الأقباط متحدون - المرأة وصراعها مع الدولة الإسلامية
  • ١١:٢٩
  • الخميس , ١٤ فبراير ٢٠١٩
English version

المرأة وصراعها مع الدولة الإسلامية

مقالات مختارة | عادل نعمان

٣٤: ٠٨ ص +02:00 EET

الخميس ١٤ فبراير ٢٠١٩

عادل نعمان
عادل نعمان

إذا ما حاول أحد المقارنة بين حقوق المرأة فى دولة مدنية من دول الغرب، وبين حقوقها فى دولة إسلامية على أى نموذج متاح ومعتمد يحاصرها أهلها فى عفة الحجاب والنقاب، وكأنه المكسب والمربح ليس إلا، وعندهم مثال واحد يستاء منه، حين يمثلونها بالحلوى المكشوفة التى تلم الذباب، ولأن الذباب يتوالد ويتكاثر ويتزاحم وسايب عندنا، فقد ظنوا أنه متاح وتائه وضال ومتهور فى بلاد الدنيا، ولما كان الذباب منتج البرك والأوحال، فلو وُجد عندهم لظرف ما فلا يجرؤ الذباب أن يحط عليها، وإلا لاحقه القانون وقضى عليه، ونسوا تماما حرية التعليم والثقافة والرأى والانتخاب والترشح والتنقل والسفر والطلاق والزواج والميراث ومشاركة الزوجة فى نصف ثروة الزوج، وحقها فى نفقة الأولاد التى لا يستنكف ولا يتورع رجالنا عن التهرب منها، وحتى لو كانت المرأة فى بعض الدول الإسلامية تحظى بالشكل فى كل ما سبق، إلا أنها لا تحظى بالجوهر والعمق والمساحة، بل الغالب هى فى صراع دائم مع المجتمع المسلم فى إنقاص أو سلب أو قنص أو استرداد ما كافحت من أجله، أو الإيقاع بها تحت دعاوى مخالفة الشرع، فما أصابته كان بعرقها وجهادها وليس بالتراضى منهم، فليس منهم فصيل كريم، وهو عكس ما يرتب لها فى الدولة المدنية من إطلاق طاقاتها وقدراتها كالرجل تماما.

والأحكام فى الدولة الإسلامية من الواجب ألا تتصف بالعمومية والشمولية، بل هى رهينة الأوضاع الاجتماعية والجغرافية التى كانت سائدة فى «أم القرى ومن حولها»، فلم يكن نصيب المرأة فى الميراث نصف نصيب الرجل إلا انتصارا لها فى بيئة أم القرى ومن جاورها، ولم يكن كذلك مثلا فى مصر التى كانت ترث كالرجل، ولم يكن تشريع التعامل مع العبيد على النحو المعروف وتوزيعهم حسب الأنصبة بعد الغزو أو القنص من ملك اليمين، وجوارى وعبيد الخدمة فى البيوت والحقول، ومن تبقى منهم بيع فى سوق النخاسة إلا نموذجا بيئيا فرضته سطوة القوة ومسلك الغدر بالبشر، ولم تكن مصر تعرف الاسترقاق على هذا النحو المذل بل كان أفضل منه بكثير، ولم يكن الحجاب إلا نموذجا طبقيا وتمييزيا وسمة اجتماعية وليس أمرا شرعيا، وقد كان الخليفة عمر يضرب الأمة «العبدة» المسلمة وغيرها إذا تشبهن بالحرائر، «ابن تيمية يحرم لبس الحجاب على الإماء» بل إن كثيرا من الفقهاء اتفقوا على عورة الأمة من السرة حتى الركبة، وكن أجمل وأفتن من بنات العرب، بل منهم من أجاز لها الصلاة على عورتها، نضيف إلى التمييز أيضا أن الأمة لها نصف الحرة فى اللقاء بالزوج والمعاشرة، ومن الدية نصفها، وطلاقها مرتان فقط، ولها نصف عقوبة الزنى من الجلد.

إلا أن الغريب فى الأمر هو هذا الظلم البين على المرأة غير المسلمة، من أهل الكتاب، والتى كانت زوجة من نصيب المسلم وبرخصة شرعية، إلا أنها لا ترث زوجها المسلم إذا مات، والأدهى ليس لها الحق فى حضانة أطفالها منه على مذهبين!! ولما قال الرسول: «لايرث الكافر المسلم، ولا يرث المسلم الكافر»، جاءنا من قال: «إن عمر قد قال نرثهم ولا يرثوننا كما نتزوج نساءهم ولا يتزوجون نساءنا»، وكان لعافية عمر النصيب من الموافقة، ولا أعرف كيف لزوجة تزوجها على شريعته أن يحرمها الميراث لتسأل الناس بعد عز إذا مات أو طلقها، إلا إذا كان هذا الهاجس، وهذا المصير المظلم الذى يلازمها فترة الزواج يدفعها دفعا إلى الإسلام خوفا وقهرا، كما البلاد الموطوءة والتى لا يرى المقهورون بدا من الدخول فيه، ولأن الدولة من أهم واجباتها إقامة العدل وتوزيع الحقوق بين المواطنين جميعا، لا فرق بين مواطن وآخر تحت ظلها، فإن هذه التفرقة تهدم بنيانا وأساسا وقيمة من غيرها تصبح الدولة قبيلة أو عشيرة، وهذه حقيقة للأسف، فما قامت هذه القبيلة إلا وسقطت تحت سنابك خيل قبيلة أخرى مهما امتد عمرها، فهذه قبيلة بنى أمية وقبيلة العباسيين والفاطميين والعثمانيين، وكلها جرفت وسحلت بعضها بعضا.

ويستغرب كثيرون من رفض بعض النساء فكرة التحرر من هذا الاسترقاق، فإذا جاء من يرفع عنهن أسوار السجن يرفضن، ويستعذبن السجن والسجان تحت دعاوى أن كل هذا من عند الله، وأؤكد أنهن جميعا على قناعة بما نقول، ويكذبن على أنفسهن، وعلماء الاجتماع يقررون أنه إذا طالت فترة السجن يتكيف المسجون مع البيئة الجديدة ويتأقلم داخله اجتماعيا وثقافيا، سواء كان سجنا جسديا أو فكريا (متلازمة السجن) ويكتسب سمات شخصية تتماشى مع البيئة القمعية، كتخوين الآخر وتكفيره مع صعوبة إقامة علاقات إنسانية مع من خرج عليهم يوما أو كفرهم، كذلك التردد فى اتخاذ القرار، فيصعب عليه الأمر، وعادة يرفض الخروج مما هو فيه ويكتفى ويقبل سياسة الانقياد وهو سلوك استعبادى يألفه ويستعذبه.

أما عن زواج الصغيرة أو الرضيعة فهو أمر محير، ويحتاج إلى لقاء آخر.
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع