خالد عبد الناصر..هذا الشبل من ذاك الأسد
عماد توماس
السبت ١٧ سبتمبر ٢٠١١
بقلم: عماد توماس
علاقتى بالدكتور المهندس الراحل"خالد جمال عبد الناصر"، علاقة تلميذ باستاذ، ترجع إلى نحو 10 سنوات من الآن، حينما كان يُدرس لى مادة "الأقتصاد" فى الفرقة الثالثة بكلية الهندسة، جامعة القاهرة، ثم كان المشرف على مشروع تخرجى بنفس الكلية. فقد كان الراحل الكريم أستاذًا في تخطيط النقل والمرور والاقتصاد بالكلية.
كانت مادة الاقتصاد تُـدرس على تيرمين، الأول يدرسه دكتور زميل لخالد والتيرم الثانى يدرسه "خالد"، معظم الطلاب كانوا يرسبون فى التيرم الأول أو يحصلون على تقديرات ضعيفة، وكنا نعتمد لنجاحنا او رفع تقديراتنا على الحصول على الدرجة النهائية مع الدكتور خالد عبد الناصر، وكان لا يتردد فى اعطاءنا اكثر مما نستحق. لم يتأخر دقيقة واحدة عن بدء محاضراته الأسبوعية، وكان أثناء شرحه لمادة "الاقتصاد" ينتقد الخصخصة والدور المشبوه لرجال الاعمال وخاصة فى مجال الاتصالات وشبكات المحمول.
تعمقت علاقتى به ، اثناء مشروع التخرج، فكان المشرف الأول لى، كان لديه تليفون محمول فى وقت لم يكن التليفون منتشرا كثيرا، وعندما طلبت منه الرقم لاتصل به فى حال مواجهة اى مشكلة فى المشروع، قال لى انه لا يرد على أى رقم غير معروف له ، لكن يمكن أن اتصل به من مكتب الكلية فيظهر الرقم لديه فيقوم بالرد. فهذه كانت طريقة التواصل به مع زملاءه وطلابه بالكلية.
بعد نهاية إحدى الجلسات معه، سألنى عن وجهتى، فقلت له انى ذاهب إلى محطة مترو "الدقى"-لم تكن محطة جامعة القاهرة قد انتهت - فعرض علىّ ان يوصلنى بسيارتة البسيطة معه وأوصلنى بالفعل لمحطة مترو "الدقى".
بعد مرور عدة ايام بسيطة من المشروع، فوجئنا بسفره للخارج لتلقى العلاج، فقد كان يعانى من امراض اكهلته فكان ضعيف البنيان ذو صوت هادئ، واعتذر عن تكملة الاشراف على المشروع، وحزنت كثيرًا لذلك، لمرضه أولا ، وثانيا لانى فقدت رجلا شريفا ونزيها واستاذا كريمًا.
إحدى الأقوال المتواترة ما قاله " جمال عبد الناصر" له- رحمهما الله- "لو استخدمت اسمي للاساءة لأحد أو تجاوزت في سلوكك لن أتردد في وضعك في السجن الحربي "
ليس لدينا معلومات عن ثروات او شركات او فيلات وأراضى امتلكها الراحل او استخدم نفوذ اسم والده فى الاستيلاء على أموال الغير.
اتهم الراحل فى قضية ما يسمى بتنظيم "ثورة مصر" في فترة الثمانينيات وحكم عليه بالاعدام، وغادر القاهرة بأسرته إلى لندن، ثم إلى يوغوسلافيا التى احتضنته وفاءً لذكرى والده، وحصل بعدها على حكم بالبراءة.
كان "خالد عبد الناصر"، بمثابة الأب الروحي لإخوته الأربعة بعد رحيل والدهم الزعيم الراحل عبد الناصر ، وهو من خريجي جامعة كامبريدج البريطانية الشهيرة وحصل من هناك علي رسالة الدكتوراه فى هندسة الطرق والنقل، وعلى بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة القاهرة عام 1971، وماجستير في الهندسة المدنية جامعة القاهرة عام 1974. وفي عام 1979 حصل على دكتوراه في تخطيط النقل من جامعة لندن.
كانت آخر تصريحاته تشير إلي تفكيره في أن يلعب دورا سياسيا، لكنه لم يحدده بعد، حيث عرض عليه الكثير من السياسيين والمقربين الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة وأنه مازال يفكر في الأمر.
توفى "خالد عبد الناصر" عن عمر يناهز 62 عاماً بعد صراع طويل مع المرض أنقصه نحو 40 كيلو جراماً خلال شهرين فقط بعد عملية جراحية أجراها في الكبد قبل شهور فى لندن، و دخل فى غيبوبة قبل شهر رمضان الماضي ، ثم تحسنت حالته قبل أن يعود لدخول العناية المركزة بمستشفى المقاولين العرب بسبب اضطرابات في وظائف الكلى، وهبوط حاد في الوظائف الحيوية للجسم أدت إلى وفاته.
وشيعت جنازتة بعد صلاة الجمعة يوم 16 سبتمبر 2011، من مسجد "جمال عبد الناصر"بكوبرى القبة، بمشاركة المشير "محمد حسين طنطاوى"، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة والفريق "سامى عنان"، رئيس اركان حرب القوات المسلحة وعدد من اعضاء المجلس الاعلي للقوات المسلحة بالاضافة الي عدد من الشخصيات العامة والمفكرين.
اننى ادعو كلية الهندسة بجامعة القاهرة، اطلاق اسم الراحل الكريم على أحد مدرجاتها لتكون شاهدة عرفانا وتقديرا على دور الراحل الكريم.
هوامش
موسوعة ويكيبيديا
بوابة الأهرام