الكاتب
- تفعيل حالة الطوارئ...للإيقاع بالمصريين أم لحمايتهم؟
- إرهاب يتوحش...أمام سلطة مستأنسة!! قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها-(364)
- ماذا لو تم نزع العلم المصرى عن سفارتنا فى تل أبيب؟!!
- أين قانون تجريم التمييز؟
- قراءة فى ملف»الأمور المسكوت عنها«-(361) من يكتب الدستور؟
جديد الموقع
إرهاب يتوحش...أمام سلطة مستأنسة!! قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها-(364)
بقلم يوسف سيدهم
في غيبة القانون الموحد لبناء دور العبادة-الذي نسيه الدكتور عصام شرف- ووسط استفحال أعمال الإرهاب والبلطجة في كل مكان, لم يكن غريبا أن نسمع عن شكل جديد من أشكال انفلات الجماعات الإسلامية المتعصبة التي أزاحت القانون بعيدا وأطاحت بهيبة الدولة وانطلقت بكل جرأة وتحد وصلف في فرض وصايتها علي المواطنين...ولم لا؟....وما الذي يردعها أو يكبح جماحها, إذا كانت تري منتهي الضعف والاستسلام من جانب السلطة, حتي أن أقسي رد فعل للسلطة إزاء إجرام تلك الجماعات واعتداءاتها وتهديداتها السافرة هو عقد المجالس العرفية المهينة والمذلة والتي تساوي بين الجاني والضحية وتفرض علي الضحية قرارات كارثية تطيح بأبسط حقوق المواطنة.
قبل أن أسترسل في عرض جريمة اليوم أقول مرة أخريرب ضارة نافعة فما نحن بصدده هذه الأيام مجرد نموذج بسيط لما ستجنيه مصر إذا أسلمت مقدراتها لمثل هؤلاء المتأسلمين المتعصبين الذين لايدرون عن الدين شيئا لكنهم ينطلقون يعيثون فسادا بالوطن باسم الدين...هذا هو جرس الإنذار الذي يجب أن نعيه جميعا- مسلمين ومسيحيين- في الأسابيع المقبلة عندما يفتح الباب للانتخابات البرلمانية, فالتحدي التاريخي الذي يتمثل أمامنا في هذه المرحلة هو دقة الفحص وحسن الاختيار وتسليم أمانة التمثيل البرلماني للمصريين المخلصين الذين يؤمنون بالوطن ولا يلتحفون برداء الدين زورا وبهتانا.
جريمة اليوم شهدت فصول أحداثها قريةالمارينات بمركز إدفو- محافظة أسوان- في هذه القرية توجد كنيسة صغيرة متواضعة تحمل اسم كنيسة مارجرجس بنيت منذ أكثر من مائة عام حيث اعتاد أقباط القرية الصلاة فيها ويعرفها سائر سكان القرية من المسلمين. وفي عام2009 تقدم الأقباط إلي المحافظة بطلب ترميم الكنيسة نظرا للحالة المتهالكة التي وصلت إليها والتي تمثل تهديدا لسلامة المصلين, فتم تشكيل لجنة هندسية من المحافظة لمعاينتها علي الطبيعة, وجاء تقرير اللجنة يوصي بعدم صلاحية الكنيسة للترميم لتردي حالتها وضرورة إحلالها وتجديدها. وبناء عليه صدر قرار محافظ أسوان في يونية 2010 بالموافقة علي إحلال وتجديد الكنيسة وتم تقديم كافة الرسومات الهندسية والمستندات اللازمة لإصدار الترخيص اللازم والذي صدر برقم 41 لسنة2010 في 12/12/2010 وينص علي:الترخيص بإنشاء دور أرضي ودور علوي وقباب حتي الارتفاع المسموح به, والمبني هيكلي من الخرسانة المسلحة...., وبطبيعة الحال كان قد سبق هذا الترخيص صدور ترخيص هدم للمبني القائم المتهالك-ترخيص هدم رقم 2 لسنة2010 بتاريخ 8/10/2010.
