الأقباط متحدون - رسالة إلى السيد الرئيس ..بقلم جمال رشدي
  • ١٤:٠٦
  • الاربعاء , ٢٠ فبراير ٢٠١٩
English version

رسالة إلى السيد الرئيس ..بقلم جمال رشدي

جمال رشدى

مساحة رأي

١٣: ٠٩ م +02:00 EET

الاربعاء ٢٠ فبراير ٢٠١٩

تعبيرية - دستور مصر
تعبيرية - دستور مصر
جمال رشدي
 
لا لتعديل الدستور نعم لتغير الدستور
عبر تاريخ مصر الحديث يشكل الدستور برواز لتنظيم العلاقة بين السلطات، ويمثل الهيكل التنظيمي لمؤسسات الدولة،  لكن لم يكن يوما المنظم الفعلي لتعاملات المصريين بعضهم البعض، لان هناك دستور اخر أعمق واشمل وهو دستور الحياة الخاص بموروث ثقافة التعاملات، وهو الفلكلور الثقافي المتوارث عبر ألاف السنوات والخاص بالقيم والمبادئ التي تحكم الحياة الاجتماعية والتي هي أساس كل التعاملات في باقي مناحي الحياة. 
 
ولكن في العقود الأخيرة من عمر الدولة المصرية، بدءً من حقبة نظام الرئيس السادات، وما عاشته مصر في حقبة الرئيس مبارك من تجريد وتجريف كامل للمبادئ والقيم، وانهيار دستور الحياة وشيوع الفوضى الأخلاقية وتغيير جذري وكامل في سمات وصفات الشخصية المصرية، كل ذلك بسبب عوامل كثيرة داخلية وخارجية متنوعة. 
 
وكانت النتيجة وصول الجماعة الإرهابية إلى كرسي حكم مصر ومن ثم  وضع ذلك الدستور الحالي الذي هو نضاح فكر وثقافة الجماعة الإرهابية التي لا تعترف بالوطن مصر ولا عمقه التاريخي أو الحضاري، ورغم قيام ثورة شعبية عارمة في 30 يونيو علي حكم الجماعة، لكن تم تخليص كرسي حكم مصر منهم وظلت كامل مصر بكل مؤسساتها أسيرة ذلك الحكم إلي وقتنا هذا، مع بقاء دستورهم الذي يمثل حكمهم ويتضمن سمات الفوضى الأخلاقية التي ضربت سمات الشخصية المصرية،  وما يحتويه أيضا من حالة انقسام بين صلاحيات السلطات التي تمثله مواده، فهو دستور مختلط مفتعل، لا تعلم من خلاله من هو الحاكم هل الرئيس ام رئيس الوزراء ام رئيس مجلس النواب. 
 
كل ذلك يتطلب مننا إن نتأني كثيراً قبل اتخاذ خطوات تعديل بعض المواد، لان في ذلك الخطوة يسكن صوت الشيطان الذي يمثل ترسيخ وتثبيت لمواد هذا الدستور الاخواني، فالأمر يتطلب رؤية شاملة نتخذ من خلالها خطوات جادة وشاملة  لتغيير كامل للدستور، عن طريق تشكيل لجنة من أهل الاختصاص وخبراء القانون لصياغة دستور يناسب عمق مصر الحضاري والتاريخ، ويتضمن في مواده تخليص مؤسسات مصر من حكم الجماعة وكل من هم علي شاكلتهم من حركات وجماعات متطرفة. 
 
نحن في حاجة ماسة إلي دستور يسترجع الهوية المصرية، ويدعم رجوع سمات وصفات الشخصية الحضارية وينزع من مكونات موروث ثقافتنا كل ما هو دخيل وغريب علي تركيبة شخصية النيل، ويهدف إلي بناء الإنسان علمياً وثقافياً ويجعله هو هدف للخدمة بصرف النظر عن جنسه أو عقيدته أو ايدلوجته دون تفرقة أو تمييز.
 
فالقضية ليست في فترات ومدد حكم الرئيس، بل في ما هو الدستور الذي يحكم به الرئيس في فترات حكمه، أنا كمواطن مصري أوافق تماماً في إعطاء رئيس الجمهورية الصلاحيات الكاملة في سلطاته، مع فتح مدد مواد حكمه بلا حدود مع تحديد المدة الزمنية للمدة الواحدة إلي 6 سنوات. 
 
فالذي يحدث الان بعد موافقة مجلس الشعب علي مناقشة تعديل بعض المواد الخاصة بحكم الرئيس، كمثل منح سائق ماهر  كل صلاحيات سياقه مركبة، في طريق غير صالح ملئ بالمطبات والتعريجات، وتلك المركبة معطبه في كل مكوناتها، فما فائدة تلك الصلاحيات وما فائدة مهارة السائق، فيجب أولا تجهيز المركبة والتأكد من قدرتها علي السير مسافات طويلة، ومن ثم إصلاح الطريق على قدر المستطاع هنا تكون لصلاحيات ومهارة السائق فائدة كبيرة في الوصول بمركبته وركابه بكل سلام وارتياحية ونجاح في المكان اللائق والزمن المناسب.
 
ورسالتي هنا موجهة لشخص السيد الرئيس، أن يقرأ ذلك المقال وما يتضمنه من وجهة نظر وطنية تحتاج من فخامته التروي والاستماع إلي أهل التخصص الذين يؤمنون بالهوية المصرية، لأننا ما زلنا في مرحلة الخطر ولا نستطيع تحمل أي تجارب سياسية غير محسوبة لها انعكاسات خطيرة علي مستقبل مصر.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد