الأقباط متحدون - ذات يوم.. 1 مارس 1958.. خطة مصرية لتهريب الملك طلال من المستشفى بتركيا
  • ٠١:٣٥
  • الجمعة , ١ مارس ٢٠١٩
English version

ذات يوم.. 1 مارس 1958.. خطة مصرية لتهريب الملك طلال من المستشفى بتركيا

سامح جميل

مساحة رأي

٢٠: ١٢ م +02:00 EET

الجمعة ١ مارس ٢٠١٩

 طلال بن عبدالله
طلال بن عبدالله

سعيد الشحات يكتب ذات يوم.. 1 مارس 1958م..
أرسل الملحق العسكرى المصرى فى تركيا زكريا العادلى، أحد رجاله لمقابلة الضابط صبحى طوقان، المرافق الدائم للملك الأردنى «طلال بن عبدالله» فى المستشفيات التركية، للاستفسار منه عن الأحوال الصحية للملك المخلوع. كان «طلال» يقيم وقتئذ فى مستشفى للولادة بمدينة «استانبول» للعلاج من مرض عصبى فرض نفسه منذ اللحظة التى اغتيل فيها والده الملك «عبدالله» يوم 20 يوليو 1951، بعد تأسيسه لإمارة «شرق الأردن» وحكمها منذ يوم 21 إبريل 1921، قررت الحكومة البريطانية التى تدير الأردن أن يكون «طلال» هو خليفة أبيه، وحسب مذكرات «الملك طلال» عن «الزهراء للإعلام العربى - القاهرة» إعداد ممدوح رضا «نشرت على حلقات بمجلة روز اليوسف عام 1960»: «سافرت بعثة بريطانية كبيرة إلى الأمير طلال فى سويسرا، حيث كان يعالج فى إحدى مصحاتها، وأمضت معه أسبوعاً كاملاً، انتهت خلاله من تلقينه جميع تعليماتها، وعادت البعثة من لندن، ونودى بالأمير طلال ملكا يوم 6 سبتمبر عام 1951 وكان عمره وقتها 41 عاما «مواليد 26 فبراير 1909 وتوفى 6 يوليو 1972». وفى 11 أغسطس 1952 أعلنت الحكومة الأردنية تنازله عن العرش لابنه «حسين» من «مواليد 14 نوفمبر 1935» بعد أن طالبت زوجته الملكة «زين» فى خطاب وجهته إلى الحكومة بضرورة تنحية زوجها عن العرش والمناداة بنجلها الأمير حسين ملكاً، واستندت الحكومة على تقرير الطبيب الخاص بـ«طلال» الذى قال فيه: «إن طلال أصبح فى حالة لا تؤهله لتحمل أعباء الحكم، وذلك نظرا لسوء حالته الصحية وضعف قواه العقلية»، وجاء إلى القاهرة للعلاج، ثم انتقل إلى تركيا يوم 15 أغسطس عام 1953، ودخل مستشفى أمراض عصبية ونفسية، ثم أقام بمستشفى للولادة، وكان مرافقه وسكرتيره هو الضابط الأردنى الفلسطينى الأصل «صبحى طوقان».

شهدت المنطقة بعد ثورة 23 يوليو 1952 فى مصر تغيرات هائلة، وتصاعدت حالة المد القومى العربى، وبلغ ذروته بالوحدة بين مصر وسوريا يوم 22 فبراير 1958، وهو الحدث الذى دفع المخابرات المصرية إلى التفكير فى استثمار وضع «طلال»، ويشرحه تفصيلاً «عبدالفتاح أبوالفضل» فى مذكراته «كنت نائباً لرئيس المخابرات» عن «دار الشروق - القاهرة».

كان «أبوالفضل» ضابطاً فى المخابرات وتم إلحاقه بالسفارة المصرية بتركيا بعد العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 مستشاراً صحفياً فيها، وكانت تركيا فى هذا الوقت منطقة شديدة الحساسية لمصر، لأنها كانت إحدى دول حلف بغداد الذى يتبناه الغرب وأمريكا ضد سياسة التحرر الوطنى لمصر، وحسب «أبوالفضل» فإنه وأثناء عمله فى تركيا صدر إعلان فى أول مارس «مثل هذا اليوم 1958» عن قيام وحدة بين الدولتين العربيتين العراق والأردن، وكان هذا الإعلان فى ظاهره تحقيق وحدة عربية، وفى باطنه يحمل المناوأة للوحدة بين سوريا ومصر».

كان إعلان الوحدة بين العراق والأردن تحديدا يوم 14 فبراير، أما أول مارس فكان الإعلان عن إعداد «دستور الوحدة» وهو الوقت الذى أطلق فيه «أبوالفضل» عمليته المخابراتية نحو الملك طلال، حيث قاده تفكيره إلى اختطاف «طلال» من المستشفى، على أن يعلن بعدها بوصفه ملكا شرعيا للأردن، وأنه يرفض هذه الوحدة، وحسب أبوالفضل: «أبلغت رئاستى ووافقت على خطتى، وتعاونت مع الملحق العسكرى زكريا العادلى الذى أرسل أحد رجاله لمقابلة «صبحى طوقان» على أنه صحفى مصرى، وكان طوقان حاد الذكاء وبسرعة تجاوب معنا، ووافق على إخراج «طلال» وتسليمه لنا، وكان طلبه الوحيد أن يلجأ سياسيا إلى مصر».

يؤكد «أبوالفضل» أنه تم عقد الاجتماعات مع طوقان، وتم الاتفاق على كل التفاصيل، لكن العملية لم تتم بسبب إصدار مجلة «المصور» تحقيقاً موسعاً وبالصور أجراه «جميل عارف» يحتوى على تفاصيل حياة «طلال» وحارسه والمحيطين به داخل المستشفى، وتم ذلك فى زيارة قام بها عارف إلى استانبول، وحام حول المستشفى مستخدما «كاميرا» فيها «آلة تقريب».

أحدث النشر ضجة كبيرة، وحامت الشكوك حول «طوقان»، فسافرت الملكة زين إلى استانبول للوقوف على الحقيقة، وأمرت الحكومة الأردنية «طوقان» بالعودة إلى عمان، فخشى من تنفيذ هذا الأمر، فرتب «أبوالفضل» له ولأسرته الهرب من تركيا عبر الحدود مع اليونان، فى نفس الوقت الذى دخل فيه «أبوالفضل» اليونان، ليقابله فيها ويزوده بما يلزم من النقود وجميع ترتيبات السفر إلى مصر التى دخلها لاجئاً سياسياً، وأقام طوال حياته فى الإسكندرية، وهكذا فشلت خطة تهريب الملك طلال...!!
سعيد الشحات ..

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع