معسكر الصامتين
مقالات مختارة | بقلم : دينا عبدالكريم
٥١:
١٠
م +02:00 EET
السبت ١٦ فبراير ٢٠١٩
فى مصر الآن- وكعادتنا دائماً- ننقسم إلى فريقين متقابلين فى منتهى الوضوح لا يمكن أبداً الخلط بينهما، فهما متناقضان كل التناقض..
معسكر يوافق أن «نعم» لكل قرارات الدولة هى منتهى الوطنية، ومعسكر يرى العكس تماماً، وأن الاعتراض سيد الوطنية وعنوانها..
أحياناً يبدو لك أن الدولة لا ترى سوى هذين الفريقين.. فتُعْلِى من شأن هذا وتخوّن ذاك!
والحقيقة التى أثبتتها مئات المحكات والتجارب.. أن معسكر الصامتين هم الأقرب للوطنية، وهم الأصدق وهم الأكثر إخلاصاً لأوطانهم! الحقيقة أن هؤلاء فقط هم مَن يتحملون خطأ الجميع إن أخطأ أى من الفريقين، وهم مَن يصبحون السند الحقيقى وقتما يحتاجهم الوطن..
وهم المجموعات الأكبر من الناس التى لا تتسرع فى إطلاق أحكامها على الأمور.. والتى أصبحت فى الأغلب تتحفظ فى إبداء الرفض والاعتراض.. لأنهم يظنون أنه ليس لصوتهم وزن ولا قيمة، وأن صوتهم الموضوعى يبدو خافتاً جداً فى ظل هستيريا كلا الفريقين..
الصامتون الآن لا يودون الكلام ويعزفون عن المشاركة، يؤثرون سلامة وسلاماً، ولا يدخلون فى معارك يعتقدونها خاسرة..!
أخاف جداً عندما يزيد عدد المنتمين لهذا المعسكر.. لأن أوطاناً مليئة بأشخاص لم يحددوا موقفهم، وإن اتخذوا موقفاً لا يعلنونه، هى أوطان فى خطر!! فما من سبب يدفع لهذا سوى الخوف أو عدم المبالاة بما يجرى أو اليأس من التأثير، وكلها أسباب تستحق منا التوقف والتحرى والقلق!
الأوطان ليست كالأشخاص.. الأشخاص نحبهم رغم وجود ما قد يدفعنا لعكس ذلك!
بينما الأوطان تُحَب لأسباب.. ونحتاج دائماً أن تكون لدينا أسباب كافية للحب!
الخوف كل الخوف.. إن فقدت أهم سبب يُبقيك على حب الوطن «التحقق»، فشعور الإنسان بالتحقق فى أرض وبين أهل ومكان، شعوره بأنه موجود ومسموع ومشارك.. أنه مهم ورأيه يُعتَدّ به ويُحترم، هو واحد من أهم أسباب الحب للأوطان.
الصامتون يزدادون عدداً.. ويأخذ الصمت كل يوم من مصر محبين ومخلصين.. ويضمهم إلى معسكر صامت وغير مشارك، أخاف جداً أن يتحول إلى معسكر غاضب.. لكننى أثق أن فى وطنى مَن يقرأون المشهد الآن بحكمة، وأن ثمة تحركاً وحراكاً يستوعب هؤلاء ويخرجهم من صمتهم إلى معسكر العمل والمشاركة والتفاعل.. لتبقى مصر حية.. وتحيا بنا جميعاً مصر.
نقلا عن المصرى اليوم