ثورة في السودان!
د. مينا ملاك عازر
٢٠:
٠٣
م +02:00 EET
الخميس ٧ فبراير ٢٠١٩
د. مينا ملاك عازر
أفهم جيدا عمق الصمت الإعلامي بمصر حيال ما يحدث في السودان من غضبة شعبية تكاد تكون ثورة يقمعها البشير، فالإعلام المصري مع تراجع الصول السوداني السابق عن هجومه على مصر وطلبه لمثلث حلايب وشلاتين، ونكوصه عن مساندة أثيوبيا في مشروعها سد النهضة، أصبح حبيبهم وحبيب المصريين، البشير الذي كان يتواءم مع الإثيوبيين ويمالئهم ويناوئنا العداء، بعد أن كاد الثوريون يفتكون به وبنظامه، شعر أنه بحاجة لمصر وأمن مصر ومعلومات مصر فلجأ إليها ورحبت به، أكاد أظن أننا من أشعلنا تلك الثورة ليتراجع عن هذه السياسة أو قل لنجعله يتخذ مواقفه الآنية فيصمت الإعلام المصري عن المقتلة التي يقودها البشير في شباب بلاده.
لكن أما ونحن كففنا منذ أمد بعيد وزمن سحيق عن اقتراف مثل تلك الآثام السياسية والتكلفة الاقتصادية، فأنا لا أميل لتلك الترهات بيد أن البشير ذاته في يوم ما اتهمنا بمثل هذا، وجاء لمصر وتراجع بعدها ورد عليه الرئيس السيسي بنفسه ونفى أن نفعل هذا.
الأكثر حاجة منا للنقاش حوله، هل ما يحدث في السودان هو ثورة؟ للآن هو غضبة شعبية يدور بسببها القتل في الشباب لأجل عيون الكهل الراقص بين زبانيته، ولذا الإعلام الغربي لا يعترف بها، ولا يمالئها كما فعل مع ثورات ما يعرف بثورات الربيع العربي، كما أنه في نظرهم لا قيمة للسودان بعد أن انقسم بفعل الصول السابق والرئيس الحالي، القيمة الحقيقية في الجنوب حيث النفط، وها هم يتقاتلون لكي يفيدوا الغرب، أما السودان فليذهب للجحيم، هو به من الآفات والأمراض والآلام ما تجعله وهن ولا حاجة لوهن على وهنه، كما أنهم قبلوا الثورات العربية لعلها تأتي بحلفائهم الإخوان، فأتت بهم في وقت ما، وعادت الشعوب وصححت المسار كما حدث في مصر، فهل يستبدلون نظام إخوانياً بآخر إخوانياً في السودان، من أين لهم بهذا؟ لذا لا حاجة لهم لإنجاح ثورة السودان.
كما أنه لا شك في أن الجيش السوداني في صف رئيسهم، لذا لا ريب في أن البشير سيبقى على صدور شعبه، فما نجحت ثورة في المنطقة إلا بوازع من الجيش أو بمساندته أو بوقوفه على الحياد بحق أو اندحاره بفعل قوى عالمية وقفت بجوار الثوار، أما الثورات لتي جرت في اليمن وسوريا فالجيش لم يتخذ موقف ما، فقد انقسمت ألويته وأسلحته وتفتت وتشرذم، لذا لم تحسم ثورة في صف ثوارها .
أخيراً، لا أظن أن ما يجري في السودان قد يسفر عن ثورة ناجحة ما لم يمالئها الغرب ومن قبله الجيش أو على الأقل يتفتت وينقسم حول الرئيس، فبعض الرؤساء لا يتحركون إلا بأفواه الدبابات سواء بالوصول لسدة الحكم أو بالغروب والأفول منها.
الكلمات المتعلقة