بقلم / عزت بولس
تأخذ نظريه "المؤامرة" حيز كبير من ثقافة وتفكير الشعوب العربية، بل و تعتبر من الظواهر المثيرة للتفكير حاليًا بالعالم العربي، حيث أن تلك النظرية هي "ملجأ "أمن للضعفاء نفسيًا وفكريًا تؤمن لهم الهروب من "المواجهة" مع الواقع وما يحمله من صدمات. كما أن نظرية " المؤامرة" بالمجتمعات المغلقة العربية تعد وسيلة فعالة لتحقيق "الشهرة" على نمط " خالف تعرف".
الجمود والثبات الفكري أحد أبرز مخاطر نظرية " المؤامرة" بتصوري، ذلك لأنها تجعل صاحبها غارقًا في الأوهام معتقدًا بضلالات " الحقيقة المطلقة"، مهاجمًا إلى حد الوقاحة لكل رؤية مغايرة لأوهامه.
في أيامنا الحالية نعيش نظرية "المؤامرة" فيما يتعلق بجريمة استشهاد الأنبا إبيفانيوس رئيس دير أبو مقار، وقبل أن أتطرق بالتفصيل لتلك الحادثة، أرصد أشهر نظرية مؤامرة تداولت في العالم العربي والإسلامي خلال العقود الماضية.
بعد الهجوم على ناطحتين السحاب في 9 سبتمبر 2001 , بدأت حمله تشكيك كبيره في محاوله ل ابعاد الاتهامات عن مرتكبي الهجوم وعن قائد القاعدة "اسامه بن لادن"، و توجيه الاتهامات الى الصهيونية العالمية والمخابرات الأمريكية، ومروجي تلك الخرافة كانوا ومازالوا غير عابئين باعتراف "اسامه بن لادن" نفسه ب التخطيط للهجوم على البرجين ،بل وتحديد هويه الإرهابيين العرب المشتركين في الهجوم. فعلى الرغم كل هذه الأدلة، واصل الموهومين بنظريه "المؤامرة" في البحث ضلالات لأثبات صحة ادعائهم، عبر إنكار يصل الى حد السذاجة لحقائق يصعب بل يستحيل تصديق غيرها.
وبالرجوع الى حادث استشهاد الأنبا إبيفانيوس رئيس دير أبو مقار، نجد البعض ممن يعتقدوا بنظرية " المؤامرة" غير مُصدقين لنتائج التحقيقات التي تُثبت بما لا يدع مجالا للشك قيام المتهمين من الرهبان بجريمة القتل بحق الأسقف. فعلي الرغم من الاعتراف الواضح الصريح لأحد المتهمين بالجريمة وتفصيلاتها الدقيقة، إلا أن هناك من يرفض الاعتراف ذلك، ليس لعيب بسير التحقيقات أو لسبب منطقي يقبله العقل إنما لأسباب مرتبطة بالخوف، الخوف من مواجهة فكرة أن الرهبان بشر مثلنا تحت الضعف البشري، ومنهم من يخطأ ويبتعد عن روح البتولية والاستغناء عن العالم كأسس للرهبنة.
المسيحية دين يدعو للتسامح والارتقاء بالإنسان عن الضعف البشري والخطايا المرتبطة بذلك الضعف الذي نُولد به، لكن علينا أن نفهم أن خطأ أحدهم مهما كانت مكانته الدينية بالمسيحية لا يعنى أن الدين فقد شيئًا أو اهتزت قيمه، بل على العكس تمامًا لكل فرد مهما علا مسؤوليته الفردية عما يفعل، والله ذاته سيحاسب كل فرد بمفرده على نحو أعماله هو فقط.
وبالمقارنة بين ما حدث في 11 سبتمبر 2001، ورفض المتأسلمين وبعض العرب للاعتراف بحقيقة من قام ودبر لتلك الفاجعة خوفًا على الدين الإسلامي من وصمة الإرهاب نجد الأن بعض الأقباط لا يعترفون بالحقيقة في استشهاد الأنبا إبيفانيوس خوفًا على قيم الدين المسيحي من وصمة الجريمة والفشل. في حين أن الأخطاء من البشر لا يسيء للعقائد الدينية بل يؤكد على ضعف البعض أمام شهواتهم، سواء كانت شهوة المال أو الجنس أو شهوة الدم والقتل.
كل ما ارجوه أن نكون على درجة من الشجاعة مع أنفسنا كأقباط، ولا ندع الخطية أو الخاطئ تزعزع إيماننا، والله قادر على قبول توبة كل إنسان حتى لو كان قاتلا زانيًا. علينا أن نقف صفًا واحدًا خلف قداسة البابا تواضروس الثانى،فكل التقدير لشجاعته في عبور الأوقات الصعبة التي تمر بها كنيستنا الحبيبة.