آلام الحجاب!!
مقالات مختارة | فتحية الدخاخني
الاثنين ١١ فبراير ٢٠١٩
اعتاد الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، أن يبدأ العام بمعرض فنى جديد، مؤكدا حضوره كفنان تجريدى، قبل أن يكون وزيرا، لكنه قرر افتتاح هذا العام بحدثين لا حدث واحد، الأول كتاب يروى فيه بعضا من ذكرياته فى وزارة الثقافة، والثانى معرض فنى يؤكد فيه براعته فى استخدام الألوان.
على مدار سنوات تحول معرض فاروق حسنى إلى مظاهرة فنية، يحرص الجميع على المشاركة فيها، لتزدحم قاعات معارضه بالمشاهير والمسؤولين، سواء قبل أو أثناء أو بعد الوزارة، فى تأكيد صريح على أن محبى فنه لم يكونوا يتملقون كرسى الوزارة، فعلى مدار سنوات من حضورى لمعارضه اعتدت رؤية نفس الوجوه، والاستمتاع بدرجة من الحب والتقدير، ربما أصبحت أكثر ودا بعد خروجه من الوزارة.
فى قاعة بيكاسو بالزمالك أخذتنا لوحاته الـ43 فى جولة عبر البحار، والصحارى، مع درجات الأزرق والأصفر التى تموج بها أعماله التجريدية، لتنقلنا ريشته عبر المساحات اللونية المختلفة بخفة ورشاقة، تبعث الدفء، وتدفعك للتأمل فى الخطوط والمساحات اللونية التى يؤكد فاروق حسنى فى كل مرة براعته على تطويعها دون إزعاج أو ملل.
وقبل أيام من المعرض أطلق فاروق حسنى كتابه «فاروق حسنى يتذكر.. زمن من الثقافة»، الذى حاورته فيه الزميلة انتصار دردير، وأصدرته دار نهضة مصر، وروى فيه تفاصيل سنوات الوزارة التى زادت عن 23 عاما، وأشهر معاركه الصحفية، والتى عاصرت بعضا منها كصحفية، وفى ندوة بدورة اليوبيل الذهبى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، أدارتها الكاتبة الصحفية نشوى الحوفى، قال الوزير إن «معركة الحجاب كانت أكثر المعارك التى تألم فيها، بسبب ما حملته من تنظير ومزايدة»، مؤكدا إصراره على «رفض حجاب الأطفال لأنه يؤذى براءتهم».
ولأننى كنت طرفا فى هذه المعركة الشهيرة التى بدأت بمزحة أعقبها تصريح صحفى عن رؤية الوزير للحجاب، نشر بصفحة داخلية بجريدة «المصرى اليوم» عام 2006، لتتناقله وكالات الأنباء ويتحول إلى خبر رئيسى فى بعض الصحف، معلنا بداية حملة شرسة للهجوم على الوزير بسبب رأى شخصى لم يؤثر يوما على قراراته كوزير، أو على تعاملاته مع المحجبات.
لم تفرحنى تلك المعركة، ولم أعتبرها طوال مسيرتى المهنية سبقا صحفيا كبيرا، لأن الضجة لم تكن بسبب واقعة فساد كشفتها، أو كارثة أثبت تورط الوزير فيها، بل كانت بسبب تصريح صحفى يعبر عن رأى شخصى لصاحبه، لكنى أرى أن معركة الحجاب فتحت باب النقاش حول قضية مازالت محل تساؤل وجدل إلى الآن، وهى مدى حرية المسؤول فى الإدلاء برأيه الشخصى، وإلى أى مدى يمكن استباحة حياة المسؤول الشخصية، واستخدامها لابتزازه أو الهجوم عليه، وإلى أى حد يمكن أن تؤثر الحياة الخاصة على المنصب السياسى؟؟!.
نقلا عن المصرى اليوم