الأقباط متحدون - كيف يتحرك العمل الإخواني المسلح في مصر؟
  • ١٤:١٢
  • الاربعاء , ٦ مارس ٢٠١٩
English version

كيف يتحرك العمل الإخواني المسلح في مصر؟

مقالات مختارة | ماهر فرغلي

١٩: ٠٤ م +02:00 EET

الاربعاء ٦ مارس ٢٠١٩

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 سطا القطبيون في جماعة الإخوان تدريجياً على التنظيم، وحاولوا بعد العام 2012 بسط نفوذهم على كامل الدولة المصرية، وفشلوا في التحول من حركة معارضة إلى سلطة حقيقية تقف في المنتصف بين أطياف الشعب، وانتهت تجربة الجماعة بعزل رئيسها، محمد مرسي، ثم اعتصامها في ميدان رابعة العدوية، والتناغم الذي حدث في الميدان بين كلّ صنوف الجماعات، بمن فيها السلفية الجهادية مع عناصر الجماعة، ثم فضّ الاعتصام بالقوة، لتطرح الجماعة بعدها عدة مشاريع، كان أهمها ما يسمى بـ"المقاومة الإيجابية" أو النوعية، واعتماد الردود على السلطات القائمة أن تكون مفتوحة وبدون سقف، وتغطية هذه الأعمال باسم "المسار الثوري"؛ الذي يشمل: "تعطيل أجهزة الدولة ومؤسساتها"، و"الفعل الثوري المبدع"(1).

 
جماعة الإخوان بدأت تحول هيكلها عقب عزل مرسي فقسمت التنظيم إلى: عمل جماهيري وعمل دعوي واستقطابي وعمل نوعي
 
"الفعل الثوري المبدع" ابتكره القيادي المقتول، محمد كمال؛ وهو أستاذ في جامعة أسيوط، في كانون الثاني (يناير) 2015، حينما دعا إلى اجتماع لمناقشة سيناريوهات ذكرى الثورة، أقرّ فيه أهمية تحول الجماعة لاستخدام العنف كخيار إستراتيجي، واعتمد مجموعتين جديدتين لتبنّي هذه الإستراتيجية، هما: العقاب الثوري[2]، وجبهة المقاومة الشعبية، وبعد القضاء عليهما، أصبح للجماعة مجموعة "حسم"، و"لواء الثورة".
 
تزامن ذلك مع التوافق بين أجندة بعض الدول، ومنها تركيا، مع الجماعة فكانت هي الحاضنة لما يجري، كما تزامن مع دراسة أعدها المركز الدولي للدراسات السياسية التابع للجماعة في بيروت، التي خلصت إلى أنّ مسار الصراع الكامل ستنهزم به الجماعة، وأما مسار الصراع الجزئي فيمكن تطبيقه، عن طريق وسائل متنوعة منها: الثغرات المؤلمة (3).
 
الأهمّ؛ أنّ الجماعة، بكامل تياراتها وصنوفها، أقرت بما جرى، وأعطت فرصة لمحمد كمال وفريقه، أن يكملوا إستراتيجيتهم مع النظام، فلما شعروا بفشل الخطة، ظهر محمود عزت، وبدأت التموجات حول الإستراتيجيات بين الفريقين، وحول قضايا عديدة أهمها شكل إدارة الجماعة ولوائحها، والقيادات القديمة ومسؤوليتها.
 
جماعة الإخوان بدأت تحول هيكلها عقب عزل مرسي، فقسمت التنظيم إلى: عمل جماهيري وعمل دعوي واستقطابي وعمل نوعي، وتم إنشاء مكتب القيادة العامة بدولة تركيا، الذي ضمّ ممثلين عن الجماعة بجميع دول العالم، ويختص بوضع السياسة العامة للجماعة، دون التقيد بمصالح الدول، واضطلاع جماعة الإخوان بتكوين مؤسسات اقتصادية وإعلامية بدولة تركيا، ينتهي إنشاؤها بنهاية العام 2017، لتكون مصدر دعم مادي ومعنوي لتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى إسقاط النظام المصري بنهاية العام 2020.
 
 
من ناحية العمل النوعي؛ فقد تمّ إعداد إستراتيجية العمل النوعي المسلح، تحت خطة أطلق عليها: "القيادة العامة للجان الحراك المسلح"، اعتمدت على المناهج الجهادية، وأخذت الهيكل التنظيمي نفسه للحرس الثوري الإيراني، وطبقته حرفياً، وكان فيها دورات تدريبية في تصنيع المتفجرات، والتعامل مع المحققين، وتكنولوجيا المعلومات، مثل: "التزوير، الطباعة، التنكر، المونتاج، مقاومة التحقيقات"، وقسمت مصر لعدة قطاعات جغرافية رئيسة تتكون من مجموعه من الوحدات، والخطوط العملياتية، وتضمّ عناصر حركية تختص بـ(الرصد، التنفيذ، التصنيع، التنكر)(4).
 
تمّ تكليف عدد من قيادات المكاتب الإدارية، ومنهم محمد عبدالرؤوف، واسمه الحركي "الدكتور"، بقيادة المجموعات النوعية المسلحة؛ حيث تمّ تقسيمها إلى مجموعتين، هما: العقاب الثوري، والمقاومة الشعبية، وساعتها وضع الموقع الرسمي للإخوان بمصر، البيان التأسيسي للمقاومة الشعبية على صفحته الرئيسة.
 
بعد فترة من الوقت؛ قام الهارب يحيى موسى بتشكيل عدد من المجموعات المعقدة غالب عناصرها من طلاب الأزهر، الذين كانت لهم علاقات مباشرة معه أثناء عمله بجامعة الأزهر، وهي المجموعات التي كان أهم عناصرها: محمود ومحمد الأحمدي، وأحمد الدجوي، وأحمد محروس، وأبو القاسم الأزهري، الذين اغتالوا النائب العام السابق هشام بركات(5).
 
هشام بركات وسقوط مجموعات يحيى موسى
احتجزت السلطات المصرية بمطار القاهرة أحد الأشخاص، وتزامن هذا مع القبض على أحمد الدجوي، عقب اعتراف من صاحب السيارة المفخخة، التي تمّ بها تفجير موكب النائب العام هشام بركات في 29 حزيران (يونيو) 2015، حول من اشتراها منه، والمكان الذي التقاه به، وكان الأول اشتراها ببطاقة أخذها من أحد مكاتب البريد بحجة أنّها لزوجته!
 
"الفعل الثوري المبدع" ابتكره محمد كمال في 2015 حينما دعا إلى اجتماع لمناقشة سيناريوهات ذكرى ثورة يناير
 
الدجوي اعترف على محمود الأحمد، قائد الخلية، وبدوره أوصلهم إلى أبو القاسم الأزهري، الذي كان يقوم بتصوير العمل الإرهابي.
 
كما تمّ القبض على محمد الأحمدي عقب فشل العملية التي قام بها هو وخليته في مدينة أبو كبير بمحافظة الشرقية؛ حيث انفجر "موتوسيكل" باثنين من الجماعة، وكان شقيقه محمود هو من أعدّ دارة التفجير، التي انفجرت بشكل خاطئ، دون أن يعلم محمود أنّ شقيقه أيضاً عضو باللجان النوعية المسلحة.
 
محمود الأحمدي من أبو كبير بمحافظة الشرقية، انضم للإخوان العام 2012، على يد أخيه محمد القيادي بأحد المكاتب الإدارية للتنظيم، وانضمّ لما يسمى لجان الإرباك؛ التي تسير بالمظاهرات، وكانت تحرق محطات الكهرباء.
 
تحوّل محمد بأوامر من الجماعة من لجان الإرباك إلى مجموعة مسلحة، واعترف بأنّ هذه المجموعات بعضها تشكل بمبادرات فردية، وأخرى بأوامر مباشرة، وبعدها تم تسفيره إلى قطاع غزة ليتلقى تدريبات خاصة على يد أكثر من عنصر، ومنهم أبو عمر، على عمل المتفجرات، وحين عاد أمر بتدريس ما حصل معه لباقي المجموعات(6).
 
في مدينة 6 أكتوبر؛ التقى زميله بجامعة الأزهر، أبو القاسم السيد الأزهري، وكانا يتواصلان مع يحيى موسى، عبر موقع التواصل (لاين)، وساعتها حوّل لهم مبلغ 200 ألف دولار بواسطة زميلته بالأزهر، بسمة رفعت، وأخبرهم أنّ أحمد محروس هو من سيعدّ دارة التفجير.
 
الضابط السابق بالقوات المسلحة، المتعاطف مع الجماعة، وزوج بسمة رفعت، هو من أوصل الأحمدي وأبو القاسم، واعترفا له أنّهما سيغتالان النائب العام، وكان سيبلّغ عنهما، لولا ظنه أنهما سيفشلان في ذلك.
 
محمد الأحمد؛ اعترف أنّه التقى أحمد الدجوي من قبل، وأنه استهدف كمين أبو كبير بالشرقية، وأنّ لديهم أدبيات تعلموا منها، ومنها بعض القصص القصيرة، التي تتحدث عن الجهاد، من تأليف عناصر بالجماعة.
 
أما أبو القاسم؛ فذكر أنّهم تعرضوا لعمليات نصب كبيرة أثناء الحصول على المواد المتفجرة، وجوازات السفر المزورة، ومنهم: خال أحد العناصر، الذي خدعهم وحصل في إحدى المرات على 8000 جنيه.
 
لواء الثورة
كانت مجموعات يحيى موسى تعمل بشكل خاص معقد ومنفصل عن مجموعات محمد كمال الذي تمّ قتله؛ لذا حين تمّ اغتيال النائب العام، أصدر المتحدث باسم الجماعة، محمد كمال، يستنكر عمليات القتل، لكنّه أرجع ما يجري للدولة، والمجموعات المنفذة هي التي تضحي بها الآن القيادة التاريخية وتقوم بالإبلاغ عنها وتسليمها، مثل محمد عبد الحفيظ، الذي تمّ تسليمه لمصر مؤخراً!
 
بعد فشل إستراتيجية محمد كمال ظهر محمود عزت وبدأت التموجات حول الإستراتيجيات بين الفريقين وشكل إدارة الجماعة
 
سقطت مجموعات يحيى موسى فكلفت الجماعة علاء علي السماحي (36 عاماً، من محافظة الغربية مصر) بالإشراف تنفيذياً على المجموعتين الجديدتين، وهما: (لواء الثورة، حسم)، وكان يصل السماحي 100 ألف دولار شهرياً، قبل أن يفرّ إلى إسطنبول أيضاً.
 
خطة العمل المسلح كانت كالتالي: مجموعات (إسناد حراك شعبي قوي)، وذلك لو حدثت مظاهرات، ومجموعات (تيارات المواجهة) التي ستقوم بعمليات متعددة ضدّ أفراد الجيش والشرطة المصرية، واغتيال القضاة، وضباط قطاع الأمن الوطني، ثم عمل بيانات إعلامية بمسميات متعددة، ودعم حركات أخرى، مثل (ولاية سيناء)، بهدف إظهار الدولة المصرية في صورة ضعيفة، ثم مجموعات (حسم المناطق)؛ أي السيطرة على منطقة في صعيد مصر، ثم التوسّع شمالاً.
 
تنقسم مجموعات حسم إلى: قسم في الشمال، وقسم في الجنوب، وقسم مركزي بالقاهرة وضواحيها، وأما مجموعاتها فتنقسم إلى العمل النوعي المبتدئ، ومجموعات العمل النوعي الحرّ، ومجموعات العمل النوعي الخاص، والأخيرة كان أحد مسؤوليها هو أحمد عاطف عمار.
 
و"حسم" عبارة عن مجموعة من الغرف، كلّ واحدة منها، تتكون من 3 وحدات، كلّ وحدة تتكون من 3 خطوط، وكلّ خطّ يتكون من مجموعات للرصد، وتصنيع المتفجرات والتنفيذ، وهذه هي الصعوبة التي تواجه الأجهزة الأمنية لملاحقتها؛ إذ إنّ هذه الغرف تتشكل عبر مواقع التوصل، ولا يقبلون بها أيّ عنصر إلا بتزكية من عضو إخواني.
 
أما خطتها؛ فكانت عبارة عن ثلاث مراحل: أولها تأهيل عناصر مجموعات العمل النوعي وتدريبها خارج البلاد، وثانيها تشكيل تيار سياسي معلن من القوى السياسية الرافضة لما أسموه بـ"الانقلاب العسكري"، لإحداث حالة من الحشد الشعبي ليؤدي إلى ثورة شعبية تصل إلى إسقاط النظام الحاكم، وثالثها: السيطرة الأمنية والإدارية على إحدى مناطق الجمهورية(7).
 
لم تنتهِ حسم بعد
انتحاري الأزهر واستمرار حسم
لم تنتهِ حسم بعد؛ ففي يوم 15 شباط (فبراير) الماضي، استهدف عنصر كميناً شرطياً بجوار مسجد الاستقامة بمحافظة الجيزة المصرية، وبعدها بأسبوع توصلت الأجهزة المختصة له في منزل مهجور بمنطقة الدرب الأحمر خلف الجامع الأزهر ، لكنه فجر نفسه بالقوة الأمنية قبل القبض عليه.
 
وهذا الانتحاري، يحمل الجنسية الأمريكية، وكان قد احتجز على ذمة إحدى القضايا التي تتعلق بجريمة قتل، وخرج منذ 3 أشهر فقط، وهو يدعى الحسن عبد الله، وعمره 37 عاماً، وينتمي لعائلة ثرية تسكن في منطقة مصر الجديدة، ووالده يعمل طبيباً ويقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض أفراد عائلته حاصلون كذلك على الجنسية الأمريكية.
 
شارك الانتحاري في اعتصام الجماعة بميدان رابعة العدوية، وكان مسؤولاً، في البداية، عن عمليات الرصد لمجموعات لواء الثورة وحسم، وحاول السفر إلى سيناء، وفشل وعاد مرة أخرى، وكان يتلقى تكليفاته عبر تطبيق "تلغرام".
 
في الوقت الذي تستمر فيه مجموعات حسم الشاردة في العمل النوعي المسلح، فإنّ جسم الجماعة الحالي أصبح مضطرباً بالفعل؛ فهناك خليط من الأفكار القطبية، التي أطلقوا عليها (الثورية)، ومجموعة من القيادات تمّ عزلهم، وفقدوا مناصبهم داخل الجماعة، فارتدوا عباءة المصلحين، وتيار من التشدد في العنف والانفصال عن الواقع والصدام المتواصل والعمليات المسلحة.
نقلا عن حفريات
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع