الأقباط متحدون | في بيتنا ساعي بريد
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:١٥ | السبت ١ اكتوبر ٢٠١١ | ٢٠ توت ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٣٣ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

في بيتنا ساعي بريد

السبت ١ اكتوبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: سحر غريب

جلس يفكر ويفكر، ثم قالها صريحة واضحة: "عاوز لما أكبر أكون ساعي بريد".. قالها الأستاذ ثم صمت، وارتسمت على وجهه علامات الفخر والسعادة والراحة، وتركنا نضرب كفًا بكف على حرصنا على تعليمه وتفوقه.

 

 

بلعتها في قلبي وصمت، لم أنطق، فقد ألجمتني المفاجأة، فقد كنت أتوقع منه، وهو دودة الكمبيوتر، أن يقول إنه يريد أن يصبح ساعيًا للإيميل لا للبريد، فالبريد موضة قديمة عفى عليها الزمان وتوشك على الاختفاء.

 

 

إن افتكاسة ساعي البريد التي نكدت علينا في البيت جميعًا كانت فكرة ابني الكبير ذو التسع سنوات، الذي أراد أن يرسل إلي بيت صديقه رسالة، فكتبها وقرَّر أن يصبح ساعيًا للبريد ليوصلها له بنفسه خوفًا من ضياعها!! فين عيال زمان؟ كنت تسأل الطفل ذو الثلاث سنوات عن مهنته المستقبلية فيرد دون تردد: دكتور، أو حتى مهندس، لكن "ساعي بريد" فإنها حقًا مهنة جديدة.

 

 

أعترف بأنني لو كنت أعيش في إحدى الدول الأوروبية، لاختلف تفكيري وتغيَّر ثلاثمائة وستين درجة، وحتى لو اختار ساعتها طفلي أن يكون بائعًا للبليلة لاحترمت رغبته وساعدته على تحقيقها.

 

 

فالدول هناك تحترم كل صاحب مهنة شريفة، وتوفر الدولة للجميع العلاج المجاني والمنازل الصحية والتعليم الملائم للجميع، أما في بلادنا النامية، فالدولة مازالت تذل أنفاس شعبها حتى تحقق له أدنى درجات الإنسانية.

 

 

نحن نعيش في "مصر".. بلد لا يعترف إلا بخريجي كليات معينة، معظمها كليات قمة، وإلا فإنه لن يجد ببساطة احترامًا معقولًا من الأوساط التي يتعامل معها، وسيُعامل على أنه أقل درجات من نظيره خريج كليات القمة!!.

 

 

وبالطبع سأنتظر ساعي البريد القادم وأستجوبه؛ لأعرف كيف يعيش في بلدنا وهو ساعي بريد، لأعرف مستقبل طفلي المُشرق..




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :