The Sunset Limited .. مباراة "بنج بونج" فكرية بين فيلسوف ملحد وعامل محطة كاثوليكي
رومانى صبري
السبت ٢ مارس ٢٠١٩
كتب – روماني صبري
يتبادر إلى ذهن كثيرين من محبي السينما ، أن الفيلم السينمائي الذي لم يعرض في عدد كبير من دول العالم ، والذي يخرج خالي الوفاض من المهرجانات العالمية ، هو فيلم مريض ، ميت ، على اعتقاد أن الفيلم الجيد والخالد هو من ينجح في اقتناص إحدى الجوائز العالمية .. هذا خطأ شائع للأسف ، وهناك أفلام أوروبية كثيرة لم تفز بأي جائزة عالمية أو محلية ، لأنها بعيدة عن مصطلح الأفلام التجارية ورغم ذلك أصبحت خالدة وكلما مرت عليها السنوات كلما صفعت القائمين على مهرجانات السينما على وجوههم ، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك ، منها على سبيل المثال ، فيلم اليوم " الغروب المحدود " .
والغروب المحدود فيلم أمريكي مستقل كتب له السيناريو كورماك مكارثي ،عرض في التلفزيون فقط ، حيث اعتبره حراس البوابة السينمائية الحمقى لا يناسب لغة السوق ، وعبارة عن مشهد واحد طويل يتجاوز آلـ 120 دقيقة بين شخصين فقط ، وأفلام المشهد الواحد غير محببة ، يصفها البعض بالمملة لذلك هي نادرة ، وقد يقول احدهم أنا لست مجنون لأقضي 120 دقيقة لأشاهد فيلم عبارة عن مشهد واحد طويل داخل غرفة مثل هذا الفيلم ، لن يستطيع المونتاج إنقاذه ، ولا حتى الصورة الجيدة ، و المؤثرات ! .
ويتحدث الفيلم عن بروفيسور( تومي لي جونز- بطل ومخرج الفيلم ) انطفأ نور الرب داخله ، جراء حروب وصراعات العالم والمجاعات ، والأسئلة الوجودية ، باحثا عن العدم ، عل يجد به راحته ، ويرى البروفيسور أن العدم لن يتحقق ألا بالانتحار ، فيقرر إلقاء نفسه أمام إحدى القطارات ، لكن تنتهي محاولته بالفشل ، حيث ينقذه عامل في المحطة ( صامويل آل جاكسون) قبل وصوله إلى حلمه ، كما يعتقد ، وهذا العامل الشخصية الثانية .
ويمثل عامل المحطة ، الإنسان الخاطئ ، الذي يعود إلى الله بعدما يجد في الإنجيل راحته ، بعد سنوات طويلة قضاها في عالم الجريمة ، فيتحول الفيلم إلى مباراة "بنج بونج" ، بين بروفيسور ملحد يريد الانتحار ، ورجل مؤمن يريد إنقاذه من خطر الانتحار ، فيوصد باب غرفته الكائنة داخل المحطة جيدا ، حتى لا يتمكن أخيه الملحد ، من الفرار وإلقاء نفسه تحت عجلات القطار مرة أخرى .
يخوض البروفيسور بروحه الميتة التائهة ، وأنفاسه المتصارعة ، وعينه الهزيلة ، حربا فكرية شرسة مع عامل المحطة ، كل منهما يعتمد على إيمانه الداخلي ، عامل المحطة يرى في الإيمان الحل لكل شيء ، والبروفيسور يرى أن الظلام حط رحاله داخله ولن ينقذه شيء إلا الانتحار، وينتهي الفيلم نهاية محبطة ومفزعة في إشارة إلى أن الحياة ستظل تعسة طالما المادية والحروب تسيطر عليها ، رغم أن الإنسان يعد المخلوق الوحيد الذي يقضي الكثير من الوقت للدفاع عن أرائه ومعتقداته .