا العناء ؟

يوما بعد يوم تعمل لصقل نفسك وتهذيب الأخرين ومع ذلك أنت عالم ان كل سعى يؤول الى الموت وان الكنيسة موطن الجفاف ايضا ’ موطن الكيد والخسة .
كوضح النهار بدا له ان الانسان لا يجرح فى موضع كما يجرح فى الكنيسة ’بيت الأحباء ’ فى الخارج على الأقل ينبغى أن تنتظر ذلك .لماذا لم تصر الكنيسة خير من الأمة .أمراض هذه من أمراض تلك .

ولكن "أين نذهب ؟ كلام الحياة الابدية عندك ".الانجيل الحى هنا ’ فى الكنيسة ’ اتناوله .فأنا لا أستطيع ان اقرأه وأحيد عن مواكب القديسين الذين طالعوه وأحبوه .أنا هنا بالتالى مع كنيسة الخاطئين وصليبى أن أقبلهم كما هم.وأنا هنا ’ بخاصة ’ لأن جسده ودمه هنا .لولاهما لما حييت .أبقى لأنى أنتظر أعجوبة تحولنى وتحول اخوتى وقد عجنا (بضم العين وكسر الجيم)جميعا من حنطة وزوان . وسوف أتعلم من أرتشاف الكأس المقدسة ما لم يعلمنى اياه كتاب .ستزول أحلامى ويبقى جرحى ولكنه ليس خيرا من جراح الذى علمته المسامير أن الناس الذين دقوها كانوا ينتمون الى كنيسة الله .

المعمودية تظل ماء . النصارى نصرهم أهاليهم ولم يلدهم الروح ! المعمودية تظل ماء . ولعل كثرة من الكهنة والاساقفة مذهلة لم تستجب الى نفحة من نفحات الروح .

المسيحيون غالبيتهم لم تولد . جاءت اجهاضا .الكنيسة دائما فى اخر رمق لانها تساير المتخلف روحيا ’ تتنحى بسببه عن زمانها وتخجل لأنها تحمل دوما عار بنية هزيلة .

صار مجئ السقط كأنه القاعدة ولذلك ينتظر صديقى من الرعاة والرعية كل فاحشة وكل سخيف قول ولعله يتصور ان الركاكة صفة غالبة عند القادة ’ كأن منطق الواقع يقود التافيهين الى الرئاسة او كأن الشيطان يثأر لنفسه فى الكنيسة بقيادته قيادتها وهو الذى يوسوس لها انها خير أمة وأفضل مما يقال فيها ’ وان نقدها ’ حتى ولو جاء من أحبائها للبنيان ’ فى كل حال ’ تجن وافتراء!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع