قلعة قايتباى .. بناها مملوك جاء إلى مصر عبدا
إيهاب رشدي
٢٥:
٠٦
م +02:00 EET
الاثنين ٢٥ فبراير ٢٠١٩
كتب – إيهاب رشدي
لم يكن قايتباى المملوك الصغير الذي جاؤا به إلى مصر كعبد وباعوه مقابل 25 دينارا ، يخطر على باله أنه سوف يصير يوما ، سلطانا على مصر يملك ويحارب ويبنى وتظل الأماكن التي شيدها باقية باسمه حتى الآن في مصر وخارجها شاهدة على الجمال وروعة العمارة ومنها قلعة قايتباى أحد المعالم الرئيسية للإسكندرية ، روعة المكان الذي يجمع بين التاريخ والبحر معشوق الإسكندرية .
جمع السلطان أبو النصر الاشرف قايتباى الذي عاش في القرن الخامس عشر ، تناقضات عجيبة في شخصيته احتار فيها المؤرخون فهو الزاهد المتدين الذي نصبوه سلطانا رغما عنه والمحارب الشجاع المحب للعلم ، وهو أيضا البخيل جدا والقاسي جدا في جمع الضرائب من العباد . إلا أن أعماله التي لازالت قائمة حتى الآن تؤكد ولعه بالعمارة والفنون ، وقد ظلت قلعة الإسكندرية في وجدان وخيال المخرج العبقري يوسف شاهين ابن الإسكندرية وعاشقها ، حتى جاء الوقت الذي اخرج فيه فيلمه التاريخي الناصر صلاح الدين ، فاختارها لتكون احد الأماكن التي صورها في الفيلم و تمثل مدينة عكا ، كما صورها المخرج نادر جلال في فيلمه " بخيت وعديلة " الجزء الثاني " الجردل والكنكة " للفنان الكبير عادل أمام ، في مشهد مسرحي يتقابل فيه مرشحو مجلس الشعب ليساوموا بخيت وعديلة على التنازل عن الترشح مقابل مبالغ مالية.
أنشأ هذه القلعة بحسب موقع الهيئة العامة للاستعلامات السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي المحمودي سنة عام 1477 م مكان منار الإسكندرية القديم عند الطرف الشرقي لجزيرة فاروس وكانت تعد وقتها أهم القلاع على ساحل البحر الأبيض المتوسط .
وقد بنيت على مساحة 17550 متر مربع وأقيم لها سورين كبيرين من الأحجار الضخمة يحيطان بها من الخارج والداخل لحمايتها ، السور الأول هو السور الخارجي ويحيط بالقلعة من الجهات الأربع ، أما الداخلي فهو من الحجر ويحيط بالبرج الرئيسي من جميع جهاته ما عدا الجهة الشمالية ويتخلل هذا السور من الداخل مجموعة من الحجرات المتجاورة أعدت كثكنات للجند .
أما البرج الرئيسي للقلعة فإنه يقع بالناحية الشمالية الغربية من القلعة وهو عبارة عن بناء مكون من ثلاثة طوابق تخطيطه مربع الشكل يخرج من كل ركن من أركانه الأربعة برج دائري يرتفع عن سطح البرج الرئيسي وقد بني البرج بالحجر الجيري الصلد .
ويذكر كتاب قلعة قايتباى الصادر عن هيئة الآثار المصرية أنه عند مجئ الحملة الفرنسية لمصر ، فان القلعة قد سقطت في أيديهم نتيجة لضعف حمايتها وفى عهد محمد على تم تجديد مبانيها المتصدعة وإعادتها لحالتها الأولى ، كما زودها محمد على بالأسلحة والمدافع والتي نراها حاليا في ساحتها الخارجية .
وعندما ضرب الاحتلال الانجليزي مدينة الإسكندرية عام 1882 حدث بالقلعة خراب شامل وتصدع بالغ وظلت على ذلك الحال حتى تبنت لجنة حفظ الآثار العربية سنة 1904 مشروع لتجديدها استنادا إلى الدراسات التي قام بها علماء الحملة الفرنسية والمنشورة في كتاب وصف مصر وأيضا التي قام بها الرحالة كاسيوس فى كتابه سنة 1799 م.
وقد قامت الهيئة العامة للآثار بتنفيذ مشروع متكامل لترميم القلعة نظرا للحالة السيئة التي آلت إليها في العصر الحديث نتيجة للعوامل الطبيعية التي أدت لتآكل أحجارها وأخشابها وتهدم بعض أجزائها المطلة على البحر كما قامت الهيئة بإنشاء حديقة داخل ساحة القلعة بأسلوب حديث في الري .
وتشهد الإسكندرية منذ عدة سنوات مشروعا كبيرا للحفاظ على القلعة من التآكل بفعل التيارات المائية بلغت تكلفة مرحلته الأولى حوالي 274 مليون جنيه ويتضمن وضع حواجز غاطسة داخل مياه البحر على مساحة 550 مترا في محيط القلعة وكذلك ترميم الصخرة الأم المقام عليها القلعة بعد حدوث فجوات بها تهدد سلامة المبنى .
الكلمات المتعلقة