شرعت الكنيسة في أعمال الهدم, ثم تعطل العمل عقب ثورة 25يناير 2011 لفترة, وفي يونية الماضي احتفل الأقباط بانتهاء الأعمال الإنشائية للمبني الجديد وبدأوا في الصلاة في الكنيسة الجديدة حتي قبل انتهاء أعمال التشطيبات الخارجية والداخلية لها...ومضت الأمور بشكل هادئ ليس بالغريب علي أهل القرية- أو أهل إدفو وأسوان- الذين يرتبطون بعلاقات طيبة دافئة مسلمين ومسيحيين, حتي جاء يوم الجمعة 2 سبتمبر الماضي- وكان رابع أيام عيد الفطر-حين فوجئ المترددون علي الكنيسة بتجمهر بعض أهالي القرية حول الكنيسة مرددين هتافات عدائية رافضة للكنيسة الجديدة ومطالبين بإزالتها!!!....وبهت الأقباط من ذلك المسلك غير المتوقع إطلاقا, وعندما لجأوا إلي الشرطة والسلطة لحمايتهم باعتبارهم أصحاب حق لم يخالفوا القانون وبنوا كنيستهم طبقا لتراخيص رسمية, فوجئوا بممثلي السلطة يغضون النظر عن حقهم ومستنداتهم ويعقدون جلسة عرفية بحضور اللواء عادل حسن رئيس قطاع شمال والعميد أيمن فتحي رئيس مباحث إدفو ورجال الدين الإسلامي ورجال الكنيسة بالإضافة إلي كبار عائلات القرية, حيث طالب المتشددون المتعصبون من الأهالي بعدم وضع صلبان أو أجراس أو ميكروفونات أعلي الكنيسة(!!!), وفي ظل تراخي ممثلي السلطة عن الذود عن القانون والحق رضخ رجال الكنيسة ووافقوا علي ذلك احتواء للأوضاع المتأزمة.
لم يدر رجال الكنيسة أن رضوخهم لن يكون نهاية المطاف وأن الاستسلام للمتطرفين من شأنه أن يفتح شهيتهم للمزيد من التسلط والصلف, وهذا ما حدث مساء الثلاثاء التالي 6سبتمبر حيث عاد تجمهر المتشددين لمحاصرة الكنيسة وهذه المرة تقدموا بكل جرأة وتحد بطلب إزالة القباب الست التي تعلو مبني الكنيسة وهي القباب الصادر بها ترخيص البناء!!!
التبريرات التي صدرت عن أولئك المتأسلمين لتفسير طلباتهم بشأن الكنيسة تفضح نفوسهم المريضة بالتعصب المقيت وتصيب أي مصري طيب يعرف دينه تمام المعرفة بالغثيان... فها هو مأذون القرية الشيخ محمد موسي يصرح بأن أهالي القرية يعترضون علي إقامة الكنيسة لأنهم لم يعتادوا علي هذا المسمي(!!) وأن وجود كنيسة بالقرية يثير مشاعر المسلمين ويستفزهم(!!) ثم يجئ الشيخ علي مكي أحد شيوخ القرية يقول إن المسلمين فوجئوا بعد الثورة ببناء هذه الكنيسة بموجب ترخيص صادر قبل الثورة من قبل النظام البائد(!!) وذلك كان خطأ من المسئولين لأن المسلمين لم يعتادوا رؤية كنيسة بقباب وهذا أمر يثير مشاعرهم ومالوش لزمة(!!!).
المؤسف أن كل ذلك حدث ويحدث وسط رخاوة وعجز واستسلام من جانب جميع ممثلي السلطة وحماة القانون الذين بعد عقدهم الجلسة العرفيةالمهزلة عادوا ليطلبوا من القائمين علي الكنيسة عدم الصلاة فيها الجمعة 9 سبتمبر لحقن الدماء وتفادي المشاكل...ويظل الأمر معلقا في مشهد كارثي تعودنا عليه منذ الثورة والانفلات الأمني حيث الحرب غير المعلنة بين التيارات السلفية المتطرفة التي يشتد عودها وبين السلطة المستأنسة التي ضحت بهيبة الدولة!!!.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :