الأقباط متحدون - الكنيسة الإنجيلية بملوى وإعادة البناء
  • ٠٤:٠٧
  • السبت , ٩ فبراير ٢٠١٩
English version

الكنيسة الإنجيلية بملوى وإعادة البناء

مقالات مختارة | القس رفعت فكري سعيد

١٦: ١٠ ص +02:00 EET

السبت ٩ فبراير ٢٠١٩

القس رفعت فكري سعيد
القس رفعت فكري سعيد

بعد أن قام الإرهابيون بحرق وهدم عدد من الكنائس والمؤسسات الخدمية وكان من بينها الكنيسة الإنجيلية بملوى بمحافظة المنيا، أمر الرئيس عبد الفتاح السيسى بإعادة بناء ما تهدم، وبناء عليه قامت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة مشكورة بتشييد الكنيسة الإنجيلية بملوى بطراز معمارى حضارى وشامخ.

وتم افتتاح الكنيسة الأربعاء 1 فبراير بحضور اللواء قاسم حسن محافظ المنيا والدكتور القس أندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية، وجمهور من القيادات السياسية والتنفيذية والأمنية والشعبية بمحافظة المنيا، وفى كلمتى قلت:

ماذا يعنى إعادة بناء الكنيسة بعد أن هدمها الإرهابيون؟ يعنى أن إرادة البناء أقوى من إرادة الهدم، وأن قوة التعمير أقوى من قوة التدمير، وأن الظلام له نهاية، وأن النور لابد وأن يسود، وأن الحب أقوى من الكراهية، وأن الخير أقوى من الشر، وأن السلام حتماً سينتصر على الخصام، وأن الشر قد ينجح نجاحًا وقتيًا، وقد ينتصر انتصاراً محدوداً، ولكن الغلبة النهائية هى للخير وللحب وللسلام.

تعانى مصُرنا الغالية من الإرهاب الدامى الذى لا يفرق بين مسلم ومسيحى ولا يفرق بين المدنيين ورجال الشرطة والجيش، فضحايا الإرهاب لادين واحد لهم، والإرهاب له أسبابه المتعددة، ولعل تفشى ظاهرة الأصولية الدينية هو أحد أهم أسباب الإرهاب.

والأصوليون الدينيون ماضويون، يخاصمون الحاضر والحضارة، ويعتمدون على أفكار قديمة عفا عليها الزمن منذ زمن، ويغلبون النقل على العقل، ويتوهمون أنهم يمتلكون الحقيقة الوحيدة المطلقة، ومن ثم يتعصبون لأفكارهم، ويرفضون كل آخر مغاير لهم، ويظنون أنهم الفرقة الوحيدة الناجية من النار، ولا علاج للأصولية الدينية سوى فى الإصلاح الدينى.

لقد احتفل العالم العام الماضى بمرور 500 سنة على مارتن لوثر الذى قام بالإصلاح الدينى، فمنذ حوالى خمسمائة عام كانت المؤسسة الدينية تهيمن على كل شيء، وكانت تتدخل فى حياة الناس الكبيرة والصغيرة، واختلط الدين بالسياسة، فسد رجال الدين، ساد الفساد، وانتشر الشر، تفشت محاكم التفتيش، زادت الفتاوى، وعارضت كنيسة القرون الوسطى التقدم العلمى.

لذا كان لابد من ثورة إصلاح فكرية، وظهر مارتن لوثر وأتباعه وقالوا للمؤسسة الدينية we protest أى «نحن نحتج» نحتج على فسادكم وعلى ظلاميتكم وعلى طغيانكم، ومن وقتها أصبحت البروتستانتية رمزاً للريادة ولحرية التفكير والتعبير والتدبير، وانفصل الدين عن السياسة، فظهرت الديمقراطية، وبزغ التنوير.

وتقدم العلم والتكنولوجيا، وحدث تقدم اقتصادى واجتماعى وسياسى فى الدول التى انتشرت فيها البروتستانتية، ونحن اليوم إذا أردنا استبدال الظلام القائم بنور قادم، فلا بديل عن الإصلاح الدينى وتجديد الفكر الدينى، بل إن شئتم الدقة فقولوا إننا نحتاج لفكر دينى جديد، فكر يقدس الحياة لا الموت، ينشر الحب لا الكراهية، ويدعو للتقدم لا للماضوية، ويرسخ للتعديية لا للأحادية.

ولهذا تظهر أهمية الدعوة التى كثيراً ما يدعو إليها الرئيس السيسى بضرورة تجديد الفكر الدينى، فبدون تجديد للفكر الدينى لن نلحق بركب الحضارة ولن نغير الحاضر وكذلك لن نكون جادين فى مكافحتنا للإرهاب، وإن الخروج من العصور الوسطى مرتبط بالإصلاح الدينى، وبناء الكنائس هو احترام للدستور المصرى الذى كفل حرية العبادة وحرية العقيدة فعندما نفتح كنيسة فنحن نغلق سجنًا.

فالكنيسة تعلم الناس الفضيلة والتسامح والحب وعمل الخير، والكنيسة وإن كانت مبنى ولكن هذا المبنى لا قيمة له بدون البشر أتباع المسيح، والسيد المسيح صعد إلى السماء بجسده وترك شعبه «كنيسته» ليقوموا بنفس الأعمال التى كان يعملها فهو كان يجول يصنع خيرا، وكان يشفى المرضى، ويهتم بالفقراء والمحتاجين والمنبوذين دون تفرقة، ولذا فعلى المؤسسات الدينية أن تقدم محبة وخدمة لجميع الناس دون تفرقة وأن تهتم بالإنسان وكل إنسان وكل الإنسان. فهذا هو غاية الدين بل وكل الدين.
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع